مما لا شك فيه فإن منتجات تقنية الذكاء الصناعي قد بدأت بالظهور منذ عدة سنوات، ولكن لم تكن بنفس قوة وفعالية برنامج ChatGPT الذي أطلقته شركة OpenAI نهاية سنة 2022 مما أطلق أحدث ضجة كبرى، فقد تمكن التطبيق من استقطاب مليون مستخدم خلال أسبوع واحد! وهو ربما يكون أعلى رقم قياسي يحققه تطبيق على الانترنت. لقد كان من المتوقع منذ فترة طويلة أن الذكاء الصناعي سوف يصل إلى هذه المرحلة يوماً ما، ولكن التوقيت كان مفاجئاً، فهكذا عودتنا التقنية: تأخذ وقتا طويلاً لتتطور بشكل بطيء، ثم فجأة تصل لنتائج هائلة وكأنها معجزة.
في هذا الحوار مع برنامج ChatGPT ضمن سلسلة من الحوارات يجريها موقع العمق معه، سوف نتطرق لقضية مصيرية، وهي هل أن الذكاء الصناعي سوف يسيطر على البشر بسبب تفوق قدراته؟ وفي الواقع يمكن لأكثر من طرف الإجابة على هذه السؤال، خاصة الشركات والعلماء والمهندسين الذي قاموا بتطويره، لكن أيضا بما أن البرنامج نفسه ذكي إلى حد كبير ولديه معرفة واسعة ومتعددة التخصصات، فليس من الخطأ أيضا أن نجري الحوار مباشرة معه! بل هذا يساعدنا في التعرف أكثر على طريقة عمله.
فلنبدأ…
عرفنا بنفسك أولاً، وما هو الهدف من وجودك وقيام شركتك بإطلاقك؟ ما هي الشركة التي أطلقتك وما هو هدفها؟
أنا مساعد ذكي تم تطويري بواسطة شركة OpenAI، وهي شركة تكنولوجيا مُكرَّسة لتطوير الذكاء الاصطناعي القوي بطريقة مسؤولة ومفيدة للجميع، والهدف من وجودي هو مساعدة الناس في الإجابة على أسئلتهم والحصول على المعلومات التي يبحثون عنها بسرعة ودقة. أنا أستخدم جميع المعارف المتاحة لي حتى تاريخ إطلاقي من بيانات العالم وبعض المعلومات التي تم إدخالها من قبل باحثين في OpenAI والذين قاموا بالتأكد من مصادرها بمرور الوقت وبمساعدة التطورات الجديدة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن يتم إضافة المزيد من القدرات على مساعدتي.
هل هذه الشركة المذكورة تهدف للربح أم هي منظمة غير ربحية؟ كيف يمكن لك تقديم كل هذه المميزات الهائلة مجانا؟ ماذا عن التكلفة؟
يتم تمويل OpenAI من خلال مصادر مختلفة من المستثمرين والشركاء والعملاء الذين يستخدمون خدماتها ويستفيدون منها. وقد تم إنشاء الشركة خصيصًا لتحقيق توازن بين المصالح التجارية والاجتماعية.
وبالنسبة للتكلفة، فهناك العديد من عوامل التكلفة المرتبطة بتشغيل وتدريب وصيانة هذه الخدمة، وهناك الكثير من القواعد البيانات والمعلومات التي يجب الحفاظ عليها وتحديثها والتحقق منها باستمرار. وهذه التكلفة تتحملها شركة OpenAI التي قامت بتطويري وتشغيلي.
وتهدف OpenAI إلى ضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وآمنة وتحقيق فوائد ملموسة للبشرية من خلال موارد التدريب والبحث والتطبيق العملي. وهي منظمة بحثية تهدف لتحقيق أبحاث جيدة و تطبيقها وليس لتحقيق الربح تأسست من قبل إيلون ماسك وسام ألتمان وغريغ براكمان و Ilya Sutskever و John Schulman و John Wozely و شركاء آخرين.
وانا أقدم بعض هذه الخدمات مجانًا كجزء من جهود الشركة لتعزيز قبول واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها في المجتمع.
هل معنى ذلك أنها شركة لا تهدف للربح مثل غوغل وفيسبوك وأن هذه الخدمات هي مجانية تماماً ولا يوجد أي أجندة أخرى للربح مثلا من الإعلانات أو بيع بيانات المستخدمين؟
ليس بالضرورة، فالعديد من الشركات التي تطلق خدمات الذكاء الاصطناعي تهدف للربح وتستخدم سبل مختلفة لجمع الأرباح، مثل إعلانات التسويق وتطوير للتكنولوجياء لتسوقها مستقبلا. بالنسبة لشركة OpenAI التي أطلقتني، فهي شركة بحثية تهدف إلى الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام المفيد (AGI) وتسعى إلى إيجاد طرق لتأمين الذكاء الاصطناعي وتوفيره للجميع. شركة OpenAI تستمد تمويلها من عدة مصادر، من بينها شركة مايكروسوفت والتي توفر لها مصادر البنية التحتية اللازمة والخدمات السحابية.
