ما هي البيريسترويكا الثالثة؟

▪هل تعلم أن مرحلة (البيريسترويكا الأولى) كانت بقيادة “خروتشوف”، ولم تكن من صنعه وحده؟
▪هل تعلم أن (البيريسترويكا الثانية) هي جزء من تعاليم لينين، وواحدة من توصيات المؤتمر الشيوعي الثاني والعشرين الذي عقد في موسكو سنة 1960؟
▪هل تعلم أن شعار مرحلة (البيروسترويكا) هو “يجب أن ننبثق من خصوصيات المجتمع”؟
□ وماذا يقول قادة الماركسية في التحديثات الثانية التي جرت على الخطاب الشيوعي عام 1990م؟

فلكي لا نتخبط فيما يجري من حولنا من أحداث، ولكي لا نثق بالمنافقين، ولا نعادي الصاديقن، ولكي نقول القول السديد الذي به تصلح اعمالنا، أقدم لكم ملخص عن (كتاب الخطاب الشيوعي المتجدد)، أو الشيوعية لم تمت. على حلقات.

تأليف محمود عبدالرؤوف القاسم

سبق في الحلقة الأولى وفي الحلقة الثانية ذكر أقوال قادة الماركسية.

البيريسترويكا الثالثة
قرار تفكيك الجمهوريات السوفيتية اتخذ في سنة 1960، وأختم هذه الجرعة من أقوالهم بالقرار الذي اتخذه المؤتمر الثاني والعشرون للحزب الشيوعي الذي أقيم في موسكو بـ “التنازل، عند الضرورة، عن النظام الفدرالي الحالي “سنة 1960″، للاتحاد السوفياتي والاستعاضة بدولة اتحادية واحدة ذات قوميات كثيرة”( 15). عن كتاب: “المسلمون في الاتحاد السوفياتي” (ص361). اتخذوا هذا القرار حسب ما كانوا يرونه سنة 1960، أما بعد ذلك بحوالي عشرين سنة فقد ظهرت رؤيا جديدة هي “البيريسترويكا”.

وهنا يجب أن لا ننسى شيئين:

أولاً: تعاليم لينين التي هي إنجيلهم، وخاصة قوله: “.. ونحن في هذا الميدان من “العلم” الجديد ننهي صفنا الإعدادي، وبالدراسة بثبات ومثابرة، بالتحقق، بواسطة التجربة العملية، من كل خطواتنا، ودون خشية من أن نعيد مراراً عديدة ما كنا بدأناه، ومن أن نصلح أخطاءنا، بسعينا إلى فهم معناها، سننتقل إلى الصفوف العليا، سنتابع الدرس بكامله، رغم أن أحوال الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية، قد جعلته أطول بكثير وأشق بكثير مما نود، ومهما كان الثمن، ومهما كانت آلام المرحلة الانتقالية، والكوارث والجوع والخراب مفنية، فإننا لن ندع عزيمتنا أن تخور، وسنسير بعملنا حتى النصر النهائي” اهـ.

ثانياً: يجب أن لا ننسى أن الشيوعية بجميع أسمائها “شيوعية، اشتراكية، حزب بعث، ناصرية، القومية العربية اليسارية، حزب التحرير، الأحباش ..:، هي التحقيق العملي لأسطورة الشعب المختار “اليهود شعب الله المختار، الأرض ملك لهم، البشر بهائم خلقوا لخدمتهم”، وهي دينهم الذي يدينون به ويعتقدون أنه أمر إلهي خصهم الله سبحانه به، وأن التقاعس عنه يدخلهم جهنم، ورأس العبادة عندهم منذ أواخر القرن الأول الميلادي هو الجاسوسية، وكما أن رأس العبادة عندنا في الإسلام هو الصلاة، فرأس العبادة عندهم في اليهودية هو الجاسوسية من أجل تحقيق “الأسطورة العقيدة”.
هل يؤمن كل اليهود بالأسطورة؟

طبعاً، يمكن أن يكفر بها بعضهم، ويهملها بعض آخر، لكن الباقين سوف يبقون مؤمنين بها، وهذا يعني أنهم سوف يقضون حياتهم في السير في سراديبها، والعمل الجاد من أجل تحقيقها والوصول إلى نتائجها، وهم مستعدون لسهر الليالي والكد في النهار وإعمال الفكر وإنفاق الأموال التي صاروا، في هذا العصر، يأخذونها من جيوب الآخرين “الغوييم” بشتى السبل التي أتقنوا إخراجها بالتجارب الكثيرة الكثيرة التي بدءوا بها منذ حوالي ألف وتسعمائة سنة حتى وصلوا الآن إلى قمم عالية، ويمكن إيجازها بالإشارة إلى المذاهب الباطنية في القرون الإسلامية الأولى “بالنسبة لمجتمعات ما يسمونه أرض الميعاد”، أما في هذا العصر فالإشارة إلى التنظيمات والأحزاب اليسارية كلها.

