منذ فترة كتب الناشط السوري المعروف محمد العبد الله على صفحته: “عندما دفعت قطر أيام سيطرتها على الائتلاف بغسان هيتو لتشكيل حكومة، شنت رئاسة الأركان وعشرات الفصائل المحسوبة على السعودية هجوماً إعلامياً على الحكومة. اليوم التاريخ يعيد نفسه، لكن بالصيغة المعاكسة، حكومة تنبثق عن قيادة ائتلاف مقربة من السعودية، فتتوحد كتائب قطر ضدها في بيان يهدد بالويل والثبور وعواقب الأمور… لكن الغريب في الأمر أن “جماعة قطر” داخل الائتلاف كانت قد وافقت على ترشيح د. أحمد طعمة لرئاسة الحكومة.
صديقي منتقد الائتلاف الوطني، وقياداته غير المؤهلة، أنت حر بأن تنتقد الائتلاف، لكن للمصداقية هل من الممكن أن تقول أنك ضد الائتلاف لأنه لم يعد تابعاً لقطر أو لتركيا وأنت محسوب على تيار سياسي تابع لإحدى الدولتين؟ فقط من انتقد الائتلاف أيام تبعيته السياسية لقطر، والمجلس الوطني قبله أيام تبعيته السياسية لتركيا، يحق له انتقاد الائتلاف اليوم لتبعيته السياسية للسعودية باسم الحرص على استقلالية القرار السوري… قلة فقط فعلوا ذلك، الناس تعرفهم ولا تنسى مواقفهم.” بتصرف.
لقد كنت انتقد الائتلاف أيام تبعيته لقطر، ولذلك أظن أنه يحق لي الآن انتقاده لتبعيته للسعودية من باب الحرص على استقلال القرار السوري. لكن السعودية دولة عربية مسلمة وكبيرة وأعتقد أنها تستحق الولاية على المسلمين والعرب إلى حد ما، وخاصة في حالات مؤقتة وخاصة مثل حالة سوريا التي نفتقد فيها للبديل عن النظام المجرم، وبغياب دور إيجابي فاعل للجامعة العربية.
إن السعودية هي داعم أكثر صدقا وجدية للثورة السورية، لأن تقاطع مصالح السعودية مع الثورة السورية أكبر بكثير منه مع مصالح قطر، خاصة لجهة النظام الإيراني باعتباره عدوا مشتركا، وأيضا من لجهة حاجتها الأمنية القومية لحلفاء جدد لتعويض انسحاب الغرب من المنطقة ومواجهة صعود الخطرين الروسي والصيني، وهما عدوان أكثر خطورة على العرب والمسلمين من الاستعمار والغرب عبر التاريخ.
وبرغم ما يظهر من مظاهر بعض المظاهر الديكتاتورية في الدولة السعودية، وربما ما يقال عن عدم رغبتها بالديمقراطية للشعوب العربية لكن هذا غير الحقيقة، فهي حريصة بقدر استطاعتها أولا على إيقاف القتل بحق المسلمين والعرب بجميع أنحاء العالم، كما أنها لا تمانع بالحريات والديمقراطية خارج أراضيها وذلك لخصوصية أرض الحرمين، كما أن النظام في السعودية هو أكثر الهيئات في هذه البلد انفتاحا وتحررا، فمثلا قناة العربية المحسوبة على السعودية داعمة منذ البداية وبشكل أكبر للثورة السورية ومطالبها بالحرية والديمقراطية.
ويبدو أن السعودية أصبحت تدرك ضرورة تحقيق الديمقراطية لنجاح وضمان استقرار الدول التي دخلها الربيع العربي، حتى ولو كانت حذرة من هذا الربيع أن يطالها، فهي داعمة للكويت والبحرين واليمن برغم أنها أنظمة فيها انتخابات وبرلمانات وبعض مظاهر الديمقراطية.
السعودية هي الأب الروحي الشرعي وصاحبة المسؤولية الحقيقية عن المسلمين والعالم العربي، وهي وقد عملت تاريخيا ببُعد إسلامي وعروبي على دعم قضايا المستضعفين من شعوب المسلمين والعرب مثل فلسطين ولبنان وأفغانستان والبوسنة وكوسوفو وميانمار ومصر وغيرها، ولذلك هي برأيي أفضل الممكن كعمق استراتيجي ذي قوة وشقيق للشعب السوري والشعوب العربية.