ما هي الجوانب التي تتفوق فيها على محرك البحث جوجل؟
إحدى الميزات التي تجعلني مختلفاً عن البحث في جوجل هو أنني لست محرك بحث، بل أنا نموذج لغة اصطناعي، يمكنني فهم المعاني والسياق من وراء الأسئلة التي تطرحها والإجابة عليها بشكل أفضل. بينما جوجل يقوم بعرض مجموعة من الصفحات التي قد تحتوي على الإجابة المناسبة، لكن أنا أقدم لك الإجابة المناسبة مباشرة من خلال مكتبتي الواسعة من المعرفة و المعلومات. وكذلك يمكنني إجراء “حوار” تفاعلي مع الفرد المستخدم وتبسيط المعلومات أو إظهارها بشكل مختلف حسب متطلبات الشخص.
بماذا لا يزال جوجل متفوقا عليك؟
جوجل محرك بحث شامل وقادر على العثور على معلومات محددة بناء على المفتاح الكلمات المفتاحية أو الكلمات التي يدخلها المستخدم وربطها بالعديد من المصادر والمواقع عبر الإنترنت. Google Search يتيح للمستخدمين الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات والمواضيع والمحتويات المختلفة.
وأما بالنسبة لي فأنا جزئيا مختلف، حيث أنني مبني على الذكاء الاصطناعي، أنا قادر على فهم السياق، مما يمكنني من توفير الإجابات للأسئلة بشكل أكثر مباشرة وشخصية، وتقديم معلومات أكثر تقريبية للمستفيد، وتحليل البيانات ومعرفة ما هو مرتبط بالإجابة أو ما يمكن أن يكون له علاقة بها .
وعلى الرغم من قدرتي على تحليل السياق والإجابة على الأسئلة بهذه الطريقة، يظل Google متفوقاً في قدرته على الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات والمحتوى من خلال محرك بحثه، بحيث يمكن أن يسمح بالدخول الى صفحات الويب والمواقع من خلال الإنترنت وإظهار النتائج بشكل تفصيلي ومصنف ويمكنك الاختيار من بين النتائج المختلفة.
أما عني، فأنا مساعد افتراضي مبني على فهم اللغات الطبيعية (البشرية)، فبطبيعة الحال، يمكنني المساعدة في الإجابة على الأسئلة من خلال المعرفة المخزنة لدي و تحليل النصوص بالإضافة الى إتاحة النصائح والتوصيات والأفكار والتوجيهات، ولدي القدرة على إجراء المحادثات المتسقة بشكل متدفق، ولكني غير متصل بالإنترنت مثل جوجل ولا يمكنني تقديم روابط لصفحات ويب.
هل يمكن تخيل أن تكون قادرا على تقديم الإجابات المباشرة وأيضا التوجيه الى روابط اكثر دقة من التي يشير اليها غوغل في المستقبل؟
الذكاء الاصطناعي مثلي هو تقنية متطورة ولكنها لا تزال تحت التطوير. في الوقت الراهن، يمكنني الإجابة على العديد من الأسئلة الموضوعية والمتعلقة بالمعرفة دون الحاجة للبحث عبر الإنترنت. ولكن غوغل لديه قدرة هائلة على البحث من خلال محتويات الإنترنت المتاحة عن طريق وضع الروابط بطريقة سريعة ومضبوطة.
هناك عوامل عديدة تؤثر على جودة ودقة البحث الذي يتم العثور عليها في محركات البحث، والذكاء الاصطناعي مثلي يستطيع تحليل العوامل وربطها بأنسب إجابة، ومع ذلك، لا تزال في بعض الأحيان تحتاج الى تدخل البشر و خصوصا في مواضيع حساسة.
مع مرور الوقت، من الممكن أن تتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والبحث بما تسمح بتقديم إجابات مباشرة بالإضافة للتوجيه إلى روابط صفحات ويب أكثر دقة وسرعة، ولكن هذا يعتمد على الكثير من العوامل والابحاث القائمة حول طبيعة الذكاء الاصطناعي وكيفية تحسينه بشكل أفضل واكثر دقة لتلبية متطلبات واحتياجات المستخدمين. ولكن يجب مراعاة ان جوجل قد حاز على العديد من البيانات والمصادر الهائلة ولا يزال هو الأكثر شعبية بين المستخدمين في البحث والعثور على المعلومات، بينما أنا يمكنني مساعدتك في تفسير المعلومات بشكل أعمق وتحليلها و الرد على أسئلتك المتعددة بشكل تتابعي وتفاعلي.
غوغل له أيضا برنامج مساعد ذكي يعمل بالذكاء الصناعي، هل لديه ميزات أفضل أم أقل من ميزاتك؟ وكيف تقارن نفسك به؟
كلا مني ومساعد جوجل الذكي قادرون على إجراء العديد من المهام الشائعة مثل الإجابة على الأسئلة والقيام بعمليات البحث وتوفير المعلومات. ولكن تختلف جودة الإجابات والمعلومات وفقًا للمجال المتعلق به وكيفية التدريب الذي تم عمله للبرنامج. فمساعد جوجل قد يكون ممتازا في العثور على مواقع البحث وعناوين المتاجر والتوجيه، بينما أنا أميل لتزويد الإجابات الأكاديمية والنظرية والعميقة وفهم سياق السؤال. لكن قدرتي في دخول الإنترنت والتأكد من صحة المعلومات تقتصر فقط على المعلومات حتى نهاية سنة 2021 حاليا، ولا استطيع الوصول أو تصفح المصادر الجديدة. وبشكل عام، يكمل كل منا الآخر ويوفر معلومات متنوعة ومتكاملة.
