الانهيار الزائف للشيوعية وحقيقة الانقلاب المفبرك على غورباتشوف

السقوط المزيف للشيوعية ما هي الحقيقة؟

لعقود طويلة كان يصعب تخيل سقوط الاتحاد السوفياتي الرهيب، ليس ذلك فحسب، بل كانت أسطورة بقاء الاتحاد السوفيتي للأبد هي المسيطرة! وبغض النظر عن نطرتك للشيوعية، أكانت هي الفردوس على الأرض أم هي الجحيم، فإنك لو عشت بين عامي 1930 – 1980 سواء في داخل الاتحاد السوفياتي أم خارجه، فإن جميع الناس الذين عرفوا الدب الشيوعي قد اعتقدو ببقائه وصعوبة سقوطه بهذه البساطة! إلا أنه فجأة سقط! فما الذي حصل فعلًا! وكيف؟ هل حصل ذلك فقط بسبب انتفاضة شعبية! ألا يوجد تدخل من الجيش لقمع المتظاهرين؟ ولماذا؟

كان ذلك السقوط العجيب للاتحاد السوفياتي سنة 1993أمرًا مثيرًا للجدل، وحتى هذا اليوم وبعد حوالي ثلاثين سنة لا تزال تجري حوله النقاشات بلا توقف! قلب الستار الحديدي يسقط على مرأى العالم أجمع! اين اختفى أولئك الشبيحة المتوحشين الذي يقتلون المتظاهرين المطالبين بالحرية في الدول الشيوعية؟ لقد كان ذلك يحصل طيلة سبعين عامًا مضت ولأتفه الأسباب، فما الذي تغير الآن؟ أيعقل أن الإمبراطورية الوحشية التي هزمت النازية وتغلبت على الحصار والعقوبات الدولية والعزلة وقتلت عشرات الملايين من شعبها تسقط الآن بهذه البساطة أمام أهازيج الحرية!

صحيح أن البلاد كانت تعاني من ركود اقتصادي وجمود سياسي وفساد والخ، لكن كثيرًا من المراقبين يتفقون أن الوضع كان غير كافٍ لوقوع ثورة حقيقية، وبخاصة تحت حكم الأجهزة الأمنية والقمعية المتوحشة مثل KGB، والتي يتناقل الناس قصصًا مروعة عن فظائعها بحق المعتقلين السياسيين والتي حتى الحجر والشجر لا يمكنه تحملها! لقد أدرك نيكيتا خروتشوف رئيس الاتحاد السوفياتي في أوائل الخمسينات استحالة استمرار مثل هذا الوضع، وأن الأمور يبدو أنها ذاهبة نحو انفجار دموي هائل إذا بقيت تُدار بنفس الطريقة. ولكن خروتشوف أزيح بسرعة عن السلطة وجاء بعده بريجنيف الذي أبقى الأمور كما كانت عليه من قبل، أما الآن فإن غورباتشوف ورفاقه أكثر مرونة، وقد قرروا استباق الأمور وترتيب انهيار هادئ بسلام وتحت السيطرة، لقد كان أهم سببٍ أجبرهم على القيام بذلك هو الشعور الإنساني بالكرامة لدى الشعوب. ولكن، هل يعني ذلك أنها نهاية الشيوعية حقيقة؟ دعونا نرى معًا.

البريسترويكا والغلاسنوست

بعد ثبوت فشل الاتحاد السوفياتي نهاية السبعينات، أجبر على تطبيق سياسة إصلاح اقتصادية وسياسية سُميت “البريسترويكا”، إن المعنى الحرفي لهذه الكلمة هو “إعادة البناء”، وبالإضافة إلى ذلك فقد تم إقرار سياسة “الغلاسنوست” والتي تعني الشفافية، وقد أقرت هذه السياسات الجديدة بواسطة غورباتشوف بعد وفاة بريجينيف. ففي حزيران 1987 قدم إصدارًا جديدًا إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في اجتماعها العام؛ لم تكن تلك نظريات جديدة تمامًا وإنما اشتقت من عمق أفكار ونظريات لينين وكتاباته، إن إصلاحات غورباتشوف اللينينية هذه قد وضعت حجر الأساس لإصلاحات كبيرة حتى حادثة انهيار الاتحاد السوفياتي.

