بثت قناة الجزيرة يوم 19/11/2010 حلقة برنامج الملف بعنوان حزب الله تاريخا ومستقبلا حول القرار الظني حول مقتل الحريري، وهو برنامج حواري، حيث استضافت:
– نواف الموسوي/ عضو كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله)
– سيمون أبي رميا/ عضو تكتل التغيير والإصلاح (ميشيل عون)
– أنطوان زهرا/ نائب عن حزب القوات اللبنانية
– راشد فايد/ عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل
وكان في الجزء الأخير من الحلقة إثارة لقضية تأسيس حزب الله على أساس أن يكون هدفه إقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان مثل دولة إيران وبمباركة من الخميني، وقد قدم مقدم البرنامج كتابا نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حول تأسيس الحزب يعني في بداية الثمانينيات يعترف بذلك، وتم أخذ رأي نواف الموسوي في هذا الكلام، حيث اعترف به أيضا ولكنه استطاع بمهارة أن يضفي عليه نوع من الجاذبية وأن يبعد عنه الوجه القبيح المعروف عن دولة ولاية الفقيه، ولكن أهم ما في الموضوع هو تعقيب الممثل المسيحي سيمون أبي رميا حيث تحدث عن وثيقة جديدة وقعوها مع حزب الله تقتضي بأن حزب الله لم يعد ينوي أن يقيم دولة ولاية الفقيه في لبنان، وأنه أصبح بعد التجارب يؤمن بوجود الآخر وبالعيش المشترك واستحالة تطبيق ولاية الفقيه في لبنان، وقال بأنه مقتنع تماما بهذا الكلام وأنه لا يخشى من حزب الله ولا يخشى قيام جمهورية ديكتاتورية طائفية شيعية في لبنان.
فما هي حقيقة هذا الموضوع؟ ما هو تحليله السياسي وكيف يمكن لنا أن نحكم على هذا الأمر المصيري؟ وكيف نعرف ونتوقع ما الذي يمكن أن يحدث؟ لدينا هنا عدة قواعد في التحليل السياسي لنستضيء بها:
1- الطريقة الوحيدة الصحيحة للحكم على الأفراد والأحزاب هي من خلال دراسة عقائدهم وأيديولوجياتهم: كما ذكرنا في موضوع أصناف الناس في معرف الحقيقة، وهنا لدينا حزب يؤمن ليس فقط بعقيدة الفقيه، بل أيضا يؤمن بالتقية وجواز الكذب من أجل تحقيق مصالحه أو ما يسمى الغاية تبرر الوسيلة، وهذا يجعل الاتفاقية الأخيرة محل شك كبير.
2- الفصل بين الحدث ورأي المتحدث: حيث إن الاتفاقية الجديدة عبارة عن حدث، ورأيه بأنه غير خائف من حزب الله شيء آخر، فالأول حدث مجرد والثاني رأيه، والآراء نتركها لأصحابها أو ربما نستأنس بها، لكنها ليست بمنزلة الأحداث.
3- التفريق بين الشعارات الزائفة و الواقع على الأرض: فمن الممكن جدا أن تكون هذه الاتفاقية برمتها مجرد شعارات زائفة للخداع، وذلك لأن الواقع يخبرنا بما قام به حزب الله في أحداث بيروت وحرق قناة المستقبل.
4- في حالة مجيء فتنة يجب أن نعلم بها وهي قادمة وليس بعد أن تذهب: فلا يمكن لنا أن نخادع أنفسنا ونأمن جانب حزب الله، بل يجب البحث والتحقق في هذا التحالف قبل فوات الأوان.
5- التفريق بين النوايا الحسنة والأعمال السيئة: الإعجاب بالنية الحسنة لوحدها تصنف من مزالق المغفلين. فلا يمكننا هكذا ببساطة أن نصدق أي كلام وأي اتفاقيات خاصة من أصحاب العقائد الباطنية الذين يؤمنون بأن التقية تسعة أعشار الدين،والذين لا تهمهم أرواح أي طوائف أخرى خاصة السنة.
6- تفعيل ذاكرة الاستفادة من التجارب السابقة وتعلم منها: حيث توجد الكثير جدا من أمثال هذه المواقف والاتفاقيات المخادعة التي قدمها أصحاب المشاريع الثورية والانقلابية وقد ذكرنا بعضا منها في موضوع أمثلة من الخدع التي وقعنا في شَرَكِها، ويجب علينا أخذ العبرة، حيث إن التشابه كبير بين موقف وأيديولوجية حزب الله وبين الثوريين في الأحداث السابقة، ولا يوجد ضمانة حقيقية تمنع تكرار ما حدث، فقد تكرر كثيرا وسيظل يتكرر، وسيظل التاريخ يعيد نفسه إلا إذا فهمنا العبرة التاريخية واستخدمنا الذاكرة بشكل جيد.
في ضوء النقاط السابقة المستقاة من عشرة من أهم النصائح للحصول على التحليل السياسي المحايد لأي حدث كبير، يمكننا أن نقول بكل ثقة بأنه لا يمكن أن نرمي مصير بلد ودولة وشعب في المجهول، ولا يجوز أن نغامر ونجرب ما هو مجرب من قبل، بل حتى يمكننا القول بأن حزب الله سوف ينكث الاتفاقية كما نكث الذين من قبله، وأنه إذا لم ينكثها فسوف يكون هذا مؤقتا لفترة انتقالية، فعقيدة ولاية الفقيه لا تعترف بأي كيان أو دولة عربية أو إسلامية سنية ولا تعترف بشيء اسمه لبنان التعددي، بل هي تسعى لإقامة دولة ولاية الفقيه في كل العالم الإسلامي والسيطرة عليه وإلغاء ليس فقط لبنان بل كل ما تطاله يدها، ولنا في التاريخ عبرة، حيث ألغت إيران دولة عربستان وهي تعمل على إلغاء هويتهم العربية كذلك.
فما هو رأيكم؟ وكيف تنظرون للقضية؟ وكيف ترون إسقاط نصائح التحليل السياسي على هذا الموضوع؟