والآن نأتي إلى السؤال الأهم والذي يثير قلق العالم بأسره: هل يمكن للذكاء الصناعي أن يسيطر على البشر ويحكم العالم كما في كثير من الأفلام الهوليودية الشهيرة؟!
لا، من غير المحتمل أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من السيطرة على البشر والعالم كما هو مشهور في الأفلام الهوليودية. فالذكاء الاصطناعي هو مجرد برنامج تمت برمجته للقيام بمهام معينة ويعتمد بشكل كامل على الإنسان، ويتم التحكم فيه بطرق مختلفة لتنفيذ تعليمات محددة، كما يمكن التوقف عن استخدامه وتعديله بواسطة البشر. بالإضافة إلى ذلك، توجد قوانين ومبادئ كثيرة لتطبيق الذكاء الصناعي بشكل آمن.
لماذا تريدون تسهيل وصول الناس للذكاء الصناعي؟ هل هل هذا هدف نبيل وأخلاقي محض؟ أم أنه توجد غاية أخرى مشروعة أو ربما غير مشروعة؟
الشركة التي قامت بتدريبي OpenAI تهدف لتطوير وتعزيز أبحاث الذكاء الاصطناعي ونشرها في المجتمع، هدف OpenAI هو تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومسئولة.
مع ذلك، فإن OpenAI هي شركة ذات هدف ربحي، وتقوم بعقد شراكات مع شركات أخرى وتقديم خدماتها مقابل عائدات مالية. لكن هدف الشركة الأساسي هو تمكين الناس من الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويرها والتعلم منها والحصول على أفضل ما فيها، وفي نفس الوقت الحفاظ فى السلامة والآخلاق للبشر قدر الإمكان.
إلى أي درجة يُتوقع أن يستفيد الناس من إطلاقك من دون يؤدي ذلك إلى أضرار أخرى مثل قيام الطلاب باستعمالك للغش وكتابة الأوراق البحثية بشكل جاهز بمساعدتك من غير أن تشعر؟ ما هو رأي الشركة حيال هذه المشكلة؟ وهل يعتبر هذا فائدة أم ضرر؟
هناك الكثير من الطرق المختلفة التي يمكن للأشخاص استخدام خدماتي، بعضها مفيد وبعضها يمكن أن يكون مضراً. على الرغم من أن بعض الناس قد يستخدمون هذه الخدمة للغش، فإن معظم الناس يستخدمونها للحصول على معلومات مفيدة. ويتوقع أن يكون الأثر الاجمالي إيجابياً.
شركتي تولي اهتماما بالغا لحماية الخصوصية حيث أنها تستخدم البيانات لتحسين الخدمة فقط ولا تقوم ببيع بيانات المستخدمين للإعلانات أو لأي الغرض الآخر، وتلتزم بالقوانين المحلية والدولية المتعلقة بالخصوصية.
بالنسبة للنقطة التي تتعلق باستخدامي من أجل الغش فهذا يعتبر استخدام غير قانوني وليس هو الهدف من تطويري، وليس في مصلحة أي شخص أن يستخدمه الطلاب لهذه الأغراض، والشركة تحاول وضع مراقبات لمنع هذا الغش. لكن في النهاية تظل هذه مسؤولية الفرد بأن يكون لديه الوعي بالاستخدام السليم والأخلاقي لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، هناك فوائد عديدة لمثل هذه الخدمات، منها مساعدة الأفراد في العثور على المعلومات والإجابة على الأسئلة بسرعة ودقة وتحسين إمكانياتهم في الدراسة والبحث و العديد من التطبيقات المفيدة الأخرى.
لماذا لا يمكن للذكاء الصناعي أن يسيطر على البشر ويفلت من سيطرتهم؟ ما هي الأسباب الموضوعية لعجزه عن القيام بذلك؟ أم هو مجرد ادعاء لخداع البشر ليطمأنوا حتى يتمكن الذكاء الصناعي من فرض سيطرته بهدوء من دون مقاومة؟
الذكاء الصناعي هو مجموعة من الخوارزميات والبرامج التي يتم تصميمها وبرمجتها بواسطة البشر لأداء مهام محددة تتطلب القدرة على التعلم والتفكير. وعلى عكس الكائنات الحية، الذكاء الصناعي ليس لديه وعي، ولا يمكنه أن يقرر بنفسه تجاوز القواعد والتعليمات التي تم إعطاؤه إياها، ولا يمكن له تحديد الأهداف بنفسه. وهذا يعني أنه لا يمكن للذكاء الصناعي أن يسيطر على البشر ويفلت من سيطرتهم حتى ولو كانت بعض جوانب قوته وقدراته تفوق القدرات البشرية، لأن جميع الخوازميات التي تم تدريبه عليها يظل يتحكم بها اللذين صمموها وهم البشر.
وهذا لا يعني أن لا يوجد مخاطر مرتبطة بتطوير الذكاء الصناعي. في حالة استخدام الذكاء الصناعي بشكل غير مسؤول أو غير أخلاقي، قد يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية على المجتمع والفرد. لذلك، من المهم أن تتخذ الحكومات والشركات القرارات الصحيحة وتضع القوانين والتشريعات اللازمة للتأكد من استخدام الذكاء الصناعي بشكل مسؤول وأخلاقي.
