ربما أخطأنا… نبوءة 2022 هل هي زوال إسرائيل أم شيء آخر؟

لطالما كنت ولا أزال متشوقاً لهذه النبوءة، وأياً تكن حقيقتها، فقد أصبح من الواضح – الآن في سنة 2021 – أنه بالفعل هناك شيء ما يلوح في الأفق، لكن ما هو بالتحديد؟ ماذا لو أن المسؤولين الإسرائيليين والدوليين الذي ألمحوا لزوال إسرائيل قريباً كانوا يهدفون لخداعنا؟

لن نتحدث في هذا المقال عن المؤشرات الدولية الظاهرية لتأييد الشكوك بزوال إسرائيل سنة 2022، ولكن وبالعودة لكتاب “زوال إسرائيل 2022 نبوءة أم صدف رقمية“، وجدت احتمالاً آخر في تفسير الآيات القرآنية في سورة الإسراء من زاوية أخرى، والتي اعتمد عليها الباحث الشيخ بسام نهاد جرار في طرحه لنبوءة أو نظرية زوال إسرائيل سنة 2022.

فاذا افترضنا أن الأرقام كانت صحيحة، فما الذي يؤكد بالضرورة أن المعنى الذي تشير إليه الأرقام هو زوال إسرائيل وليس مثلاً توسعها وانتصارها؟ أو إلى شيء آخر مختلف.

المقاومة أم عملية السلام؟

سواءٌ كان الأمر عند الإسلاميين من مؤيدي المقاومة وحركة حماس أم عند غيرهم من مؤيدي عملية السلام، فإن هذه النبوءة/النظرية هي أطروحة محايدة ولا علاقة لها من حيث الأصل باقتراح طريقة معينة أو شكل معين لزوال إسرائيل المفترض بحسبها، وبرغم أن الشيخ بسام جرار كان ولا يزال من مؤيدي المقاومة وحركة حماس، إلا أن محتوى بحثه في النبوءة غير مبني هذا التوجه الفكري والسياسي، ويمكن لمؤيدي حل القضية الفلسطينية عبر عملية السلام أيضاً أن يتبنوها، رغم أن جميع الطرق إلى عملية السلام وحل الدولتين أقد أغلقت تقريباً أو بالأحرى تماماً.

كما لا يصلح الحديث عن تطور قدرات حماس العكسرية مؤخراً بأنها مؤشر كافٍ لوصولنا إلى مرحلة قرب زوال إسرائيل، مثلاً شن عبر حرب كاسحة كبرى بمساعدة إيران وحزب الله! فهذه من أكبر الأوهام، إذ لا يمكن لقتلة الشعوب الإسلامية أن يساعدونا حقاً في تحرير المقدسات والأرض الإسلامية، كما أن الحديث عن قدرات حماس لوحدها من زاوية اقترانها بالإيمان بنصر الله كما في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم هو أيضاً أمر بعيد، ليس فقط لأن العتاد العسكري قليل، بل لأن العتاد الإيماني لدى حركة حماس لا يصل ولا يقترب من الحد الأدنى لاستحقاق النصر مع قلة العدة المادية، لأن تحالفهم مع إيران عدوة الإسلام و أصحاب عقيدة تكفير الصحابة يتناقض مع قوة الإيمان بالله والثقة بنصره!

انتصارات محتملة على يد الجيوش والدول العربية

من زاوية نظر أخرى، من المحتمل أن تتمكن الدول العربية المعتدلة حرباً أو سلماً من تحقيق شيءٍ ما بغض النظر عن رأي الجمهور العربي السائد، لأنه جمهورُ معبّأ مسبقاً بالأفكار السياسية اليسارية، فعلى سبيل المثال، عندما تمكن الجيش المصري في حرب أكتوبر رمضان سنة 1973 من إحراز نصر حقيقي وكبير ضد إسرائيل وتحرير معظم سيناء، وهو الاختراق الأول من نوعه، كانت وسائل الإعلام اليسارية بالمرصاد في تصوير هذه الانتصارات الحقيقية على أنها خيانات وهزائم! في مقابل تصوير هزائم عبد الناصر المخزية على أنها انتصارات!

لكن في 2022 لن يهمنا هذا الدجل كثيراً، لأن سنة 2022 قد تكون فعلاً حاسمة، وإذا حصل مثل ذلك بالفعل – أي حصل انتصار أو اختراق بوسائل عسكرية أو سلمية – من قبل الدول العربية المعتدلة، فلن يسع أحد إنكار ذلك، نظراً لطول مدة ارتباط هذه السنة 2022 بالنبوءة وطول مدة انتظار الناس لها، بل إذا حصل ذلك ستكون مفاجأةً تاريخيةً مذهلة ومدوية.