وقد يسأل سائل: لم يتعبون كل هذا التعب؟ وينشغلون كل هذا الانشغال؟ ويجتهدون كل هذا الاجتهاد؟
والجواب: إن الدين الذي يدينون به، ومحاولة إرضاء الرب تفرض عليه هذا، ولنتذكر الاستشهاديين والانتحاريين الذين يتقدمون إلى الموت برضى وسرور نفس في سبيل مبادئهم.

ولننتبه إلى أنهم حققوا خطوة متقدمة في طريقهم بإيجاد ما سموه إسرائيل في فلسطين، مع العلم أنهم سموا هذا الكيان “إسرائيل” تفاؤلاً وحافزاً لهم على العمل لإيجاد “إسرائيل” من النيل إلى الفرات، وحكم العالم الأرضي أجمع وذلك عن طريق الأحزاب والتنظيمات اليسارية، تحت أي اسم كان الحزب أو التنظيم الشرعي.

فما هذه الأسماء المختلفة للأحزاب اليسارية والتنظيمات السرية إلا برشامات من برشامات أكثر وأوسع حبكت وحبك لكل نوع منها شعارات تناسب التيار الثقافي والفكري المستهدف من قبل القابعين في الكلام وراء تلك الأحزاب اليسارية وتنظيماتها السرية.
ومن هذه البرشامات الشعار الذي يردده أطفال الفكر الذين لا يرون بأعينهم إلا البارز، وما ذلك يرونه بآذانهم، هذا الشعار الخطير هو قولهم “انتهت الشيوعية” يقولها أحدهم برزانة وكأنها صادرة عن عمق في التفكير، ولا يعرف أنه اقتنع بها لأنه طفولي النظرة من جهة، ومن جهة ثانية، لأن سمعها بأذنه مرات ومرات من “سيول” الدعاية الرمادية والسوداء، ولو حاول أن يرى الأمر بعينيه “لا بأذنه” لرأى التنظيمات اليسارية تحيط به من كل جانب، وقد أخذت تتبع تعاليم البيريسترويكا.

نعم، تنازلوا عن أشياء، تنازلوا عن الاسم “الاتحاد السوفياتي” وتنازلوا عن الاسم “الشيوعية” لأن عوار الشيوعية ودجلها اكتشف من قبل كثير من البشر، بل حتى من بعض الغثاء وتنازلوا عن أكثر شعاراتها القديمة. لكن لم يزل في كل بلد من البلاد التي كانت ملحقة بالاتحاد السوفياتي، لم يزل في كل بلد منها ما بين 150 ألف إلى 200 ألف جندي روسي، ولم تزل حكوماتها مشكلة، وتتشكل من ضباط في “الكي.جي.بي” الذي يقول كثير من الغثاء إنه – أي الكي.جي.بي- ألغي، لأنه قيل لهم ذلك، نعم، قد يكونون غيروا اسمه.

الخطة الجديدة
إنهم الآن في بلاد المسلمين “يفبركون، صيغة يلبسونها ثياباً إسلامية لكنها ستكون ملغومة بألغام برشامات تمهد الطريق إلى الهدفين الرئيسين للشيوعية: الإلحاد والتأميم.
وطبعاً ستكون هذه البرشامات بثياب إسلامية وتحمل لافتات إسلامية.
إنها البيريسترويكا، إعادة البناء، الترميم الثاني.

إنها من تعاليم التوراة، وأكتفي بنص واحد منها:
في سفر الخروج “إصحاح 23 عدد 29، 30: “.. لا أطردهم من أمامك في سنة واحدة لئلا تصير الأرض خربة فتكثر عليك وحوش البرية، قليلاً قليلاً أطردهم من أمامك إلى أن تثمر وتملك الأرض”.
وفي التوراة نصوص عدة بهذا المعنى، وليس الاستقصاء هدفنا هنا، وبناء على أمثال هذا النص، هم يتبعون أسلوب مرحلة بعد مرحلة وبرشامة وراء برشامة.

وجاء في بروتوكولات حكماء صهيون “البروتوكول الأول”:
“.. وبين أيدينا خطة عليها خط استراتيجي موضح، وما كنا لننحرف عن هذا الخط إلا كنا ماضين في تحطيم عمل قرون ..”.
يعني قولهم هذا أن النتائج التي توصلوا إليها من جراء الجماهير الغثائية إلى تنظيماتهم الحزبية الماركسية، وسيطرتهم على بقاع واسعة من الأرض باسم الاشتراكية، وإيجاد إسرائيل الحالية التي هي نقطة ازدلاف للزحف نحو تحقيق “إسرائيل الكبرى”، إن هذه المنجزات هي نتائج عمل قرون، فهل يمكن أن يحطموها أو يتهاونوا في العمل على الوصول إلى غايتها، خصوصاً الأمر الديني يفرض عليهم ذلك.

فلو فكر بعضهم بالتهاون مع عقيدتهم وبالعمل على تحطيم عمل القرون فستبقى منهم أعداد أكثر من كافية للسير بالعمل إلى نهايته. وجاء في البروتوكول الأول نفسه: “.. لا يجب أن يكون شعارنا كل وسائل العنف والخديعة”.
ولا تعليق على هذا النص لأنه أوضح من أن يحتاج إلى تعليق.
انتهى. 2005م

عدنان الصوص

 

Scroll to Top