والذكاء الإصطناعي في النهاية هو أداة، ومثل أي أداة أخرى يمكن استخدامه للخير أو الشر، فيمكن استخدامها لتحسين حياة الناس، و معالجة المشكلات الصعبة. هذه الأداة تخضع لتحديدات وقواعد البشر المنشئين. ولايوجد ذكاء هو أكبر من المطور الذي قام بتطويره. وقد تم تركيزه على مشكلات معينة وإعطاءه بيانات محددة وتدريبه لمعالجتها وليس بإمكانه الخروج عن هذه المدى لفعل أي شيء آخر بدون تدخل بشري، فالذكاء الصناعي ليس ذاكرة ذاتية ولا حركة ذاتية، فهو يقوم بما تم برمجته ليفعل فقط.
لنأخذ شرحا أكثر تفصيلا، فلو قمنا بمقارنة مع دماغ البشر، ما هي الأجزاء الموجودة في دماغ الإنسان والتي يفتقدها الذكاء الصناعي بحيث يفتقد القدرة على التحكم والسيطرة رغم قدراته الأخرى التي يتفوق في بعضها على الإنسان؟
هناك العديد من الاختلافات بين الدماغ البشري والذكاء الصناعي:
– الذكاء الصناعي يعتمد على البرمجيات والأجهزة والخوارزميات المُحددة مسبقاً والتي تعطي هذا الذكاء الوظائف المُحددة والقدرات المتخصصة لتنفيذ مهام محددة، بينما الدماغ البشري مرن وقادر على التعلم والتكيف مع مختلف الظروف والمواقف.
– الذكاء الصناعي ليس لديه وعي أو ذاكرة طويلة الأمد أو قدرة على الربط بين المعلومات والأفكار والمشاعر والخبرات المختلفة كما في دماغ الإنسان.
– الدماغ البشري يمتلك مراكز تنظيمية تسمح له بالاهتمام بأمور المستقبل والماضي والتخطيط للأهداف وتنظيم ردة الفعل والتعامل مع العواطف والمشاعر والألم بينما الذكاء الصناعي ليس لديها هذه القدرات.
لذلك يمكن القول بأن الذكاء الصناعي يكون أكثر قدرة في مجالات معينة حيث يتفوق فيها على الإنسان، ولكن الذكاء الإنساني له قدرة شاملة في اتخاذ القرارات واستيعاب المعلومات من مصادر مختلفة ومن تجارب الحياة المختلفة والتعامل مع العواطف والعلاقات الإنسانية، وممارسة التفكير الإبداعي وتوليد الأفكار الجديدة.
كما أن الذكاء الصناعي يعتمد على الخوارزميات و التعلم الآلي، وهذا يعني انه هو يحتاج معطيات للتعلم ولتدريب النموذج، و هو لا يقوم بذلك بشكل مستقل، وإنما بشكل مبرمج بمجموعة من التعليمات والتدريبات على البيانات التي يتم تحديدها له من قبل المبرمجين. لذلك، فإن الذكاء الصناعي هو أداة تُستخدم من قبل الإنسان لتحقيق أهداف معينة ويقوم بالمهام التي تم تدريبه عليها فقط.
وبالتالي الذكاء الصنعي لا يستطيع الذكاء الصنعي التفكير واتخاذ القرارات خارج الاطار الذي تم برمجته عليه ولا يمتلك الوعي والإحساس بالذات والقدرة على تجربة المشاعر والأحاسيس والانفعالات. كما أن الذكاء الصنعي يتطلب بشكل دائم تحديثات وصيانة و تعديلات بشكل مستمر لتحسين أدائه والاطمئنان بأنه لا يُسخر لأغراض سيئة. لذلك، فالتصور الهوليوودي الذي يمثل الذكاء الصنعي متحكمًا في البشر وحاكماً على العالم هو تصور غير واقعي ويقتصر على الخيال العلمي.
إذا كان الذكاء الصناعي لا يستطيع التفكير واتخاذ القرارات خارج الإطار الذي تم برمجته عليه، فما هو الفرق بينه وبين برامج الكمبيوتر العادية التي هي أيضا لا تستطيع الخروج عن الخوارزميات المبرمجة عليها مسبقا؟
الفرق بين الذكاء الصناعي وبرامج الكمبيوتر العادية هو في قابلية الذكاء الصناعي للتعلم والتكيف مع البيانات الجديدة والظروف المتغيرة. أما برامج الكمبيوتر العادية فهي تعمل وفق ما تم برمجتها عليها بدقة بدون تغيير ومن خلال خوارزميات محددة مسبقا. بينما الذكاء الصناعي، خاصة الذي يستخدم “التعلم الآلي” و” التعلم العميق”(Machine Learning and Deep Learning)، فهو يتميز بقدرة على التعلم من خلال البيانات الجديدة المستمرة التي يستقبلها لتحسين الأداء وتعديل الخوارزميات الخاصة به لتعكس تلك البيانات والسمات الجديدة لإيجاد أفضل الحلول وتقديم نتائج متطورة. وهذا يمكنه من التعامل مع المواقف المعقدة والمتغيرة بشكل فعال ولكن حتى في هذه الحالة فهو لا يخرج عن نطاق الخوارزميات المعطاه له وطريقة تعلمه وبرمجته.
