كثيرون ييفسرون عبارة ” لا يضرهم من خذلهم” على أنها تنطبق على حماس، لكن ماذا لو لم يكن ذلك صحيحاً بالضرورة؟ إذ إنه بتتبع أحداث الواقع، سوف نجد أنها تنطبق أكثر على محور عميلة السلام أكثر من المقاومة! فكيف ذلك؟
نص الحديث كاملا: في الحديث الشريف “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.
عملياً، نشاهد أن دول محور الاعتدال هم الذين لا تضرهم معارضة مئات الملايين من أفراد الشعوب التي خذلهم.
بينما نلاحظ أنه لو حصل قليل من الخذلان من الجمهور تجاه محور الممانعة فإن ذلك يعطل سير نتائج خططهم!
هل تلاحظون أنه عملية السلام تمضي في طريقها رغم خذلان الجماهير، بينما المقاومة لا تقوم لها قائمة إلا على دعم من الجماهير؟
شاهدوا كيف نجحت عدة اتفاقيات للسلام، فقلصت حجم دولة اسرائيل نسبياً، وذلك رغم الخذلان الشعبي للسائرين في هذا الركب الصحيح، وخاصة خذلان المثقفين والجماعات الإسلامية وهو أشد من خذلان الشعوب وعوام الناس.
في حين كانت هناك عشرات من خطط المقاومة تسير بنجاح عندما كانت الجماهير تدعمها، فلما توقف قليلاً هذا الدعم الجماهيري، توقف على إثرها نجاح تلكم الخطط! ومن أمثلتها خطط إيران والإخوان المسلمين وأردوغان والتي كان عمادها الرئيس هو الحصول على الدعم الشعبي والجماهيري، ألا تلاحظون؟
بمعنى أن محور المقاومة هم الذي يضرهم من خذلهم، بعكس محور عملية السلام فهم الذين من الواضح أنه لا يضرهم من خذلهم، هذه ملاحظة واقعية محضة وليست ملاحظة دينية أو شرعية.
حتى في المسار الفلسطيني في عملية السلام الذي هو أصعب جبهة في عملية السلام من بين كل الجبهات، نلاحظ كذلك أنه لا يضره خذلان الشعوب والجماعات الإسلامية، ولكنه يتعثر فقط بسبب تعنّت الدولة الصيهونية، ومع ذلك فهو ربما يسير نحو مواجهة عسكرية بالطريقة الصحيحة يوما بمشاركة من دول الاعتدال العربي، ولكن ذلك لن يحدث إلا عندما تتوفر الشروط وتنتفي الموانع، لأن الرفض الإسرائيلي للسلام هو عناد مطلق وكامل، ويومئذ أيضا سوف نشاهد الخذلان الشعبي لهذه المواجهة العسكرية وكذلك من الإسلاميين، وذلك مثل ما خذلوا رئيس مصر أنور السادات في حربه ضد إسرائيل وفي عميلة السلام التي قادها، بل وحتى اغتالوه فلم يضره ذلك قيد أنملة.
وهكذا فقد استمرت اتفاقيات وعمليات السلام تزحزح الدعم الدولي عن إسرائيل وتكشف للعالم حقيقتها، حتى جاء هؤلاء المقاومين بطريقة خاطئة فأعادوا الى إسرائيل الدعم الدولي بشكل منقطع النظير بسبب عملية أسموها طوفان الأقصى، لكن أجندتها الإيرانية تقول بوضوع أنه حاشاها أن يكون طوفانا لأجل الأقصى!
فاضطر شعب غزة البريء الأعزل للتضحية بأرواحه ودمائه الزكية من جديد ليعيد للعالم تأكيد المؤكد وهي حقيقة إن إسرائيل مجرمة، إن هذه الفوائد التي تتحقق في فضح اسرائيل دوليا كان ثمنها دماء أطفال غزة وليس حماقات وجعجعات عملية حماس، فهي على العكس كانت قد أقنعت الغرب بالسكوت في البداية عن عملية السيوف الحديدة الإجرامية، بل وأحرجت العرب أيضا واضطرت بعضهم لإدانة حماس.
صدق من قال قديماً: عدوٌ عاقل خيرٌ من صديقٍ جاهل!