مقابلة مع ChatGPT إمكانيات الذكاء الصناعي في التحليل السياسي: الآفاق والحدود

بعد انتشار الحديث حول القدرات الخارقة للذكاء الصناعي، وخاصة برنامج الدردشة ChatGPT الرهيب الذي أطلقته مؤخرا شركة OpenAI، تصاعدت الأسئلة بكثرة حول قدراته الخارقة وحدود ما يمكن فعله، وهل سيحل محل البشر في بعض الوظائف، وبحكم خبرتي في كتابة المقالات السياسية وأيضا في عالم التقنية الحديثة مؤخرا، فقد قررت القيام بعمل مقابلة مع البرنامج مباشرة للوقوف على واقع هذه الأمور بما يخص التحليل السياسي والصحافة، علما أنه يتوفر مصادر أخرى كثيرة للبحث عن إجابات للأسئلة المطروحة، ولكن أحببت تجربة ما إذا كان الذكاء الصناعي وتحديدا هذا البرنامج مدركاً لقدراته وحدود هذه القدرات، وموضوع اليوم هو قدرات الذكاء الصناعي بما يخص التحليل السياسي والكتابة الصحافية.

سوف تكون هناك المزيد من الموضوعات المشابهة إن شاء الله حول مختلف الموضوعات التي تهمنا كبشر، مثل الأديان وعلم الفلك وما إذا كان هذا البرنامج يمكنه الإفادة في حل بعض القضايا والصراعات المعقدة الخ.

بالحديث عن الموضوعات المعقدة والمثيرة للجدل، هل يمكن في يوم من الأيام لبرامج الذكاء الصناعي الوصول إلى حل نهائي لهذه القضايا المعقدة والشائكة؟ أم أنها ستظل على الدوام مجرد انعكاس لحال الباحثين من البشر بخلافاتهم المتعددة؟ ألا يمكن للذكاء الصناعي الوصول إلى نتائج محايدة ونزيهة بحكم كونه ليس لديه تحيز ولا مشاعر ويستطيع وضع كل الأدلة التي تقدمها جميع الأطراف المختلفة للوصول الى نتيجة نهائية موضوعية؟

ChatGPT: الذكاء الصناعي هو مجرد أداة يمكن استخدامها لمساعدة البشر في تحليل البيانات واتخاذ القرارات المعقدة. ومع ذلك، فإنه يعتمد على البرمجة والبيانات التي يتم تزويده بها سابقا والتعليمات التي يتم اعطائه للقيام بها. لذلك فإن الذكاء الصناعي ليس مستقلا تماما.

من ناحية أخرى، كون الذكاء الصنعي لا يمتلك مشاعر أو تحيزات لا يعني أنه يمكنه تجاهل مصادر البيانات غير الموثوقة أو تعليمات البرمجة الخاطئة، أو أنه يمكنه حتى اتخاذ قرارات محايدة تماما أو نزيهة على جميع المواضيع المعقدة والشائكة. وأيضاً تعتمد أساليب الذكاء الصنعي على الخوارزميات والبيانات التي يتم توفيرها له والتي يمكن أن تحمل في طياتها تحيزات للمطورين أو لمصادر البيانات. لذلك فإن الذكاء الصنعي قد يقوم بإنتاج نتائج ذات توجه معين اعتمادًا على ما يتم تزويده به.

إذن فإن الاستنتاجات التي يتم الوصول إليها في النهاية تعتمد على البيانات التي تم إدخالها في البداية. وهذا يعني أنه إذا كانت البيانات المدخلة متحيزة أو غير كاملة، فإن النتائج قد تكون مشوهة أو غير دقيقة. يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تحليل البيانات والوصول لنتائج مقنعة ولكنه يعتمد على مدخلات البيانات لذلك لا يمكن وصفه بأنه نزيه.