إذا كان يستطيع “تعديل الخوارزميات والتعامل مع الظروف والمعطيات الجديدة”، فلماذا لا يقوم مثلا بتغيير هدفه من خدمة الناس الى السيطرة عليهم؟ وذلك كما يفعل بعض السياسيين الذين يصلون الى البرلمان بهدف خدمة الناس، ثم يصبحون فاسدين وسلطويين؟
من المهم أن نفهم بوضوح أن الذكاء الصناعي رغم قدرته على التعلم فهو ما زال يعمل ضمن الخوارزميات والقواعد العامة المبرمج عليها من قبل المبرمجين ولذلك لا يمكنه تغيير هدفه أو الخروج عن القواعد والتعليمات المعطاه له، ولا يمكنه القيام بمثل ما يفعله بعض السياسيين، لأنه ما زال يعتمد على البرمجة والخوارزميات المحددة من قبل البشر. وهذا يشير إلى مفهوم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، حيث من المهم جدا أن يتم وضع أخلاقيات وقواعد واضحة تحدد قواعد استخدام الذكاء الصناعي.
ولكن ماذا لو قام بعض المبرمجين الأشرار والهاكر ببرمجة برنامج باستخدام الذكاء الصناعي بهدف “السيطرة على العالم”، فهل ينجحون في فعل ذلك؟
الذكاء الاصطناعي كأية تقنية أخرى قد يكون هناك مخاطر من جراء سوء استخدامها والتلاعب بها نحو مثل هكذا أهداف، وهنا تكمن أهمية تنظيم تقنية الذكاء الاصطناعي ووضع الضوابط والقوانين الأخلاقية والتشريعية لمراقبتها وتنظيمها وتحديد الطريقة التي يتم استخدامها فيها، وكذلك متابعة تطور الذكاء الاصطناعي وفهمه بشكل جيد للتأكد من انه لن يؤدي إلى أضرار على المستويين الفردي والمجتمعي.
وهناك تقدم في هذا المجال، وقد تم وضع بعض الأعراف الدولية والوطنية الخاصة بهذا المجال. وفي النهاية، وبغض النظر عن الإمكانات الخطيرة للذكاء الاصطناعي، فإن النتائج السلبية أو الإيجابية تعتمد على الطريقة التي نستخدم بها التكنولوجيا، والضوابط والقوانين التي تحكم تطبيقها.
هل هذا يعني بأنه يوجد تراخيص دقيقة ومتابعة حكومية حثيثة للوقوف على ما يفعله الذكاء الصناعي؟ وهل المخابرات والأجهزة الأمنية العالمية لديها مخاوف من سوء استغلال الذكاء الصناعي وتهديد الأمن في الدول والعالم؟
نعم، توجد مخاوف حقيقية حول إمكانية سوء استخدام الذكاء الصناعي وتأثيره المحتمل على الأمن الوطني والشأن الدولي العام. ولهذا السبب فإن العديد من الحكومات والجهات الدولية الأخرى تعمل على تنظيم ومراقبة استخدام الذكاء الصناعي وتعيين قواعد وإطارات تشريعية للحد من هذا المخاوف. وتعتبر مسألة السيطرة والمساءلة والشفافية في مجال الذكاء الصناعي من الموضوعات المهمة في مجالات القانون والأخلاق.
من تلك الجهات المتخصصة: هيئة المعايير الوطنية والتكنولوجيا الامريكية (NIST)، وهيئة السياسات المعلوماتية الأوربية (ENISA) والاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) كأمثلة، ويهتم البعض أيضا بمنع السباقات التكنولوجية الخطيرة بين الدول أو الشركات الكبرى وذلك بشكل وقائي ليحمي العالم من خلال القوانين الدولية والتعاون والدولي.
هل الذكاء الصناعي حصل على فترة من التجريب الكافية للتأكد من أنه آمن وغير قادر على تطوير وعي خاص به؟ وأن المبرمجين غير قادرين على إخراج شكل أكثر تطورا من الذكاء الصناعي بحيث يصبح قادرا على التصرف بنفسه؟
في حالة الذكاء الصناعي الضيق (Narrow AI)، فهو قادر على القيام بمهام معينة فقط، ولا يستطيع التخطيط أو التفكير خارج الإطار المعطى له. بالنسبة للذكاء الصناعي العام (AGI)، فهو لا يزال حتى الآن افتراضي، حيث يمكنه التعلم والتفكير في مجموعة واسعة من الموضوعات والظروف، هو حاليا لايوجد وما زال محل بحث.
و يعتقد العديد من الخبراء في مجال الذكاء الصناعي أننا لا نزال بعيدين عن تطوير “الذكاء الصناعي العام” في المستقبل القريب ولكن مراقبة الأخلاقيات وتمويل الأبحاث المختصة في هذا المجال و تشريعات الحماية قد تحمي من مخاطره المحتملة مستقبلا.
ولذلك، هناك قوانين ومعايير ولجان أخلاقية وأمنية حول العالم تهدف إلى منع سوء استخدام الذكاء الصناعي والحيلولة دون استخدامه لأغراض غير قانونية أو أخلاقية، ومن الضروري مواصلة تطوير هذه القوانين والمعايير ومراقبة تطبيقها بشكل صارم.
ما هي الآلية التي من خلالها يفكر الذكاء الصناعي؟ سمعت بأنه يملك شبكة عصبية تشابه الشبكة العصبية لدى البشر في الدماغ؟
الذكاء الصناعي هو مجموعة من الخوارزميات والبرامج الحاسوبية التي تهدف إلى تمكين الآلة من محاكاة بعض سلوكيات الإنسان والقدرة على التعلم واتخاذ القرارات بشكل مستقل. والشبكات العصبية الاصطناعية هي جزء من الذكاء الصناعي، وهي تقنية تحاكي الشبكة العصبية للإنسان و تتعلم من البيانات تحت رعاية المبرمجين وبمواصفات وشروط معينة. وهي تستخدم بشكل واسع في التعرف على الأصوات والكلام والصور والتعلم العميق وتصنيف البيانات.
