خطورة عودة العرب لمحور الممانعة و المقاومة

في هذه الفترة العصيبة من مجمل مسيرة العملية السلمية التي انطلقت بمعاهدة السلام المصرية التي وضعت حدا للتوسع الإسرائيلي المعتمد على خداعنا، تبدو الآن هذه المسيرة على حافة الإنهيار، ويتم إعادة طرح خيار عودة العرب لمحور الممانعة كما حصل في قمة الخرطوم المشهورة بمقولة اللاءات الثلاث، حيث زعم الرئيسان الإيراني والسوري في الزيارة الأخيرة بأن الموقف الإسرائيلي المتشدد والرافض للمضي في المفاوضات هو دليل على وجوب اتفاق العرب مجددا والتفافهم حور محور المقاومة ونبذ المبادرة العربية للسلام، وهنا يجب علينا قبل أن ننجر وراء رؤى ضيقة لا ترى أمامها أكثر من أنفها، يجب علينا استذكار الماضي لنحصل على رؤية أفضل وأعمق وتخطيط أكثر دقة للمستقبل، علينا أن نعود لدراسة لمرحلة اللاءات الثلاث، ونعرف لماذا تركها العرب؟ وماذا جنينا منها؟ كل هذا لكي لا نلذغ من الجحر مرتين.

مقارنة بين مساحة إسرائيل ومدى الدعم الغربي لها في فترة المقاومة وفترة عملية السلام:

نسبة الارض المحررة بالسلام من حدود عام 1967

مساحة الاراضي المحتلة عام 1967:

1.    مساحة سيناء                    : 61000كم2
2.    مساحة الضفة والقطاع        : 6000كم2
3.    مساحة الجولان                 : 1200كم2
4.    مساحة أراضي الاردنية       : 380كم2
5.    مساحة جنوب لبنان                        : غير معلوم

المجموع الكلي                             : 68580كم2

مساحة الاراضي المحررة بالسلام من أراضي عام 1967:

6.    مساحة سيناء                    : 61000كم2
7.    مساحة الضفة والقطاع        : 1000كم2، تقريبا، والرقم تقديري
8.    مساحة أراضي الاردنية       : 380كم2
9.    مساحة جنوب لبنان                        : غير معلوم

المجموع الكلي                             : 62380كم2

مساحة الاراضي المحتلة المتبقية من أراضي عام 1967:

1.    الضفة الغربية                   : 5000كم2
2.    الجولان السورية               : 1200كم2

مجموع مساحة الارض المتبقية  : 6200كم2

نسبة الاراضي المحررة من المجموع الكلي للأراضي المحتلة عام 1967 =  90.9%

نلاحظ في المقارنة أن الجولان الذي بقيت دولته سوريا تتبنى المقاومة العسكرية قد بقي مع إسرائيل ويتم بناء المستوطنات فيه كما في الضفة تماما مع عدم تضخيم أخبار هذه المستوطنات في الإعلام، ونلاحظ أن الدول التي اختارت طريق السلام لإرجاع ما أمكن إرجاعه من الحق العربي قد حصلت على نسبة كبيرة منه، وهذا أفضل من أن يبقى مع إسرائيل.

إن الذين يدعون للعودة لمحور المقاومة يزعمون أنهم يأخذون العبرة والدرس من حقائق ماضي وحاضر ونتائج العملية السلمية، لكن المغالطة الكبرى هي أنهم لا يأخذون بهذه الحقائق كاملة، وهذا يسمى بـ (الأكاذيب الصحيحة) أو (True lies)، وهي لا تعني اختراع أحداث وتلفيق حقائق دجلية، بل هي أخذ بعض الحقائق وانتقائها بما يتفق مع الفكرة المراد ترويجها، فهؤلاء لا يقومون بعمل مقارنة تاريخية جغرافية بين مساحة إسرائيل في فترة ما قبل السلام وبعدها، حيث نجد أن إسرائيل استطاعت الوصول إلى تخوم القاهرة ودمشق وأخذت الضفة الغربية وقطاع غزة في نهاية فترة التفاف العرب حول محور المقاومة، وهذا ما حدا بالرئيس المصري الراحل أنور السادات، إلى إعادة التفكير الجذري بنتائج تبني العرب موقف قمة الخرطوم، وكان التحول إلى الاتجاه السلمي حيث أدرك لعبة إسرائيل المخادعة التي تدعو العرب للسلام أمام العالم كذبا لأنها متاكدة أنهم رافضون للسلام، فتظهر أمام الغرب بمظهر المسالم وأن العرب إرهابيين معتدين يرفضون السلام، فقرر السادات بعد أن أدرك أن هذا ليس هو الوقت المناسب حسب ميزان القوى العالمي لمحاربة إسرائيل عسكريا، وأن علينا المحافظة على أراضي العرب من أن تستمر إسرائيل في احتلالها، وأنه يجب عدم الاستهانة باستعادة ما يمكن استعادته من الأرض الفلسطينية، والقبول بالسلام للحصول على الدعم الغربي ولفضح حقيقة الكذب الإسرائيلي بطلب السلام.

وبالفعل فقد بدأت مباشرة تظهر حقيقة رفض إسرائيل للسلام وإرجاع الأرض المحتلة، فقامت الضغوط الغربية والأمريكية بإجبارها على القبول بإعادة سيناء وتوقيع السلام، ولم تنسى إسرائيل طبعا أن تتظاهر بأنها فرحة بهذا السلام، لكن هذا كذب فقد قام اليهود باغتيال رابين الذي وقع أيضا معاهدة السلام مع الأردن، لأنه كان ينوي أيضا توقيع السلام مع الفلسطينيين، وإعادة جزء من الأرض لهم.

وهكذا نرى أن فترة السلام لم تحرر فلسطين ولم تقضي على إسرائيل ولكن على الأقل منعتها من التوسع في مساحات كبيرة، فلجأت إلى الاستيطان للتوسع وهو أبطأ بكثير وأكثر كلفة من التوسع بواسطة كسب الحروب مع العرب لأنهم أقل عدة ودعما من الغرب، فنرى عند المقارنة أن إسرائيل توسعت كثيرا في فترة التفاف العرب حول الخيار العسكري، ثم تقلصت مساحتها كثيرا في فترة عملية السلام رغم ازدياد المستوطنات، كما انخفض مؤخرا الدعم والتعاطف الغربي وخاصة الأوروبي وحتى الأمريكي، بل ازداد استياء كثير من اليهود حول العالم من تصرفاتها وإرهابها، فأين كان هؤلاء المستاؤون من جرائم إسرائيل قبل بدء العملية السلمية؟ لقد كانت عندهم جرائمها مبررة أما بعدها فلا، فهل يعقل بنا بسبب فشل مفاوضات السلام وفشل قيام الدولة الفلسطينية أن نعود القهقرى ونعطي إسرائيل المبررات والتعاطف الغربي واليهودي لها لتقوم مجددا بالتوسع في بلادنا؟ أم يجب علينا أن نبحث بدائل أخرى؟

عدنان الصوص

خطورة عودة العرب لمحور الممانعة و المقاومة
تمرير للأعلى