إن تواجد تنظيمات داعش والقاعدة في إحدى البلاد يؤدي على الفور إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وأما وصولهم للحكم وأقامة دولتهم المشوهة، فيؤدي لقيام نظام ديكتاتوري باسم الدين حسب زعمهم، ويسلب من الشعوب أبسط مبادئ الحرية، إن الاستبداد باسم الدين قد يكون هو الأصعب بسبب أنه يزعم تولي الحكم نيابة عن الله وباسمه، وبالتالي يتهمون من يعارضهم بأنه يعارض الله ودينه بزعمهم!
أولا: أهمية نعمة الحرية
إن أي نظام حكم مهما كان فيه من الفساد والاستبداد يتبقى فيه هامش من الحريات، وأقلها الحرية الشخصية الطبيعية، لكن دولة القاعدة تقضي على معظم أشكال الحرية، بما في ذلك حتى الحريات الدينية وحرية العبادة! وذلك بدلا من محاولة تحقيق مطالب الشعوب بزيادة الحرية والاتجاه إلى المساءلة والشفافية والديمقراطية والإصلاح.
إن فقدان الحرية يجعل من الحياة شيئا لا قيمة له، فحتى الحيوانات بفطرتها تقاوم محاولة أسرها وأخذ حريتها، ولهذا فإن حركة تنظيم القاعدة هي في الواقع تحاول أن تمشي بعكس حركة التاريخ.
ثانيا: أهمية نعمة الأمن
الجمع بين الحرية من جهة وبين الأمن والاستقرار من جهة أخرى هو الأصل، فلا أمن حقيقي بدون حرية، ولا حرية مع الفوضى وغياب الأمن.
إن الأمن هو مظلة يستظل بها الجميع من الفتن والفوضى وسيطرة قانون الغاب، وهو مطلب أساسي لحياة الإنسان مثل الطعام والشراب، قال تعالى: “لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” [سورة قريش].
والأمن والحرية لا يكونان إلا بقانون ودولة قوية، ولا يكون ذلك إلا بسمع وطاعة بالمعروف والنصح بالحكمة، أما إسقاط الأنظمة فهو مضيعة للأمن كما أنه لا يجلب مزيدا من الحرية، بل قد يفتح الباب ليحل محلها الديكتاتوريات الدينية مثل القاعدة أو الشمولية مثل الشيوعية، وبدلا من ذلك يجب تفعيل التغيير الشعبي، حسب قانون الله تعالى في قوله: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.