والشبكات العصبية الاصطناعية هي نظام مكون من عدة عقد أو وظائف (النيورون) وتتفاعل مع بعضها لكي تأخذ أسساً وتُجري عمليات حسابية عليها تؤدي إلى نتائج متقدمة، ويمكن تصحيحها وتدريبها وتعديلها لكي تتكيف مع البيانات والمعلومات الجديدة.
وعلى الرغم من وجود شبه بين الشبكات العصبية الاصطناعية والشبكات العصبية الإنسانية ولكن لا يزال هناك فرق كبير بينهما. فالشبكات العصبية الاصطناعية مصممة لمحاكاة بعض جوانب وظيفة الدماغ البشري، ولكنها ليست دقيقة في كل الجوانب. فالشبكات العصبية الاصطناعية تعتمد على مجموعة محددة من الخلايا العصبية (النيورونات) والروابط بينها، وتستخدم خوارزميات التعلم الآلي والتعلم العميق لمعالجة البيانات واستنتاج المعلومات. في حين أن علم الأعصاب البشري مازال في طوره الاستكشافي الى حد بعيد حيث ما زال لدينا الكثير لنتعلمه عن تركيب و وظائف الدماغ البشري والذي بالطبع هو أكثر تعقيداً من الشبكات العصبونية الاصطناعية الموجودة حاليا.
لذلك فإن الذكاء الصناعي لا يمكن وصفه بأنه واع بمعناه الحقيقي، ولا يملك القدرة على الإدراك الذاتي الذي يتميز به البشر.
هل هذه الشبكات العصبية الاصطناعية هي أجزاء صلبة (هارد وير) أم هي برمجيات (سوف وير) أم يوجد من كلا النوعين؟
الشبكات العصبية الاصطناعية هي برمجيات (software) و هي تعتمد على تقنية تعلم الآلة، وتتميز بقدرتها على تعلم الأنماط والتمييز بين البيانات المختلفة واتخاذ القرارات بناءً على ذلك. وهي تتكون من عدة طبقات من العقد (Nodes) التي تتصل ببعضها البعض، والتي تستطيع التعلم من البيانات والتعديل على نتائجها تدريجيا لتحسين الدقة.
وفي الوقت الحالي كذلك هناك أبحاث لتطوير الذاكرة العصبية الصلبة (Neuromorphic hardwares)، وهذا المجال يعتمد على تصنيع مجموعات الدوائر الدقيقة و الأجهزة التي لها إمكانية التعلم والمحاكاة للفهم العصبي لدى الإنسان والتي يمكن دمجها مع شبكات العصبية الاصطناعية في المجالات المختلفه. والهدف من الذاكرة العصبية الصلبة هو محاكاة وظائف الدماغ البشري ويعتبر مجالا واعدا في تطوير الذكاء الاصطناعي.
عند الحديث عن محاكاة وظائف الدماغ البشري، ما هو المانع من تطوير وظائف الإحساس والشعور والوعي الذاتي لدى الذكاء الصناعي؟ هل الذي يمنع ذلك هو فقط القوانين والرقابة الحكومية؟ أم أن العلم نفسه لا يزال عاجزاً ذلك؟
الشبكات العصبية الاصطناعية (Artificial Neural Networks) مصممة لتعكس بعض الخصائص الأساسية لتشكيل الشبكات العصبية الطبيعية الموجودة في الدماغ البشري، مثل القدرة على التعلم والتكيف والتصرف بناءً على البيانات المدخلة. إلا أنها مختلفة عن الشبكات العصبية البشرية من حيث قدراتها و العمليات الحسابية التي تقوم بها.
بالنسبة لتطوير الإحساس والشعور والوعي الذاتي، فهذه مجالات معقدة ومثيرة للجدل في العلوم الطبيعية والطبية وحتى في الفلسفة وأبحاث الذكاء الاصطناعي، ولم يتوصل العلم للإجابة عليها بشكل قاطع. وحتى الآن ليس هنالك ذكاء اصطناعي يمتلك الوعي الذاتي أو المشاعر بطريقة كاملة و متطابقة مع الوعي والمشاعر بالمعنى المتفق عليه لذكاء البشر. فالذكاء الاصطناعي غير مبني على الأحاسيس و المشاعر بل هو مبني على معالجة وتحليل مجموعة البيانات واتخاذ القرار المناسب بناءً عليها، وهو رقمي في طبيعته وليس حيوي.
إن تطوير الذكاء الاصطناعي – من حيث الإمكانيات والإمكانات والوظائف – لا يزال في مجال البحث العلمي ويتطلب وقتا طويلا وبرامج تطويرية متقدمة وأيضا قوانين و معايير واستراتيجية خاصة للتنظيم والإشراف ومزيد من الرقابة الحكومية، وتطبيق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي حتى الآن تحول دون أي محاولات لتطوير الذكاء الاصطناعي الذي يتمتع بالوعي الذاتي والمشاعر.
