زوال إسرائيل 2022 هل سيكون حقيقة أم مسرحية؟

إن الناظر في أمر نبوءة زوال إسرائيل سنة 2022 للباحث الشيخ بسام نهاد جرار، سواءً كان يتفق معه أو يخالفه، سوف يلاحظ – ونحن الآن في وسط سنة 2022 – بأن الأمور دولياً ومحلياً هي بالفعل تتجه بشكل أو بآخر، سواءً في سنة 2022 بالفعل أم بعد ذلك بقليل، نحو بداية نهاية الكيان الصهيوني الغاصب. وهذه تُعتبر من الأخبار السارّة حقاً، لكن بالرغم من ذلك فهناك عدة مشاكل أخرى قد تكون خطيرة ويجب التنبه لها، فلا يعني انتهاء الاحتلال الصهيوني بالضرورة أن الأمور أصبحت كلها بخير، فهناك العديد جداً من الأعداء الآخرين المتربصين بالأمة والمقدسات الإسلامية، وبعضهم أكثر خطراً من إسرائيل بكثير، وخاصة إيران وروسيا.

وبمعرفة أيضاً أن الفصائل الفلسطينية المرتبطة بإيران تحديداً، تستعد من زمن طويل لشن هجوم حاسم وكبير على إسرائيل، فربما هم في الحقيقة سيعملون على خطف ثمار نبوءة زوال إسرائيل إن افترضنا أنها صحيحة، أو ربما أنهم يعملون على خلقها كأمر واقع، ومن ناحية أخرى وفي عمق أحوال الكيان الصهيوني وليس في الظاهر، هناك بدايات تفكك داخلي تتسارع ومنذ سنوات، بالإضافة إلى تحول دولي غربي تدريجي من تأييد إسرائيل إلى معارضتها، وخاصة في أوروبا، وذلك بسبب ضغط عملية السلام العربية وافتضاح التهرب الإسرائيلي من استحقاقتها.

ومع ذلك لا يزال هذا الكيان يمتلك فائض من القوة العسكرية والدعم الأمريكي العلني والروسي الخفي، بحيث إن كان لا بد حقاً من سقوط إسرائيل، إما لأن النبوءة صحيحة، أو لتراكم الضغوط والظروف، ربما يرون أن الأفضل لهم عدم العمل على تسليم فلسطين لأهلها مجاناً، فهو كيان لا يزال قادراً على فرض شروط في أي اتفاقيات مثل ما كان الاستعمار الغربي يفعل عند رحيله عن الدول العربية، فهو قادر مثلاً، بشكل أو بآخر على زرع عملاء كبديل عنه، وباعتبار أن الطريقة التقليدية في زرع العملاء قد أصبحت مكشوفة منذ زمن بعيد، وخاصة كذلك بعد صحوة الشعوب في الربيع العربي حيث أصبحت الشعوب قادرة أيضاً على إسقاطهم، فمن المحتمل جداً أن يعمل العدو الصهيوني على تلميع عملاء له بطريقة جديدة بحيث يظهرون فيها أنهم الأبطال والمحرّرون، وذلك لتلتفّ حولهم الشعوب والجماهير العربية.

مع ظهور واقع أن زوال إسرائيل هو استحقاق تاريخي سواء كان عاجلاً أم آجلاً، ربما يكون لدى إسرائيل مخطط لاستغلال الشهرة الكبيرة التي سوف تصبح “ترند” يملأ الآفاق إذا تحققت النبوءة، فيعملون على استغلال الموجة الكبيرة الجارفة التي ستنتج عن ذلك في توجيه الشعوب العربية نحو أهدافهم التي تتقاطع في كثير منها مع أهداف الأجندة الإيرانية والتخريبية المتطرفة، فإن علمنا أن أفكار الشيخ بسام جرار السياسية يغلب عليها الطابع الراديكالي والثوري عادةً، فربما لن يكون الأمر صعباً في استغلال ذلك للتأثير على الجماهير العربية نحو هذا الاتجاه الثوري باستغلال الشهرة الكاسحة التي سيحصل نتيجة وقوع نبوءة زوال إسرائيل سنة 2022.

مما يعني أن إسرائيل عملياً ستقوم بإهداء زوالها إلى من لا يستحق، وهي دول وفصائل المقاومة التي لم يكن لعملها في الواقع نصيب كبير من التحرير، وحرمان الدول العربية الذين كانت جهودهم حقاً هي السبب الأكبر في تحقيق هذه المنجزات، وهي دول معسكر عملية السلام، ثم في نهاية المطاف، سوف يساعد خروج المهدي المزعوم للرافضة الذي تتطابق مواصفته مع المسيح الدجال على إعادة دولة إنشاء إسرائيل بشكل أقوى من جديد في المستقبل.

إن هذه الخطة تشابه كثيراً خطة تلفيق انهيار الاتحاد السوفياتي، فبعد أن أدرك السوفيات أنهم سوف يخسرون المعركة مع الغرب، عملوا على فبركة مسرحية انهيار وهمي للاتحاد السوفياتي بهدف إخفاء خططهم الجديدة، ومن ثم العمل على إعادته من جديد بشكل مختلف من غير إثارة انتباه العالم ضدهم، وهو الأمر الذي يتحقق الآن ومنذ سنوات بالفعل، وذلك مع قيام بوتين باحتلال جورجيا ثم سوريا ثم مؤخراً أوكرانيا، حيث قد أصبح هذا السر معلناً بالفعل! ومع ذلك لا يزال القليل من الناس يمكنه تصديق أن زوال الاتحاد السوفياتي لم يكن أكثر من مسرحية متقنة الإخراج!

إن إسرائيل تدرك أنه لا مجال أكثر مما مضى للهروب من استحقاقات علمية السلام، فهي مهددة أيضاً ديمغرافياً بمحطيها العربي والإسلامي الكبير، كما أن العديد من مراكز الأبحاث وكبريات الصحف الدولية تحدثت في السنوات الأخيرة عن محدودية الخيارات أمام إسرائيل إذا بقيت مصرّةً على رفض عملية السلام والقبول بحل الدولتين، ولأنهم لم يصلوا بعد إلى نقطة الانهيار الحقيقية الحتمية، فبدلاً من إضاعة المزيد من الوقت والدخول في نقطة اللاعودة، ولأن الوقت بالفعل يبدو مبكراً إلى حدٍ ما عن حدوث زوال حقيقي لإسرائيل على جميع الأصعدة السياسية والقانونية الدولية والعسكرية والديمغرافية، فليس من المستبعد أن لا يعدو الأمر تلفيق “مسرحية زوال” مفبركة بحيث تبدو كأنها حقيقية، وذلك بهدف إعادة إنشاء دولة إسرائيل بشكل أقوى لاحقاً، أو بإهداء ذلك إلى مشروع الأجندة الإيرانية والاتحاد أكثر في مخططاتهم.

زاهر طلب

Scroll to Top