وهكذا كانت هذه المرة الأولى التي يسمح فيها القانون الروسي بعد الثورة البلشفية بالملكية الخاصة في قطاع الخدمات والتصنيع والتجارة الخارجية، ووفقًا لهذه الإصلاحات الجذرية، أصبحت المطاعم التعاونية والمتاجر والمصانع ممتلكات خاصة، ولكن الإصلاح الأكثر تأثيرًا في البريسترويكا كان هو السماح للأجانب في قطاع الاقتصاد الخارجي، فأصبح الأجانب يمكنهم الاستثمار في الاتحاد السوفياتي رغم أنه كان على شكل مشاريع مشتركة مع الوزارات والتعاونيات السوفياتية.

يُعتقد غالبًا أن سياسة البريسترويكا هي المسؤولة عن انهيار الكتلة الشيوعية وانحلال الاتحاد السوفياتي، لكن هذا غير صحيح تمامًا، ففي هذا المقال، سنحاول القول بأن انهيار الاتحاد السوفياتي كان عملًا مقصودًا كجزء من البريسترويكا نفسها، وذلك بهدف تأمين النجاة والبقاء للشيوعية على المدى الأبعد. وبعد ذلك، تهدف للعودة لاحقًا برؤية وأشكال جديدة بحيث تكون أقوى، ولم يكن الهدف المعلن من البريسترويكا هو إنهاء الاقتصاد الموجه من الدولة، لا في المرحلة الأولى ولا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وإنما لتغيير الصورة الكريهة بشدة حول العالم تجاه الشيوعية، وبالفعل، بعد ذلك نرى أنه تم إعادة التأميم الشيوعي على سبيل المثال في عهد بوتين، ولكن من غير إطلاق مسمى “التأميم” عليه.

كان الهدف الأول للبيريسترويكا أن تجعل الشيوعية تعمل بكفاءة أكبر، وذلك عبر استخدام عناصر من الاقتصاد الليبرالي لتأمين احتياجات المواطنين السوفيات، وبشكل عام، فقد نجحت هذه العملية في خلق جو هائل من الحماس والتواصل بين الحكومة الشيوعية والمواطنين، وهو الأمر الذي كان مفقودًا منذ عدة عقود. ومع ذلك، كان لها سلبياتها وآثارها الجانبية، فقد أدى تطبيق الاقتصاد الحر لحصول شح في الموارد وتشنجات سياسية واجتماعية واقتصادية داخل الاتحاد السوفياتي، وذلك لأن الشعب لم يكن معتادًا عليها، فلم يكونوا قادرين على الاعتماد كثيرًا على أنفسهم من دون الخدمات الحكومية المجانية التي تم تقليلها بالتدريج.

ولهذه الأسباب ولغيرها، فإن البريسترويكا أيضًا ملومة بسبب صعود الروح القومية والأحزاب الإثنية في الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفياتي، وبالإضافة إلى ذلك، تم اعتبار البيريسترويكا والغلاسنوست بآثارهما الجانبية من أهم المحفزات التي أدت إلى انحلال الاتحاد السوفياتي، لكن المغالطة تكمن في أنه لولا البريسترويكا فقد كان الانهيار قادمًا، ولكن على شكل انفجار دموي هائل ربما مثل الذي وقع في تشيكوسلوفاكيا.

وبنفس الطريقة والنتائج تقريبًا، كانت الغلاسنوست هي سياسة انفتاح وشفافية أطلقها ميخائيل غورباتشوف كتوأم للبريسترويكا في النصف الثاني للثمانينات، وذلك بهدف مكافحة الفساد في الطبقات العليا للحزب الشيوعي والحكومة السوفيتية، وكذلك للتقليل من التعسف في استخدام السلطة في مختلف وكالات الدولة وصولا إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الغلاسنوست لم تقدم فقط حرية التعبير، وإنما ذهبت أيضًا إلى حيث يريد غورباتشوف؛ وهو تغيير رأي المواطن في الدولة السوفياتية وإسقاط حاجز الخوف، مما لعب دورًا حاسمًا في تجنب انفجار الأمور وخروجها عن السيطرة كما كان يُتوقع لو سقط حاجز الخوف كنتيجة للضغط المتزايد.

تزييف الانقلاب العسكري ضد غورباتشوف!