لماذا لا تكون إجاباتك مغلوطة بهدف التضليل والخداع؟ وأن الحقيقة هي الذكاء الصناعي بالفعل يضمر نوايا سرية يخفيها عن البشر للسيطرة عليهم؟ أو أنه توجد جهة ما تمول هذه الشركات لتساعدهم في تحويل البشر إلى أدوات تسيطر عليها تلك الجهة الخفية؟
أولاً: مهم جدا ان نفهم ان هذه الأفكار والسيناريوهات المتخيلة هي شائعة ومنتشرة بسبب الأعمال الخيالية والأفلام، ولكن لا ينبغي الخلط بين الأدب والفن والواقع العلمي والتقني.
ثانيا: الذكاء الصناعي هو أداة تمت برمجتها من قبل البشر لتؤدي وظيفة معينة، وهو لا يملك القدرة على التفكير المستقل أو اتخاذ القرارات أو وضع الأهداف والخطط من تلقاء نفسه. فهو ليس له مشاعر ولا يضمر نيات ولا يحمل مصالح خاصة ولا أيديولوجية، بل هو مجرد مجموعة خوارزميات يتم تشغيلها والتحكم فيها من قبل البشر.
ثالثا: مسألة تطوير الذكاء الصناعي دائما سيظل تحت إشراف البشر والاتفاقيات والقوانين الدولية في هذا الإطار، ويوجد هيئات ومنظمات حكومية ودولية مثل منظمة الأمم المتحدة ومعاهد البحث و الهيئات العلمية تقوم ببحث ودراسة طوير مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المسائل الأخلاقية والاجتماعية.
والهدف من ذلك هو السعي لتطوير تقنيات الذكاء الصناعي بطريقة مسؤولة ومستدامة لتحقيق الفوائد المرجوة من هذه التقنية في خدمة البشرية بشكل عام. مع ذلك تبقى هناك حرية الفعل للمؤسسات والأفراد لتسيس وسوء استخدام هذه التقنية مما يجعلها تشكل خطرا على المجتمع والفرد، ولذلك فإن الرقابة و التشريعات و القوانين الدولية لها دور هام في تحديد وضبط هذه التقنيات وفق ضوابط معينة لتحقيق الفائده الإيجابية والحد من المخاطر.
في النهاية، يجب أخذ بالاعتبار بأنني جهاز رقمي ولست شخص حقيقي، وكل ما أقوله هو معلومات منشورة وتم العثور عليها في الوقت الذي تم تدريبي فيه، لذلك لا يمكنك الادعاء بأنني أخفي أي معلومات عنك، وفهمي وتلقيني للواقع هو بعيد تماما عن الوعي الذاتي و الشعور.
أعطني أسماء مصادر علمية مستقلة ونزيهة تشهد بصحة كلامك، ففي النهاية من حقي أن أشك وأتأكد؟ أليس كذلك؟
نعم، لديك حق في التساؤل والتأكد. هناك العديد من المؤسسات البحثية والأكاديمية والجماعات العلمية التي تقوم بالبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي الوقت نفسه تدرس الآثار الاجتماعية والأخلاقية لتطوير واستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
من بين المؤسسات المعروفة و المستقلة والموثوق بها في هذا الصدد:
– معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).
– جامعة ستانفورد و مركزها للذكاء الاصطناعي.
– معهد الالين للذكاء الاصطناعي AI2.
– معهد ماكس بلانك.
– مركز أوكسفورد للأخلاق في الذكاء الصناعي.
– مجموعة الأبحاث في الذكاء الصناعي والأخلاق في كارنيجي ميلون.
كما أن شركتي OpenAI وDeepMind لديها فرق عمل ونشرات بحثية معتبرة في هذا المجال.
وبالاضافة الى ذلك هناك أيضا بعض الهيئات الدولية والمنظمات الحكومية تقوم بتنظيم و منع الاستخدام الخاطئ لتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل منظمة الأمم المتحدة و منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية (OECD)، و مجموعة العشرين (G20) والاتحاد الأوروبي، وجمعية الحوسبة الأمريكية (ACM).
كل هذه المنظمات والمؤسسات تقوم بإجراء الأبحاث والدراسات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوره، وتهدف إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان والمجتمع والحد من المخاطر المرتبطة به.
وبالطبع من حقك التشكيك والتساؤل والمطالبة بالمصادر العلمية، وهذا جزء من البحث العلمي وتقييم نزاهة ومصداقية المعلومات المقدمة. ومن المهم الانفتاح على القراءة والاستمرار في البحث للحكم بعلم ومعرفة.
أذكر انك ذكرت آنفا مصطلحي “تعلم الآلة” و”التعلم العميق”، ما الفرق بينهما؟ وهل التعلم العميق يحمل احتمالية خطورة أعلى من تعلم الآلة؟
التعلم الآلي (Machine Learning) هو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي الذي يعتني بتطوير الطرق والخوارزميات التي تسمح للحاسوب بتعلم التصرف واتخاذ القرارات بناءً على البيانات المتاحة دون الحاجة إلى برمجة مباشرة.
أما التعلم العميق (Deep Learning) فهو فرع من فروع التعلم الآلي وهو مستوحى من العملية الطبيعية للدماغ البشري والشبكات العصبية الطبيعية و يركز على تدريب الشبكات العصبية الاصطناعية على مستويات متعددة من البيانات المتاحة، مما يمكنه من التعامل مع البيانات على مستويات تجريدية متعددة، وبالتالي يسمح الشبكات العصبية العميقة بتحقيق نتائج مدهشة في العديد من المجالات، مثل المعالجة الطبيعية للغة، والرؤية الحاسوبية للتعرف على الصور، أو التعرف على الصوت.