إلا أنه لماذا يظل من الممكن التشكيك بها؟ أي نبوءة 2022؟ ليس الأمر فقط بسبب غياب ظاهري للمؤشرات دولية، لأن المؤشرات المخفية على تفاقم مشكلة إسرائيل أهم وأكبر، ولكن أيضاً بسبب سكوت إسرائيل عن انتشار النبوءة، بالإضافة لتعاظم ظاهرة الحركات والأنظمة التي تساعد إسرائيل على التوسع عبر شن الحروب الخاسرة والمقاومة، مثل ما فعل عبد الناصر وحافظ الأسد في حرب 1967، فهي تفعل مثلهم تشن حروباً خاسرة ثم تعلن النصر الوهمي وتحتفل به!

وجهة نظر أخرى في نفسير معنى النبوءة

نأتي الآن إذا ذكر كيف أن التفسير قد يكون مختلفاً قليلاً عن تعبير “زوال إسرائيل” الذي هو تعبير حادّ وقاطع، كما يبدو أنه جذاب، فالآيات التي بُنيت عليها النبوءة تتحدث عن دخول المسجد الأقصى “وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة” وهذا لا يتضمن بالضرورة زوال لكامل إسرائيل أو لإفساد بني إسرائيل، إلا حينما يتبعه – وربما يكون في وقت لاحق – الوصف التالي “وليتبروا ما علو تتبيراً”، مما يرجح أنها تعني فقط قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وهو أمر مقارب لما حصل عملياً بعد معركة حطين في زمن صلاح الدين، حيث تحررت القدس وما حولها فقط، وبقي الشريط الساحلي تحت سيطرة الاحتلال الصليبي لحوالي مئة سنة لاحقة.

فهنا ينبغي الانتباه إلى أن النبوءة بما يخص 2022 تشير لتحرير المسجد الأقصى وبداية زوال إسرائيل أكثر من كونها تشير لزوال كامل ومباشر لإسرائيل، مع عدم استعباد حدوث ذلك لاحقاً، فالواقع والتاريخ يخبرنا أن مثل هكذا أمور عظيمة تأخذ وقتاً أطول بكثير لتحصل، إلى سنوات وعقودٍ من الانتصارات المتراكمة، وهو أكثر من الوقت المتبقي على 2022 الذي أقل من سنة على تاريخ كتابة المقال، إذ إن إسرائيل دولة قائمة بالفعل وقوية اقتصادياً وعسكرياً رغم ضعفها الاجتماعي وزيف شرعيتها، لكن يظل باستطاعتها في أسوأ الأحوال الحفاظ على بعض المكاسب في المفاوضات، وبقية عملية زوالها تأتي مع الزمن وليس دفعة واحدة في سنة 2022. وأعتقد أن مجرد نجاح صفقة سلام أدت مثلاً لقيام دولة فلسطينية وأصبح المسجد الاقصى متاحاً للمسلمين فقد تحققت النبوءة مبدأياً، والباقي آتٍ على الطريق مع الزمن.

كما أن من المؤشرات التي تساعدنا في هذا التحليل ولكن نحو سيناريو آخر، هو حل الدولة الواحدة، إذ يقول بعض المراقبين بأن فشل حل الدولتين سيلزم إسرائيل باللجوء مكرهة إلى حل الدولة الواحدة، وهو بالتالي يلغي يهودية الدولة الإسرائيلية، فتصبح إسرائيل دولة لجميع مواطنيها من يهود ومسلمين ومسيحيين، وقد بدأت المؤشرات الجديدة على بدء حدوث ذلك، حيث لم يتم تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلا بتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين من ممثلي مناطق عرب 48، وبهذا لا نستعبد أنه إذا انحلت السلطة الفلسطينية ساوجد أيضا مشاركات بشكل واسع من حركتي حماس وفتح في تشكيل الحكومات الإسرائيلية، مما يعني أننا أمام واقع ودولة جديدة مختلفة كلياً، ونهاية لدولة معنويةً لإسرائيل بشكلها المعروف إلى الأبد، ولكنها أيضاً ليست النهاية بالشكل التقليدي الذي كنا نتخيله!

الخاتمة

نعم بهذا الشكل أو بذاك، أو بسيناريوهات عسكرية مختلفة ربما، يكون من المعقول جداً أن تكون سنة 2022 سنة نبوءةٍ حاسمة، فحلّ القضية سلمياً قد صار مطروحاً لمدة من الزمن أكثر من 30 سنة بكل الطرق، ولكن تصرّ إسرائيل على التهرب منه وإفشاله دوماً، فإذا كان تخيل زوال إسرائيل غير معقول، فليس معقولاً أن لا يكون الحل السلمي قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، وبهذا الشكل وليس بصواريخ حماس البسيطة، ولا بحرب إقليمية جنونية كبرى، ولا بفكرة زوال إسرائيل نهائياً، يمكن القول بأن نبوءة 2022 معقولة جداً، بل أكثر من معقولة.

زاهر طلب

20/6/2021

Scroll to Top