في التاسع عشر من آب سنة 1993 أعلنت وسائل الإعلام السوفياتية حالة الطوارئ في البلاد، وأعلنوا نقل السلطة من غورباتشوف إلى اللجنة الحكومية لحالة الطوارئ، وبالتزامن مع هذا انتشر الجيش في شوارع موسكو وأعلن البحث عن ممثلي قادة المعارضة الديمقراطية للقبض عليهم، وذلك يشمل بوريس يلتسن رئيس الجمهورية، وإيفان سيلايف رئيس الحكومة الروسية ورسلان هيزبولاتوف رئيس مجلس السوفيات الأعلى، كان هؤلاء هم قادة الاتحاد الروسي كأحد جمهوريات الاتحاد السوفياتي آنذاك.

رفض يلتسن تصرفات لجنة الطوارئ واصفًا إياها بغير القانونية ورفض الانقلاب العسكري، وعلى الفور قام بتوقيع مرسوم بعزل أعضاء اللجنة من مناصبهم، وبطريقة كاريزمية، بدأ تشجيع الشعب الروسي على دعم الديمقراطية الروسية الوليدة، تمامًا كما كانت تقول أفكار غورباتشوف، ورغم محاولة لجنة الطوارئ السيطرة على وسائل الإعلام، فقد حث يلتسن مصوره الشخصي على إيجاد طريقة لإرسال صور الدبابات إلى وسائل الإعلام العالمية بأي ثمن. وبالفعل فقد تجمع حشد غفير من أنصار يلتسن قرب مبنى المجلس السوفياتي للاتحاد الروسي، وقاموا بالتعبير بحماسة وحبور عن سعادتهم طيلة الليل وقاموا بتوزيع المنشورات. وللمفاجأة، ورغم أن الدبابات التي أحاطت بها الجماهير قد قتلت 3 مواطنين في الاشتباكات، إلا أنه لم يحصل شيء مما كان يحصل تقليديًا في الدول الشيوعية من دمار وإبادة واعتقالات في مثل هكذا حالات! وهذا يُعتبر غريبًا جدًا بالمقارنة مثلًا مع ثورة ربيع بُراغ المشابهة التي وقعت في هنغاريا سنة 1968، أو حادثة ساحة تيانمن في الصين والتي كانت حتى عهد قريب سنة 1989 حيث دهست الدبابات المتظاهرين في الساحة. وبالفعل لا يمكن أن تصدق عينيك مما حصل آنذاك في روسيا!

بهذه البساطة، أصدر يلتسن قرارًا باعتقال لجنة الطوارئ وانسحاب الجيش، وأعلن الحداد على الشهداء! بهذا الشكل تماما! وبالفعل كما يقال؛ فإن الأمور التي تبدو مستحيلة قد تحصل في التاريخ. وفي الثاني وعشرين من الشهر نفسه رجع غورباتشوف من القرم، ولتكون الصورة مكتملة، أصدر يلتسن قراره التاريخي بجعل العلم الروسي الأصلي الأبيض والأحمر والأزرق هو العلم الرسمي للدولة، وفي مشهد أسطوري لا يصدق! بدأ برفع هذا العلم وسط صخب هائل من الفرح والهتاف الجماهيري من مؤيديه الذين تجمعوا قرب مبنى البرلمان. إنه حقيقة لمن العسير على من لم يعش في مثل هذه الدول الشيوعية المتجبرة في قهر الشعوب أن يتخيل مثل هكذا لحظة فرح جماهيري هائل، فهي لحظة أسطورية نادرة تساوي فرح الإفراج عن شخص محكوم بالسجن مدى الحياة.

وفي اليوم التالي أصدر يلتسن مرسومًا بمنع كافة نشاطات الحزب الشيوعي، وعمليًا فإن هذا القرار قد حول الاحتجاجات الشعبية التي كانت ضد عزل غورباتشوف الذي أحبته الجماهير، لتصبح تأييدًا لاستقلال روسيا بقيادة بوريس يلتسن، والذي كان قد انتُخب رئيسًا للاتحاد الروسي بفضل إصلاحات غورباتشوف. يبدو هذا كما لو أنها طريقة لمنع عودة مثل هذه الانقلابات مجددًا، ولتأكيد استمرار غورباتشوف كمنهج وفكر أكثر منه كشخص.

