الإبادة الجماعية للمسلمين في الدول الشيوعية

يذكر كتاب “قتلوا من المسلمين مئات الملايين” للأستاذ والمفكر “محمود عبد الرؤوف القاسم” أن الشيوعية قتلت خلال سبعين عامًا ما يقرب من 200 مليون مسلم أو أكثر، وفي هذا المقال سنقدم تلخيصًا بأهم ما جاء في هذا الكتاب حول هذه الأعداد وأمكان توزعها، مع إضافة تحديثات أخرى جديدة لفترة ما بعد تأليف الكتاب، وهي أحداث وحقائق وتفسيرات جديدة للأحداث التي ذكرها الكتاب.

ما هي الإبادة الجماعية؟

تُعرف الجرائم الممنهجة بشكل منظم بأنها إبادة جماعية، وغالبًا ما تقوم بها الدول وليس الأفراد، وتُعرف أيضًا بأنها من الجرائم ضد الإنسانية، وهي تُرتكب ضد طوائف دينية أو عرقيات أو جماعات سياسية، وقد تم تصنيفها رسميًا كجرائم دولية في اتفاقية للأمم المتحدة سنة 1948م، وقد صادقت عليها عشرين دولة آنذاك، و133 دولة حتى الآن، وتشتمل إضافة إلى القتل الجماعي، على التهجير الجماعي، والاغتصاب، والاستعباد، وإخضاع جماعة لظروف حياة قاسية، أو منعها من الإنجاب.

وتعد الجرائم الإبادة الجماعية من الجرائم التي لا يسري عليها التقادم ولا تزول مسؤوليتها بتقدم الزمن، وهي عادةً ما تقترف ضمن أوامر وتعليمات من مسؤولين في الدول أو في الجيش أو المليشيات الحربية، ويكون المنفذين من الأفراد، ويعتبرون جميعًا مجرمين حسب القانون، سواءً كانوا من المحرضين فكريًا أو من مصدري الأوامر أو من المنفذين، وحتى قد تشمل المسؤولية أولئك الساكتين عنها مع علمهم بأنها جرائم خطيرة.

الإبادة الجماعية للمسلمين في الدول الشيوعية

في تعريفه بكتابه “قتلوا من المسلمين مئات الملايين” الذي تحدث فيه الأستاذ محمود عبد الرؤوف القاسم بشكل رئيسي عن عدد الذين قتلتهم الأنظمة الشيوعية والماركسية حول العالم من المسلمين خلال سبعين عامًا، ذكر أن الصليبية والاستعمار الغربي – الذي يعتبره الكثيرون تقليديًا هو أكثر من قتل من المسلمين- قد قتلت من المسلمين عددًا لا يصل بحال من الأحوال إلى خمسة ملايين، وذلك طيلة أربعة عشر قرنًا، في مقابل قيام الدول الماركسية في القرن العشرين بقتل أكثر من مئتي مليون مسلم في ستين عاما فقط! وقد كان توزع أعداد القتلى زمانًا ومكانًا بالشكل التالي:

  • في الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية: قتلت الشيوعية فيها حوالي ما يقرب من 115 مليون مسلم، بالإضافة إلى 30 مليون مسيحي، وذلك بين عامي 1917 و 1993.
  • الصين الشيوعية: حيث قتلت في فترة رئاسة ماوتسي تونغ حوالي 90 مليونًا من المسلمين من سنة 1958 إلى 1976، عدا عشرات الملايين الآخرين من الشعب الصيني بمختلف قومياته.
  • فيتنام: قتلت الدولة الشيوعية الفيتنامية الشمالية سنة 1956 ثم في الجنوب سنة 1975 ما يصل إلى ثلاثة ملايين مسلم، متفوقة بذلك لوحدها على فرنسا التي قتلت مليون شهيد جزائري.
  • أفغانستان: حيث قتلت الدولة الشيوعية والاحتلال السوفياتي الشيوعي ما يصل إلى مليون ونصف، وأحرقت معظم الأراضي الزراعية والغابات بين عامي 1987 و1992.
  • أثيوبيا الشيوعية: قتلت كذلك حوالي مليون مسلم بين عامي 1975 و1991.
  • في الدول الأخرى: ويذكر أرقامًا بعشرات ومئات الآلاف في عدة دول شيوعية واشتراكية مثل: العراق، واليمن الجنوبي، ومصر الناصرية، والجزائر، وليبيا القذافي وغيرها، وذلك عن الفترة ما بعد منتصف القرن العشرين حتى نهايته.

