قانون الإقناع التكرار و الزمن – السنوات الخداعة

كتاب الفقه السياسي

قانون عاملي الاقتناع هما التكرار والزمن، أو الغزارة والزمن: وهذا القانون أهمها وأخطرها، وبه انتشرت أفكار حزب التحرير مثلا. فبالتكرالتكرارار والزمن عبد غير الله، فأصبح عزير ابن الله عند اليهود، والمسيح ابن الله عند النصارى، وبهذا القانون أصبحت الأوثان والأصنام، والشمس، والقمر، والبقر آلهة عند الغثاء من الناس. وبهذا القانون، انتشرت البدع والخرافات في الدين. و بالتكرار والزمن كذلك، عاد الناس إلى التوحيد ونبذ البدع والخرافات مرة أخرى. ويهمنا أن نوضح للقارىء الكريم علاقة هذا القانون في عصرنا الراهن بمصدر الشر على وجه الأرض، فاليهود اتخذوا الكذب وسيلة كبرى لتحقيق غاياتهم.

السنوات الخداعة: بما أن الكذب هو عكس للواقع وللحقيقة، تقوم عليه دعوات هدامة([1]) تقصد الفساد والإفساد في المجتمعات الإنسانية من خلال إثارة مجموعة من الأفكار والتصورات والمفاهيم الكاذبة. وبهذه التصورات المزعومة يعتقد الناس ـ أو قل إن شئت الغثاء من الناس ـ بمجموعة من المصالح والمفاسد الموهومة. فتصبح هذه المصالح والمفاسد هي الحاكمة على تصرفات من اعتقد بها باعتبارها الحقّ الذي لا حق غيره، وما علموا أن هذه المصالح هي في الحقيقة مفاسد خالصة، بل هي خطة عدوهم فيهم، طالما ضَحّوا وتحالفوا مع أعدائهم ـ أمثال الاشتراكية والإمامية الباطنية الحاقدة ـ من أجل تحقيقها. وما علموا كذلك أن المفاسد التي تصوروها، إنما هي مصالح، أو أنها تصنف ضمن باب ((درء المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى)).

ومن أخطر الأساليب المُطَبّقة في هذا الباب اتهام الصادق بالكذب، والأمين بالخيانه، وبالعكس. ففي الوقت الذي يُخدع فيه الناس بالكَذَبَةِ الخَوَنة من الاشتراكيين الشيوعيين، والشيعة الإمامية، تجدهم يتهمون الصادق والأمين من الإسلاميين والوطنيين المعتدلين، فيعيش الناس في بيئة سياسية واجتماعية موبوءة، خداعة كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ((إن بين يدي الساعة سنين خداعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قيل: المرء التافه يتكلم في أمر العامة))([2]).

وبسبب هذه الحالة التي تصيب الناس، يصبح الناس ((غثاء كغثاء السيل)). فتجدهم ينطلقون مع هذا التيار الفكري المخادع، إلى الأهداف التي حددها لهم مسبقا، أو حيّدها، وهم لا يشعرون بخطته فيهم، ولا بوجوده أصلاً. فتجدهم يقاتلون إخوانهم، كقتالهم لبعض الدول الإسلامية التي لا زالت من خير الدول في تطبيق الإسلام، ويقاتلون أصدقاءهم، كبعض الدول الغربية غير المحاربة لنا في الدين، بل تجدهم ينصرون أعداءهم من الاشتراكيين اليهود، والإمامية الباطنية تحت باب التقاء المصالح في صراعنا مع الصليبية أو اليهود. فانطبق علينا قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)). فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن)). فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))([3]).


(1)          مثل: اليهودية والاشتراكية والشيعة الإمامية وحزب التحرير.

(2)          (صحيح)، ((السلسلة الصحيحة)). برقم (2253).

(3)          ((السلسلة الصحيحة)) رقم (647)،  قال الشيخ الألباني: صحيح.

Scroll to Top