الاحتفال بخلود النبي صلى الله عليه وسلم

يتطرق الناس لذكرى لمولد ووفاة الني صلى الله عليه وسلم، ويتمنون لو أنه لم يمت ويعتبرون وفاته أكبر مصيبة وقعت في تاريخ المسلين، وآخرين يتمنون لو عاشوا في زمنه عليه السلام. ويا لها حقًا من أمنية جميلة! إلا أنه على الرغم من ذلك، هل تعلم لو النبي صلى عليه وسلم على حي معنا، لربما كان الناس معتادين على الأمر كأنه شيء عادي؟! إن ذلك مثل وجود القرآن وهو كلام الله المحفوظ بيننا! إذ أن جميع الأمم اختفى او اتحرف كتابهم، بينما نحن موجود بيننا ولا نهتم به كثيرا!، رغم أن المشركين قالوا: “وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ” [الصافات:168]، لكن ها نحن عندنا ذكرٌ محفوظ خير من كل ذكر الأولين؟ فما بالنا عن التذكرة معرضين؟!

إن ما هو أهم من بقاء شخصٍ ما على قيد الحياة بيولوجيًا، هو بقاء نهجه ورسالته، فهذا ما بقيه حيا حقا، ليس كلحم ودم وكشخص يأكل ويشرب، بل تم تخليده كـ “رسول” ورسالة، وسيرة وسنة محفوظة. تخيل مثلًا مليارات البشر عاشوا على الأرض، لكن القليل منهم لا يزال حتى الآن يتم تداوله، وفي مرة ما استغرب شخص لم يظل الناس يذكرون أسماء القادة والعلماء والمفكرين رغم أنهم توفوا من عشرات وآلاف السنين، بينما لا يوجد من يذكر والده الذي توفي قبل سنة؟ فدفعني هذا للتفكر… لماذا لا يزال الإمام البخاري مذكورًا بيننا؟ هذا هو معنى أن يظل شخص ما حيًا بفكره ورسالته، وعند معرفة ذلك، نعلم لماذا أرسل الله لنا رسولا واحد فقط الى منذ 1400 سنة يوم القيامة، فلو أراد الله لجعل أمتنا مثل بني إسرائيل الذي كانوا يحتاجون باستمرار الى نبي يتابع شؤون دينهم، وكل ما مات نبي خلفهم نبي! فلنقل الحمد لله تعالى على نعمة التوفيق لهداه، روى ابن حبان في صحيحه جاء فيه “والعلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا ولكنهم وَرَّثوا العلم.

تخيلوا هذا الدين حتى الآن يُصنف رغم كل الهجوم العلماني الهائل منذ 300 سنة على كافة الآديان، يصنف أنه أقوى دين صامد في وجه العلمنة والإلحاد، بل هو أقوى خمسة أديان لا تزال فيها شيء من الصمود، وهي المسيحية واليهودية والكونفوشيوسية والبوذية والإسلام، ويتوقع الكثيرون بأن الإسلام سوف يكتسح العالم قبل نهاية القرن اذا بقي ينتشر ويتكاثر أتباعه بهذه الحالة، في حين أن أعداد أتباع الديانات الأخرى في تناقص وكذلك في إعراض عن أديانهم نحو العلمانية والرفاه والمال.

زاهر طلب
31/10/2020

 

Scroll to Top