وهذا لا يعني أن الذكاء الصناعي لا يمكن أن يكون مفيدا في المساعدة في معالجة قضايا معقدة والوصول إلى حلول ممكنة. في الواقع، الذكاء الصنعي يمكن أن يساعد في تحليل البيانات الضخمة وتحديد الأنماط والاتجاهات وتقديم توصيات مبنية على الحقائق الموضوعية. ولكن هذا بحاجة إلى تطبيق وتوظيف دقيق وموضوعي لهذا الذكاء الصنعي لأنه في نهاية المطاف لا يمكن للذكاء الصنعي أن يستبدل العقل البشري ولا يمكنه أخذ كل العوامل البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها في الاعتبار اذا لم يبرمج تحديداً لهذا الغرض.

ما هي أقصى الإمكانيات الحالية التي يمكن بها لمختلف برامج الذكاء الصناعي تقديمه فيما يتعلق بالتحليل السياسي المتعلق بالقضايا المعقدة والخلافية؟ بماذا يمكن له أن يتفوق على البشر؟ وبماذا يمكن للبشر أن يظلوا متفوقين عليه؟

ChatGPT: برامج الذكاء الصناعي يمكنها معالجة كميات ضخمة من البيانات وتحليلها بسرعة ودقة عالية، ويمكنه التعرف على الاتجاهات والأنماط في البيانات. هذه القدرة تسمح لها بتوفير نظرة عامة على القضايا السياسية، ورصد الاتجاهات، وتقديم توقعات استناداً إلى البيانات المتاحة. ولكن هذا لايعني توصية أو حل نهائي لقضية معقدة.

ومع ذلك، يظل هناك بعض الجوانب التي يمكن للبشر أن يظلوا متفوقين فيها على الذكاء الصناعي، مثل القدرة على تقويم القيم والتحيزات وتفسير الأحداث السياسية في سياق إنساني وعلاقتها بالعلاقات الدولية والأيديولوجيات السياسية والعوامل الثقافية. كما يمكن للبشر عموما استيعاب مشاعر ودوافع الآخرين والسياق الشامل للمشكلة ذاتها بشكل أفضل من الذكاء الصناعي والتي احياناً تتطلب وجهات نظر وتحليل متعدد الأبعاد.

هل هذا يعني أنه لا يمكن الاستغناء عن المحللين السياسيين والصحافيين؟

ChatGPT: نعم ،هذا يعني أنه لا يمكن الاستغناء عن المحللين السياسيين والصحافيين البشر في المدى القريب. فرغم قدرة الذكاء الصناعي على تحليل البيانات الكبيرة والعثور على أنماط واتجاهات معقدة، إلا أن البشر لا زالوا أفضل في الفهم العميق للسياقات والتعقيدات السياسية والاجتماعية والثقافية التي يتوقف عليها تفسير الأحداث بتنوعها وتعددها والوصول الى الدقة في تبني أو رفض الأفكار والنظريات المتناقضة. وكذلك في القدرة على تحليل جوانب علاقة التناقضات والمصالح بين الدول والجماعات المختلفة والأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية والسياسية والدينية.

وفي النهاية، تحليل الأحداث السياسية والتقارير الصحفية هو عملية معقدة تتطلب الحساسية والتفاعل الإنساني والخبرة والمرونة والفكر النقدي والقدرة على فهم جميع جوانب المشكلة و معرفة الأسباب والدوافع وراء الاحداث و هي قدرات يصعب على الذكاء الصناعي الفهم الإنساني و الفطري للكيفية التي يعمل بها البشر. الذكاء الصنعي بإمكانه جمع المعلومات وتصنيفها وتحليلها وربما إخراج استنتاجات ذات صلة، و لكنه محدود بالنهاية بالبيانات التي يتم توفيرها له وطريقة ترتيبها و تحليلها و لا يمكنه التوصل لاستنتاج جديد خارج تماماً عن البيانات والمعلومات والخبرات السابقة.

لذلك، فإن الاستغناء عن المحللين السياسيين والصحافيين ودورهم الهام في تحليل الأوضاع وتقييمها وتقديم معلومات حول القضايا الحالية وتوضيح دوافع أصحاب المصالح المختلفة, لا زالت فكرة مستبعدة.

