إن الدعوة للإسلام ونشره في المجتمع هو الطريق الصحيح لإقامة دولة الإسلام، وليس عن طريق الوصول للحكم لفرضها من الأعلى، سواء بالانقلابات أو بالانتخابات، حيث يصبح القسر والإكراه أساسا للدولة بدلا من العلم والدين المبني على الاختيار، كما أن أي دولة تأتي بانقلاب فإنها تذهب بانقلاب آخر، أما الانتخابات فتحول مسير الجماعات الإسلامية بدلا من الدعوة إلى الانخراط بصراعات المصالح الحزبية والسياسية بخلافاتها المعروفة.
إن الدعوة والبلاغ هي أصل الجهاد، ففي سورة الفرقان المكية قال تعالى: “فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا”[الآية 25] وهي تقوم على الدعوة الطوعية وليس الإكراه.
إن العمل الى الوصول للحكم وبسط النفوذ بالانتخابات أو بالانقلابات ليس من ابواب الدعوة ولا من أبواب الجهاد.
لقد اتفق جمهور العلماء على حرمة الخروج على الحاكم ولو كان فاسقا، لأن المفاسد الناتجة أكبر بكثير من مفاسد بقائه، حيث تضيع المصالح وتحل الفوضى، وقد تواترت الاحاديث في التحذير من ذلك، وأشهرها حديث “… وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان …” [رواه البخاري 6647] وبدلا من ذلك يكون العمل بإصلاح المجتمع، ولو أن الجهود المبذولة من قبل الجماعات الإسلامية للوصول للحكم قد تم تكريسها للدعوة وإصلاح المجتمعات لعادت الشعوب للإسلام منذ زمن بعيد.
هذا لا يعني عدم جواز المشاركة في الترشح والانتخابات والعمل السياسي، بل هي مهمة وواجبة، ولكن العمل الدعوي والجهادي شيء، والعمل السياسي شيء آخر، ويجب عدم استعمال الشعارات الإسلامية والدينية في العمل السياسي.
أما حرية الرأي والتعبير فهي مكفولة في نظام الدولة الإسلامية، حيث كانت جميع الفرق والمذاهب الإسلامية والفلاسفة والمفكرين يتناقشون بكل حرية في مساجد بغداد والبصرة، وهذا النقاش والحوار العلمي هو ما يؤدي نهاية الأمر لظهور الحق وبطلان الباطل، فالإسلام لا يخشى من المناقشة وحرية الفكر والتعبير المسؤولة، ولا يحتاج للقمع وتكتيم الأفواه، قال تعالى: ” بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ” [الأنبياء18].