لم يعر الحاضرون الانتباه إلى ابتسامة غورباتشوف العريضة في المشهد، فهو على كل حال كان على وشك مغادرة السلطة في الكرملين وتسليمها إلى يلتسن في خريف العام نفسه، وتبدو ابتسامة غورباتشوف كما لو أنه على ثقة بأن يلتسن والمجموعة المحيطة به، والذين استلموا هذا الإرث الضخم من المسؤولية، أنهم على علم بفبركة الانقلاب، حيث لا يمكن في الواقع لأربعة أعضاء في لجنة الطوارئ إقالة رئيس يحكم سدس مساحة الأرض! وبالفعل فقد أشار بعض الصحفيين بأن شهادات معظم المشاركين في انقلاب آب تميل للقول بأن غورباتشوف إنما أراد التخلص من المتشددين في الحزب الشيوعي والذي يرفضون إصلاحاته، وذلك عبر توريطهم بقصة الانقلاب.

أجندة البيريسترويكا في كتاب غورباتشوف

من الممكن لنا أيضًا الرجوع إلى كتاب غورباتشوف حول البريسترويكا، وهو الكتاب المعنون: “البريسترويكا: تفكير جديد لبلادنا والعالم” الطبعة الرابعة 1990، ونقرأ فيه حول أهداف البريسترويكا، وسنجد بوضوح كامل أن البريسترويكا لم تكن تهدف لتحويل روسيا من الاشتراكية إلى الرأسمالية، ولكن لجعل الاشتراكية أكثر فعالية، لقد كانت هذه النقطة واضحة وصريحة في كل مكان في الكتاب. لكن النقطة الغامضة والتي بالكاد يمكن الاستدلال عليها هي إثبات أن الانهيار السوفياتي نفسه وتحول الدولة إلى الاتحاد الروسي بالعلم الوطني الأصلي هو جزء من البريسترويكا نفسها، بالرغم من ذلك سنجد العديد من التلميحات القوية على ذلك في أماكن عديدة بين السطور:

في صفحة 71، ذكر أنه في الاجتماع السابع والعشرين للجنة المركزية للحزب الشيوعي قد قرروا أن تطوير الديمقراطية هو الضمان لنجاح البيريسترويكا واستقرارها، بحيث تصبح غير قابلة للعودة عنها بعد سنة أو سنتين كما حصل في حركات إصلاح سابقة من قبل.

في صفحة 74، عبر غورباتشوف عن فرحته بأن الحزب قد اتخذ طريق الإصلاح، والذي وصفه أكثر من مرة بأنه مسار “غير مسبوق” في كافة الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى المستوى الأيديولوجي، وذلك في السياستين المحلية والخارجية.

في صفحة 171، أشار إلى أن الأمن العالمي المعاصر يقوم على أساس حرية الشعوب في اختيار طريقها نحو التنمية، سواء كان ذلك بالاشتراكية أو بالرأسمالية، وأن هذا هو حقهم الطبيعي والسيادي، وأنه حان وقت تنحية التعصب الأيديولوجي جانبًا.

وفي خاتمة كتابه صفحة 309 – 310، يذكر غورباتشوف أن الكتاب لم ينتهِ ولم يكتمل بعد، وأنه سيكتمل بالعمل الذي سيُنجز في المستقبل، حتى بواسطة اتخاذ خطوات غير مقبولة في الوقت الراهن (وقت تأليف الكتاب)، وذلك في ما ستشهده السنوات القادمة، ووفقا لما وصفه بالحركات الجديدة وغير التقليدية، ويعيد مجددًا التأكيد على أن هذا إنما سيكون في صالح بقاء الشيوعية وحلم الشعوب بأن ترفرف الحرية في كل مكان في العالم في القرن القادم، وأن التنافس سيكون سلميا بين مختلف الأنظمة الاجتماعية.

السياسة الشيوعية في روسيا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي كانت هناك الكثير من الأحداث السياسية في روسيا داخليًا وخارجيًا منذ سنة 1993 حتى اليوم في 2020، وهذه الأحداث تشير بوضوح إلى أن روسيا لا تزال تطبق السياسات الشيوعية، بدءًا من إعادة مصادرة الحريات في عهد بوتين، وليس انتهاءً بمصادرة الشركات النفطية الخاصة الكبرى، بالإضافة إلى التضييق على الصحافيين الأحرار. وتصل السخرية مداها بالانتخابات الروسية التي تحولت إلى لعبة تبادل كراسي بين بوتين ورئيس وزرائه ميدفيديف. ثم أخيرًا بتعديل الدستور الروسي للتأكد أن بوتين سيعاد انتخابه بعد انتهاء ولايته واستنفاذه جميع فرصه لإعادة الترشح وفقًا للدستور قبل التعديل.

