إن هذه المجازر الكبرى التي يرتكبها النظام البعثي المجرم الآن في سوريا هي أكبر دليل على أنه يجب فورا تطبيق حظر جوي ومنطقة عازلة، وأيض تسليح للجيش الحر بالسلاح الثقيل وبدون قرار من مجلس الأمن، إذ لا يجوز الاكتفاء فقط بعمليات الجيش الحر، فهو غير قادر على منع النظام من تكرار مجزرة حماة.
فمن المؤكد انتصار الجيش السوري الحر في نهاية الأمر، لكن يبقى من الضروري تطبيق حظر جوي ومنطقة عازلة بدون قرار مجلس أمن، إن هذا ضروري من أجل تجنيب البلاد مجازر مخيفة ربما يقوم بها شمشون بشارون المجنون انتقاما من الشعب قبل أن يرحل، ومهما تكن كلفة فاتورة الحظر الجوي فلا شيء أغلى من أرواح أبناء الوطن.
إن الإسلام قد حث على الجهاد ولكن أيضا من مقاصد الإسلام حفظ النفس، ولا يجوز (أن نطلق العنان) لأرواح الشعب هكذا بدون أي حذر، إن مجلس الأمن عاجز عن تطبيق حظر جوي، ولكن يمكن لتحالف خليجي غربي أن يطبقه ليحمي الشعب السوري من مجازر كبرى مهولة يستطيع النظام أن يقوم بها قبل سقوطه الحتمي.
وكما قال الكاتب عبد الرحمن الراشد في أحد مقالاته:
“لكن السؤال الذي طالما طرح وكرر هو: ما ثمن سقوط الأسد؟ الإجابة، للأسف، هي أن ثمن سقوط الأسد سيكون كبيرا، وسيدفعه السوريون العزل طالما أنه لا يوجد تحرك إقليمي ودولي يصب في اتجاه فرض منطقة عازلة، وحظر للطيران، واعتراف واضح بالمجلس الوطني السوري، فحينها ستهيأ ظروف إسدال الستار على نظام الأسد، وبشكل سريع. فالمهم اليوم هو تقليل حجم الخسائر في صفوف السوريين. وقد يقول قائل: هل المطلوب تدخل عسكري؟ والإجابة هي: لم لا! فقد فعلها المجتمع الدولي ليس في ليبيا وحسب، وإنما في يوغسلافيا، وفي قلب أوروبا!”
حينما قال النقيب الواوي: «إن الانشقاقات تتوالى داخل النظام، وقد وصل الجيش السوري الحر إلى مشارف القصر الجمهوري، لكننا أحجمنا عن مهاجمته خوفا على المدنيين»، مشددا على أن «الأيام المقبلة ستكون على موعد مع عملية دمشق وصولا إلى القصر، وسنسقطه (النظام) من دون تدخل خارجي». وقال مثل ذلك غيره كثيرين جدا، ثم تبين لنا الآن أنه كان كلاما مغرق في الأحلام الجميلة ولا يعبر عن واقعية، وهذا طبيعي بعد فترة طويلة من الإحباط، ولكن الواقعية شيء ضرورية للنصر.
ولكن كان غيره من الناس يقولوا بعكس ذلك مثل:
” إن المسافة بين الامنية والأخذ بالأسباب تجعلنا لا نركن الى الأمنية… أمنيتنا أن يزول النظام من دون تدخل خارجي… ولكن كأخذ بالأسباب يجب علينا المطالبة به باستماتة، لأنه يجب ألا يخدعنا استضعاف النظام وادعاؤه الضعف، ويجب ألا تخدعنا القوة المعنوية الأسطورية للثورة المسلحة، إن ضعف امكانياتها وحقيقة أن النظام ربما لم يفقد حتى 10% من قوته, هناك بعض صفحات على الفيسبوك تهول لقوة الجيش الحر ولضرباته، ثم نكتشف أنها مبالغ بها، فالغاية هو أن نركن للجيش الحر فقط دون الاستعانة بمساعدة الخارج، ونحن نقول بمنطق العقل والواقع وليس بمنطق الصدف والمفاجاءات والمعجزات (التي لاتوضع في حساب العقل السياسي) إن النظام من المستحيل إن يسقط بدون تدحل خارجي عسكري, إن النظام يريد أن يخدعنا حتى لا نلجأ إلى الدول التي تزيله بعمل عسكري خارج مجلس الامن، أما المجلس الوطني فهو مأزوم ، لأن الغرب قد يلجأ للناتو، بدون أن ينتظر المجلس الوطني مما يجعل طلب المجلس الوطني له في حكم المضطر”.
البعض يتحدث عن الخوف من فاتورة التدخل الغربي العسكري، وأنها غير ضرورية اذا كان من الممكن إسقاطه بدون تدخل، لكن هذا الآن غير مهم كثيرا مقارنة بوجوب منع تكرار وقوع مجازر كبرى، فالنظام ومن ورائه إيران وروسيا لو أرادوا لأبقوا النظام يقتل الشعب خمس سنوات مثل صربيا، ومن الواجب مضي السعودية قدما مع فرنسا وأمريكا في عملية الوصول إلى فرض الحظر الجوي، لأن مجرد هذا التخطيط بحد ذاته يسرع الانشقاقات الكبرى، ويكون عاملا احتياطا لأي خطر مجزرة كبرى.
فلنتوكل على الله ونسأله وحده تعالى أن ييسر هذا الأمر، ولنأخذ أيضا بالأسباب ونناشد من دول الخليج وخاصة السعودية، أن يعملوا فورا على إنشاء تحالف من الدول الغربية والناتو بدون قرار من مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي الإجرامي، كما يجب أن تبقى قلوبنا متعلقة بالأمل بالله وحده، كي يحرك الله هذه الدول العربية والغربية ويحرك سبحانه الأسباب المادية لإنقاذ الشعب السوري من المجازر، ولمساعدة الجيش السوري الحر على إسقاط النظام إسقاطا كاملا بأقرب وقت بإذن الله.