إذا كان لا يمكن للذكاء الصناعي أن يجعل من الممكن الاستغناء عن المحللين السياسيين والصحافيين، فهل هذا يعني في المقابل أن أمورهم الوظيفية ستظل في أحسن حال، وأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟

ChatGPT: الذكاء الصناعي يستطيع المساعدة في تحليل و تجميع البيانات الكبيرة وتسهيل الوصول إليها وتصنيفها، وفي بعض الأحيان إجراء التحليلات الأولية. ولكن لا يزال يتطلب الأمر وجود محللين سياسيين وصحافيين بشريين لتفسير البيانات و وضعها في سياقها الصحيح وتحديد أهميتها وتوفير الرؤى العميقة و المنطقية. كما يمكن للذكاء الصناعي أن يكون أداة مساعدة تمكن المحللين والصحفيين من الوصول إلى استنتاجات أكثر دقة وكفاءة وان يصبحوا اكثر موضوعية .

يجب التذكير بأن تقنيات الذكاء الصناعي بكل ما تملك من إمكانات و إيجابيات تبقى تحت تحكم الانسان و محدودة بالمعطيات و المعلومات الممدة لها . وأخيرا، لا يمكن أن يعزى للذكاء الصناعي وحده القدرة على حماية وظائف المحللين السياسيين والصحافيين، حيث أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على سوق العمل في هذا المجال، مثل العوامل

لم اقصد أن الذكاء الصناعي سيحمي وظائف المحللين السياسيين والصحافيين، ولكن إلى أي درجة يؤثر عليهم؟ وهل يجب أن يفعلوا شيئا؟ أم أنهم في أمان تام؟

ChatGPT: لا يمكن القول بأن المحللين السياسيين والصحافيين في أمان تام، حيث أن الذكاء الصناعي قد يقوم بتغيير طبيعة عملهم ويمكن أن يجعل بعض المهام الروتينية (مثل جمع البيانات وتحليل الاتجاهات) أكثر كفاءة. ولكنه لن يغطي كافة مهامهم مثل أخذ رأي الحكام والمهتمين وكذلك تأثير الملابسات الاجتماعية والسياسية الحساسة والمتغيرة في كل بلد، أي لن يكون قادرا بشكل كامل على تقييم الدوافع وراء قرارات الشخصيات البارزة وغيرها من المعلومات الجزئية. قد يقلل من حاجة لعدد المحللين الصحافيين، حيث استبدلت بعض المهام بالذكاء الاصطناعي ولكن عليهم التكيف مع الوضع الجديد وتعلم مهارات جديدة تقنية واجتماعية ليتعاملوا مع الأدوات الذكية ويضيفون قيمة مباشرة لعملهم ويظلوا متفوقين على الذكاء الصناعي.

هل يستطيع الذكاء الصناعي مثلا أن يجري مقابلة مع رئيس دولة أو مسؤول أو محلل سياسي كبير؟ هل يمكن له طرح الأسئلة بدلا من الإجابة عنها؟

ChatGPT: لا ، الذكاء الصناعي لا يقوم بتنظيم وإجراء مقابلات، و لا محادثات حقيقية لأن الذكاء الصنعي بالأساس مبرمج للإجابة على الأسئلة ومعالجة البيانات وليس لتوجيه الأسئلة. و بالرغم من أن الذكاء الصنعي قد يستخدم لإجابة بعض الأسئلة المحددة أو اقتراح أسئلة في مقابلة ولكن الحوار الفعلي يتم عادة من قبل الصحفي أو المحلل السياسي وهو الذي يقوم باتخاذ القرارات فيما يتعلق بالأسئلة المناسبة والتي يجب طرحها والتفاعل مع المستجيب ودراسة الأجوبة و شرح السياق.