الإبادة الجماعية الشيوعية للمسلمين بعد سقوط جدار برلين

يعتقد الكثيرون أنه بسقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي فقد انتهت الشيوعية، ولكن هذه الفكرة الشائعة غير صحيحة، فمثلًا لم ينتهي الإسلام بسقوط الخلافة العثمانية، ولذلك لو تتبعنا جيدًا فسوف نعثر على المزيد من المجازر الجديدة التي قامت بها دول الشيوعية سابقًا أو التي ورثت الفكر الشيوعي، وغالبيتها بأرقام تصل إلى مئات الآلاف أو الملايين، ومن أهمها ما يلي:

  • المجازر الصربية في شعوب المسلمين في البوسنة والهرسك وكوسوفو وألبانيا: وهي جرائم محسوبة على الشيوعية، لأن الأشخاص القائمين عليها كانوا سابقًا مسؤولين في الحزب الشيوعي، كما تمت هذه المجازر بدعم ومباركة من روسيا في فترة ما تفكك يوغوسلافيا بين عامي 1992 و1999، وقد راح ضحيتها عدة مئات من الألوف.
  • المجازر الروسية في الشيشان بقيادة بوتين: وهو مسؤول سابق في المخابرات السوفياتية KJB ومن أكثر المتحمسين لإعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، حيث قتل حوالي مليون مسلم شيشاني في فترة الحرب التي شنها عدوانًا على الشيشان بين عامي 1999 و2009.
  • المجازر التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه: فهي تقوم تحت اسم حزب البعث الاشتراكي وهو حزب ذي فكر شيوعي وماركسي، وجميعها بدعم من روسيا والصين الشيوعية، ويصل عدد القتلى أكثر من مليون ونصف، مع تهجير ما يصل إلى 15 مليونًا، في الفترة بين عامي 2011 حتى الآن.
  • المجازر والاضطهاد الصيني للمسلمين في منطقة تركتسان (سينكيانغ): وهي بقيادة الدولة والحزب الشيوعي الحاكم في الصين وبهدف تحويل هؤلاء المسلمين للعقيدة الشيوعية، وقد بدأت منذ 2014 ولا تزال متواصلة.
  • المجازر والاضطهاد الإيراني ضد المسلمين والسنة: وذلك في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي تعتبر أيضًا في المعسكر الشيوعي، نظرًا للتشابه الكبير في الأيديولوجيا، بالإضافة لتحالفاتها مع الصين الشيوعية وروسيا، ويمكن اعتبار بدايتها منذ سقوط نظام صدام في 2003 ولا تزال مستمرة.
  • المجازر والاضطهاد ضد المسلمين في بورما: وهي دولة لا يزال يسيطر عليها الجيش الذي هو بالأصل ذي أيديولوجيا ماركسية، وذلك منذ 1997 ولا تزال مستمرة، كما يلحق بها بعض المجاز المتفرقة في بعض الدول مثل أوزباكستان وغيرها.

لماذا لا يوجد اهتمام كافي بضحايا الشيوعية؟

يسهل على الباحثين الجادين ملاحظة أن وسائل الإعلام وكتب التاريخ، وكذلك الجمهور بل وحتى المثقفين والمسؤولين، وصولًا إلى الحقوقيين ومنظمات حقوق الإنسان وغيرهم، هم في الغالب أقل تفاعلا بشكل واضح مع ضحايا الدول الشيوعية! وذلك مقارنة بضحايا الدول الغربية والاستعمارية، وذلك على الرغم من أن الضحية واحدة، ورغم أن عدد ضحايا الشيوعية في العادة يكون أضعاف عدد ضحايا الغرب الاستعماري؟ فما السبب يا تُرى؟

في الحقيقة من الصعب معرفة السبب المباشر لها، لكن هناك العديد من الأسباب التي من الممكن أنها وراء هذه الظاهرة الخطيرة والمحيرة، والتي في نفس الوقت لا يوجد إلا القليل جدًا ممن يشعرون بخطورتها، وقد تكون هذه الأسباب هي مما يلي:

  • أن الأرقام التي تقتلها الشيوعية مخيفة جدًا إلى درجة يصعب تصديقها، والشيوعيين بالفعل هم يراهنون على ذلك.
  • قد تكون حساسية الإنسان ضد جرائم الغرب باعتباره رأسمالي (ثري) هي أشد بأضعاف من حساسيته ضد جرائم الشيوعية (الشعبية)، وبسبب رفعها شعارات كاذبة بمناصرة الشعوب والفقراء والعمال!
  • قوة الدعاية الشيوعية المعاكسة والتي لا يعرف التاريخ لها مثيلًا في غزارة تكرارها وقوة تأثيرها.
  • أسباب أخرى نفسية فردية واجتماعية وغيرها، حيث تحتاج إلى دراسات للوقوف على حقيقتها.

زاهر طلب
كاتب وباحث
12/9/2020

المراجع:

Scroll to Top