رغم مثالية الظروف الصعبة جدا في سوريا لقيام ثورة شعبية كبرى عارمة تشمل كافة المدن والطوائف والشرائح الشعبية، وتستحق دعما عربيا ودوليا غير مسبوق، ورغم أن الثورة اندلعت فعلا وبقوة شعبية كبيرة، إلا أن الجميع يلاحظ بطء نسبي في تقدم الثورة السورية على كثير من الأصعدة، ابتداء من بعض فئات ومناطق الشعب السوري، مرورا بتردد تغطية وسائل الإعلام في البداية، وانتهاء بضعف مواقف الدول العربية والغربية تجاه ثورة الشعب السوري رغم مآسيها وعذاباتها الكبيرة، فما هي الأسباب؟ وبماذا تختلف ثورة الشعب الليبي مثلا ولماذا قاموا بدعمها ولم يدعموا هذه حتى الآن؟ لا يمكننا معرفة كثير من الأسباب لكن سنحاول تسليط الضوء على ما أمكن معرفته منها لمعالجتها.
في تحليلات بعض المراقبين فإن من أهم أسباب الصمت العربي هو أن هذا النظام السوري نظام إرهابي منظم له أذرع إرهابية إقليمية تمتد في المنطقة العربية ابتداء من حزب الله في لبنان، وبهذا يكون النظام السوري قد أقام جبالا جليدية من الخوف ليس فقط عند الشعب السوري ولكن أيضا عند الدول العربية والغربية، وهذا الجدار هو من أهم أسباب بطء تحرك الشعب السوري وهو سبب امتناع الدول العربية حتى الآن عن دعم الثورة بشكل صريح، لكن بالنظر إلى حقيقة تهاوي هذا الجدار الأسطوري تدريجيا عند فئات كثيرة من الشعب السوري، يمكن توقع أيضا انهياره لدى الجميع، لكن يبدو أنه سيأخذ وقتا، والدول العربية وجامعة الدول العربية ستجد نفسها تؤيد ثورة الشعب السوري عاجلا أم آجلا، فالجميع متضرر من هذا النظام والجميع يحلم بسقوطه، والأفضل البدء من الآن بدعم الثورة لتوفير دماء وأرواح الشعب السوري.
لا شك أن معظم شرائح المجتمع السوري تريد إسقاط النظام لكن كثير منها لا يزال مترددا، ينطبق الأمر مثلا على الطبقة الوسطى التي لا زالت مترددة أو محايدة، وأيضا علماء الدين والجيش، والطائفة العلوية أيضا ربما تريد الخروج من هذا المأزق التاريخي الذي وضعها النظام فيه، وتعلم أنها لن تجد فرصة أفضل من هذه الثورة السملية، لكن الجميع ينتظر بعضه، الجميع ينتظر من يبدأ، والجميع تتهاوى عنده جبال الخوف ببطء.
فإذا كان منحنى التاريخ القصير لأحداث هذه الثورة وما قبلها يجعلنا نتوقع بأن جدار الخوف سيسقط تماما مع الوقت وأن الجميع سينضم لنصرالثورة، فلماذا الانتظار أكثر؟ هل من الضروري أن يرتفع عدد الضحايا إلى الآلاف؟ فطالما أن سنن الكون والتاريخ تقول بأن الشعوب إذا أصرّت وصمّمت فسوف تنتصر، فلماذا الانتظار؟، فبعد دخول الدبابات للمدن ومحاصرتها، لا شك أنه أصبح من الواضح تماما أن الشعب السوري قد اتخذ قراره بالمضي قدما وأن لا شيء سوف يوقفه، لذا على الجميع الوقوف معه ومناصرته، فقد تجاوز نقطة اللاعودة، والعودة عن الثورة ستتسبب له بمجازر انتقامية مروعة، والاستمرار في الثورة أيضا قد تجلب هذه المجازر إذا لم يقف معه الجميع وقفة صادقة حقيقية بكل ما يستطيعون به نصرته، ولا شك بأن درهم وقاية خير من قنطار علاج.
إن من أكبر أسباب هذا الانهيار المذهل لجدار الخوف لدى الشعب السوري هو الإعلام بكل أشكاله خاصة الإعلام الجديد والانترنت، وسوف يكون أيضا هذا من أهم أسباب استمرار هذا الانهيار، فلنكثف نشر الحقيقة، ولنكسر جبال الوهمية التي أصبحت من الماضي ولنجعل الشعب السوري والأمة بأكملها تتخلص من أعباء مرحلة عانت منها الكثير.