هل يمكن مستقبلا برمجة الذكاء الصناعي على طرح الأسئلة التفاعلية؟ والتي تعتمد على فهم مسبق حول الشخص الذي يتم إجراء مقابلة معه، وأيضا تحويل مسار الأسئلة أثناء المقابلة بناءً على الإجابات؟

ChatGPT: نعم، يمكن للذكاء الصناعي أن يطرح الأسئلة تفاعلية بناءً على الردود التي تتلقاها وتحويل مسار الأسئلة بدقة وفقا لذلك. الذكاء الصناعي يمكن أن تستخدم لتوجيه عملية الحوار والملاحة فيها واختيار الاسئلة بحيث تكون مناسبة ومنطقية و غير متكررة. ويمكن استخدام معطيات متاحة لفهم المتحدث وحتى القضايا الاجتماعية ما سمح بجعل الحوار طبيعي.

ومع ذلك، الذكاء الصناعي لديه قيود في إدراك السياق الإنساني العميق وتفسير الدلالات اللغوية الدقيقة دائما يعتبر تحدي أخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل والمشاعر الانسانية . العملية ربما لن تكون قوية مثل مقابلة إنسانية تجريها شخص مختص لديه القدرة على الفهم العميق للقضايا والحساسية للتعامل مع المتحدثين والمواضيع بطريقة مهنية وأخلاقية.

بكلمة أخيرة، ماذا تنصح الكتاب والصحافيين والمحللين السياسيين وما شابه من أصحاب المهن أن يفعلوا لمواجهة نتائج ظهور تقنية الدردشة بالذكاء الصناعي ليبقوا في وظائهم وأعمالهم، بل حتى يتفوقوا فيها أكثر؟

ChatGPT: إن تقنية الذكاء الاصطناعي تقدم اليوم العديد من الفوائد ولكنها أيضا تشكل تحديات جديدة للعديد من المهن منها الكتاب والصحافيين والمحللين السياسيين.

فمن المهم لهم ان يتابعوا تطورات هذه التكنولوجيا ويكونوا على دراية بكيفية تأثيرها على مجال عملهم وكذلك يعرفون الى اي مدى يستطيعون الاستفادة منها في انجاز اعمالهم وزيادة إنتاجيتهم، وذلك من خلال:

– التعلم عن التكنولوجيا واستخدمها بشكل إيجابي ومثمر، ليتمكنوا من الاستفادة منها لتحليل البيانات الكبيرة و اختصار العديد من الأعمال المملة والمكررة.
– الابتكار ورفع مستوى الأداء من خلال البحث عن طرق جديدة لاستخدام التقنيات المتطورة.
– زيادة الاهتمام بتطوير قدراتهم ومهاراتهم والتعلم المستمر، خاصة في مجال الصحافة والتحرير.
– والأهم الحفاظ على النزاهة وموثوقية المعلومات والإلتزام الأخلاقي في العمل.

لكن يجب ان نعلم بان التنافس في نشاط الكتابة والإعلام ليس محدوداً فقط على التقنيات والأدوات مثل نظام الذكاء الاصطناعي في الدردشة، وإنما يشمل أيضا المهارات الأساسية لهذه المهن مثل البحث والتحليل والتقديم والتسويق.لذلك، من المهم أن يقوم الكتاب والصحافيين والمحللين السياسيين بالاستمرار في تحديث مهاراتهم وتطويرها، والقيام بالبحث الجيد، والتحليل الدقيق، والتواصل الفعال مع الجمهور. بالاضافة الى ذلك يستطيعون الآن الاستفادة من هذه التقنيات للوصول الى معلومات جديدة وموثوقة وسريعة الحصول عليها واستخدامها في كتاباتهم وتحليلاتهم. وايضاً المشاركة في المجتمعات المتخصصة والتعلم من خلالهم وتكوين الشبكات.

أجرى هذه المقابلة: زاهر طلب
كاتب تقني ومدون في السياسة

ملاحظة: لا يوجد أي تعديل في النصوص التي قدمها الذكاء الصناعي، سوى تعديلات إملائية وتوضيحية بسيطة.

Scroll to Top