بعد انتهاء تجربة حكم الرئيس مرسي، يمكن لجماعة الإخوان المسلمين أخذ عبر جذرية من الأحداث، فالصراع والصدام مع الأنظمة لا يتفق دوما مع مبادئ الكتاب والسنة، كما يتعارض أحيانا مع سنن التغيير، ولم ترد أيضا في الأصول العشرين للإمام حسن البنا (رحمه الله)، ومقولة الأستاذ حسن الهضيبي “أقم دولة الإسلام في قلبك تقم على أرضك”.
فالأصل أن الإصلاح والتغيير يبدأ من المجتمع، بالعمل على تأسيس وتهيئة المجتمع الصالح الذي يريد إقامة دولة إسلامية، كما يجب أن تكون الطرق للوصول إليها قائمة على اقتناع الشعوب بالطرق السلمية، وليس عبر الثورات ولا بفرض الأمر الواقع مسبقا على نتائج الانتخابات ولا بفرض دستور إسلامي بطريقة فوقية.
يجب على المخلصين من شباب وقيادات الإخوان العمل على نشر تيار وثقافة إصلاح الجماعة، والعودة للجذور الأصلية والتخلص من الأفكار المتشددة الدخيلة على منهج الجماعة الأصلي، وهي أفكار متطرفة بعضها “قطبي” وبعضها تحريري وبعضها من أصل يساري ماركسي.
إن جميع الأنبياء عليهم السلام جاءت دعوتهم سلمية، فتجربة دولة المدينة المنورة قد قامت على البيعة السلمية بلا إكراه، وقد سبقها تهيئة دعوية إصلاحية في المجتمع، وليس الاصطدام بنظام الحكم السابق، ولهذا كانت تجربة عميقة ومتينة الجذور استطاعت الصمود في وجه أعتى مؤامرات الكفر الخارجية والنفاق الداخلية، في حين أن تجارب حكم الإسلاميين المعاصرة قامت على استغلال الفوز بالانتخابات لفرض نتائج أكثر بكثير مما يستحقه الفوز الانتخابي الموسمي، وبدون جذور شعبية حقيقية كافية، فنجحت لهذا السبب المؤامرات لإسقاط أو شيطنة هذه التجارب، فالمؤامرات ليست وحدها هي السبب، فهي موجودة في كل زمان ومكان، ولكن السبب الأهم بالنسبة لنا هو الخطأ في الأسس التي قامت عليها التجارب.
بقلم: زاهر طلب