بين ضجيج موقف المتعصبين المؤيدين لابن لادن ولمنهجه في التغيير من جهة، والرافضين لذلك من جهة أخرى، بين هذا وذاك، يكمن الموقف الأقرب إلى الوسط والحق. وبين المبالغة بالانشغال بشخص ابن لادن الذي توارى عن الأنظار، فإننا قد ننسى في زحمة العواطف الجياشة، أن الأهم هو الانشغال بفكر ابن لادن الخاطئ المتمثل بمنهج تنظيم القاعدة في التغيير وكيفية مواجهته والتصرف معه.
فكون فكر ابن لادن مسؤولاً عن موت كثير من المسلمين لا يجعله كافراً، فمجرد قصد القتل للمسلم بالتأويل لا يُخرج صاحبه من الملة، كما أن كون ابن لادن قد حارب وجاهد الكفار لا يعصمه ذلك من الخطأ، ولا يجعل أخطاءه معفو عنها، خاصة الأخطاء التي تتعلق بحقوق العباد (الدماء)، فهذه لا يمكن العفو عنها إلا بإذنٍ من أصحابها.
لذلك فلا نقطع لابن لادن بالشهادة التي علمها عند الله وحده، ولا بالزندقة أو الكفر للكبائر التي اقترفها، بل هو مسلم له من الحسنات الكثيرات وخاصة لتوحيده ولصلاته وصيامه وجهاده ضد الملحدين الشيوعيين، وله من الذنوب الكبيرات بسبب قتاله للمسلمين وقتلهم. لذا فنترحم على ابن لادن، عسى الله ان يكثر حسناته ويعفو عن سيئاته، فنرجىء بذلك مآله الى الله تعالى يوم القيامة، إن شاء غفر وأن شاء عذب. ولكن الموضوع الجوهري ليس هو الحكم على ابن لادن يوم القيامة، بل بتعقب أفكاره ومحاربتها وتفنيد شبهاته التي بنى عليها أفعاله المخالفة للشريعة، والتي أساءت لسمعة الاسلام وللمسلمين، فنكون بذلك قد أدينا ما علينا بلا إفراط ولا تفريط.