أما على الصعيد الخارجي، نلاحظ أن استقلال الجمهوريات السوفياتية أقرب ما يكون لأن يكون شكليًا، فنجد مثلًا قيام روسيا بشن حرب الإبادة الوحشية ضد جمهورية الشيشان والتي تماثل ما قام به الاتحاد السوفياتي ضد أفغانستان، ثم دعمها صربيا في الحرب والمجازر ضد الجمهوريات المستقلة عن تشيكوسلوفاكيا التي تمثل نسخة مصغرة عن الاتحاد السوفياتي. وصولًا إلى دعم مواقف إيران وكوريا الشمالية في المجتمع الدولي فيما يتعلق ببرامجهم النووية المحظورة. وأخيرًا وليس آخرًا، بالدخول في معمعة الحرب السورية مع الدعم اللامحدود لنظام الأسد، والذي يرأس حزب البعث الذي هو عبارة عن نسخة قومية عربية من الحزب الشيوعي. ثم باستعمال الفيتو المزدوج مع الصين الشيوعية لمنع إدانة نظام الأسد في مجلس الأمن على خلفية قتل وإبادة المدنيين واستخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة.

الشيوعية العالمية لم تسقط فعليًا

لقد لاحظنا أن الأحزاب والأيديولوجيا الشيوعية قد عانت كثيرًا من الضعف، لكنها على الأقل بقيت موجودة ولم تمت، وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال توجد العديد من الدول الشيوعية وشبه الشيوعية المتناثرة حول العالم والتي بقيت كما هي تقريبًا، كما نرى التجربة الصينية في المحافظة على الشيوعية وتقويتها بالاستفادة من إنجاز إصلاحات جذرية، وفي عودة صعود الصين الشيوعية، رأينا كيف أن الحزب الشيوعي الصيني لم يسقط، ولكن بعضًا من سياساته الاشتراكية التقليدية قد تم تجميدها جزئيًا لحين إنجاز تقدم اقتصادي باستخدام طرق اقتصادية رأسمالية، ثم الآن تعمل الصين على استخدام هذه القفزة الاقتصادية الهائلة في محاولة التغلب على الرأسمالية العالمية لتحكم العالم، هذه هي نسخة الصين من البريسترويكا، إلا أنها لا تشتمل على سياسة الغلاسنوست والانتخابات الحرة!

من المقدمات التي سبقت نخلص إلى نتيجة مفادها أن الشيوعية لم تسقط، وإنما غالبًا قد خدعتنا بمنع ملاحظة ما يدور في الخفاء تحت الطاولة، وهذه الخدعة قد نجحت في تمرير ما كان محظورًا قبل نهاية الحرب الباردة. والآن أصبحت الشيوعية في أقوى حالاتها، غالبًا وكأنها هي التي انتصرت في نهاية الحرب الباردة!

زاهر طلب

كاتب وباحث في التاريخ وفقه الواقع

 

المصادر:

1- بيريسترويكا، من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

2- كيف أدى فشل انقلاب 1991 إلى نهاية الشيوعية في روسيا؟ موقع الحرة

3- ما لا يقال عن الانقلاب على غورباتشوف! موقع روسيا اليوم

4- مقال Everything You Think You Know About the Collapse of the Soviet Union Is Wrong في صحيفة Foreignpolicy

5- كتاب “البريسترويكا: تفكير جديد لبلادنا والعالم” ميخائيل غورباتشوف، الطبعة الرابعة 1990

6- مقال Did Perestroika Cause the Fall of the Soviet Union? على موقع History.com

7- مقال Perestroika على موقع History.com

8- كتاب “المنابر الإعلامية بين تجاهل الخطر الاشتراكي وظاهرة معاداة أمريكا” عدنان الصوص، الطبعة الأولى 2004

فكرتين عن“الانهيار الزائف للشيوعية وحقيقة الانقلاب المفبرك على غورباتشوف”

  1. الله يجزيك الخير اخي زاهر
    أرى بأن البيريسترويكا الشيوعية هي توأم التحول العلماني الاتاتركي إلى العلمانية الغربية و وصول التيار الإسلامي إلى السلطة بإسم الديمقراطية، وغياب الجيش و الجنرلات اليهودية عن الساحة الإعلامية. (( البيريسترويكا الاتاتركية))

التعليقات مغلقة.

Scroll to Top