27 – 12 – 2011
حصد القمع الذي يقوم به نظام بشار الأسد السوري ضد شعبه ، حصـد يوم أمس عشرين آخرين من الضحايا في مدينة حمص ، و هي واحدة من أكـثر المدن معاناة منذ بداية الثـورة . قبل بضعة أيام فقط ، أسفر اعتداء ، نسبته السلطات السورية إلى القاعدة ، عن خمسين ضحية في دمشق العاصمة . تتزامن هذه الدوامة من العنف مع وصول بعثة من المراقبين التابعين لجامعة الدول العربية إلى البلاد ، و هم مكلفون بالتحقق من تنفيذ خطة تسعى لإيجاد مخرج متفاوض عليه للأزمة و يتوقع بندها الأول إنهاءً لأعمال القمع .
كائناً من كان المسؤولون عن الاعتداء في دمشق ، فإن بشار الأسـد لا يستطيع التذرع بهذه المذبحة التي لا يمكن تسويغها ، لتسويغ تلك التي يقوم هو نفسه بارتكابها ضد أولئك الذين يتطاهرون بشكل سلمي مطالبين بتنحيه . إنهم الآن ما يقرب من خمسة آلاف أولئك السوريون الذين فقدوا حياتهم على أيدي الجيش و قوات الأمن ، حسب الإحصاء الذي قامت به الأمـم المتحدة ، و هو رقم يُظهِر حجم وحشية النظـام السوري ، و ليس قوتـه . ليس هناك أي مخرج سياسي ممكن مع بقاء بشار الأسـد في السلطة ، و عليه ، فإن محاولته لكسب الوقت عن طريق إجراءات تجميلية تسعى لدفـع المعارضة للتنـازل و لجعل المجتمع الدولي ينصاع لأية تسوية ، لن تكون مجدية .
لقد أثبت ما يجري في حمص ، و في مدن أخرى كذلك ، أن المعارضة لا تبدو مستعدة للتخلي عن مطلبها بمغادرة الأسـد . و المجتمع الدولي ، من جانبه ، لم يقم أيضاً بخطوات تستجيب لآمال الديكتاتور في أن تستدعي الانتصارات الانتخابية المؤكدة للإسلاميين في تونس ، و الأكثر من مرجّحة في مصر ، إعادة النظر بمساندة تطلعات المتظاهرين في سـوريا . إن رفض القمع المنفلت من كل عقال الذي يقوم به الأسـد لا يمكن أن يتراجع أمام الخشية مما سيحدث بعد رحيله .
كانت خطة الجامعة العربية الأمل الأخير للأسـد ، و ليس للعملية الانتقالية و التحول في سـوريا . فالأخيرة ستبدأ عاجلاً و ليس آجلاً و الشيء الوحيد الذي يبقى على المحك لسوء الحظ هو حجم العذاب الذي ستكلفه . لقد انتهى وقت بشار الأسـد في اللحظة نفسها التي أسقط فيها القمعُ الضاري الضحيةَ الأولى . و الآلاف الذين ألحقهم بتلك الضحية منذ تلك اللحظة لم يكونوا إلا دافعاً ليتحوَّلَ الدعم الدولي للمتظاهرين إلى واجب أخلاقي و ليس واجباً سياسياً فقط .
ترجمة : الحدرامي الأميني
www.elpais.com/articulo/opinion/Deberes/Siria/elpepiopi/20111227elpepiopi_2/Tes