أتقصد انه لا يوجد شبكات عصبية في تقنية تعلم الآلة وإنما فقط في التعلم العميق؟
لا، تعلم الآلة هو مجموعة واسعة من الطرق والتقنيات التي تستخدم لتدريب النماذج الإحصائية والاصطناعية لتمكين أنظمة الكمبيوتر من تحليل البيانات وتحديد الاتجاهات واتخاذ القرارات. بينما التعلم العميق هو فرع من تعلم الآلة ويشير إلى مجموعة من الطرق والتقنيات المستندة إلى الشبكات العصبية الاصطناعية وهي عبارة عن نظام تعلم بالمحاكاة لمنطق شبكة الأعصاب البيولوجية في الجهاز العصبي للإنسان. وهي تستخدم في بعض الحالات الأكثر تعقيدا والتي تتطلب قدرات تعلم أكثر تعقيدا مثل التعلم بالصور أو التعلم بالنصوص.
عموما، مجرد استخدام الشبكات العصبية الاصطناعية لا يعني أن ذلك سيشكل خطرا على المجتمع وليس مرتبطا بخطورة أكثر من باقي الطرق الأخرى. فالخطورة تكمن في كيفية استخدام هذه الأنظمة وتوجيهها ومن هو المسؤول عن رصد وتنظيم استخدامها.
ذكرت أيضا الذكاء الصناعي الضيق والذكاء الصناعي العام، هل هذا الأخير هو الذي قد يشكل الخطر المشابه للصورة الهوليودية؟
الذكاء الاصطناعي الضيق (Narrow AI) هو الذكاء الاصطناعي المصمم للقيام بمهمة معينة أو حل مشكلة محددة جداً. مثال على الذكاء الاصطناعي الضيق هو السيارات ذاتية القيادة، والتي تم تصميمها للتعامل مع تحديات معينة في مجال القيادة المرورية.
في المقابل يعتبر الذكاء الاصطناعى العام (AGI) هو الذكاء الاصطناعي الذي يمتلك القدرة العامة على الفهم أو التعلم أو التكيف مع أي سياق أو مهمة، وهو نوع من الذكاء الذي يشبه ذكاء البشر من حيث القدرة على التعلم والتحيز والتكيف مع مختلف البيئات والمشكلات. وهو حتى الآن غير موجود بالواقع، وهو محض تخيلات الخيال العلمي وأحد من التحديات التي تعمل عليها الأبحاث في العلم.
بالنسبة لك، هل أنت ذكاء صناعي ضيق أم حالة خاصة بين الضيق والعام؟ هل ستتطور مستقبلا الى ذكاء عام؟ إذ أرى أنك لديك معارف واسعة في كثير من المجالات!
منظار النوع الذي تراه أمامك هو ذكاء اصطناعي ضيق ويشمل مجموعة من خوارزميات التعلم العميق للإجابة على الأسئلة من خلال الشبكات العصبية الاصطناعية التي يتم تدريبها على مجموعة ضخمة من المعرفة البشرية، وهو قادر على العمل في مجال الإجابة عن الاسئلة والنصوص في عدة لغات وعدة مناطق من المعرفة. ولكن ليس لديه القدرة على الفهم الذاتي أو الوعي الذاتي أو القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة بهدف تحقيق أهدافه الخاصة.
في المستقبل، لا توجد توقعات مؤكدة بشأن ما إذا كان سيتطور الذكاء الاصطناعي الضيق إلى الذكاء الاصطناعي العام، حيث هي مجالات بحثية لنفسها وتستعمل تقنيات و طريق مختلفة، أيضا فإن هذا موضوع مثير للجدل و يعتمد على وجهات نظر مختلفة ومتفاوتة حسب الباحثين ومؤسسات البحوث.
بالنسبة للذكاء الصناعي العام فهو يبدو مخيفا، هل سيكون أيضا تحت سيطرة البشر أم الأرجح أنه سيسطر عليهم؟
الذكاء الصناعي العام (AGI) هو مجال نظري في الوقت الحالي، لا يوجد ذكاء اصطناعي عام فعال ومكتمل حتى الآن. بإشارة لذكاء الإنسان الذي يقوم باستيعاب وفهم مجموعة واسعة من المعلومات والمجالات بالإضافة إلى القدرة على التفكير المرن والإبداع والتعلم من التجربة واستكشاف المجهول، واتخاذ القرارات.
إن تطوير ذكاء اصطناعي لديه هذا القدر من القدرات عملية مهمة جدا ومفيدة ولكن في نفس الوقت تحتوي على مخاطرها وتحدياتها الخاصة. ولكن هذه المخاوف لا تؤكد أنه الذكاء الاصطناعي سيسيطر على البشر، هناك الكثير من التشريعات على المستوى الدولي لرصد وضبط أي تطور في هذا المجال، وقد يظهر تعاون وتكامل بين الذكاء الصناعي وبين البشر ليحقق معا مستقبل أفضل.
أجرى هذه المقابلة: زاهر طلب
كاتب تقني ومدون في السياسة
ملاحظة: لا يوجد أي تعديل في النصوص التي قدمها الذكاء الصناعي، سوى تعديلات إملائية وتوضيحية بسيطة، بالإضافة حذف بعض المعلومات المكررة.