كتبت في مقال سابق “ما هي الديمقراطية الحقيقية؟ وكيف نستعد لها لتترسخ بنجاح؟” عن الديمقراطية الحقيقية وكيف نصل إليها ونرسخها، وبأنها تنشأ تدريجيا في جو حوار شعبي وحزبي إيجابي لا أيديولوجي، وتحتاج إلى دولة قوية مستقرة ولكنها مرنة لتكون حاضنة للانتقال الديمقراطي التدريجي، وانتهيت بهذا السؤال: “أما في سوريا فكيف نعثر على فترة من الاستقرار السياسي الآمن والتي تسمح في ذات الوقت بالحركة الثقافية اللازمة للنمو الصحيح للديمقراطية؟!”
هذا السؤال كان يجب أن نسأله قبل الثورة في سوريا؟ وذلك لنقرر ما هو المطلوب أولا من هذه الثورة، لأنه الآن أصبح من الواضح أنه يصعب تقديم نظام بديل بانتخابه أو حتى مجرد التوافق عليه، فهل كان يجب أولا أن تكون الثورة هي ثورة استبدال للنظام القائم المجرم، بنظام آخر قوي عادل يحفظ البلاد ويقنع المجتمع الدولي أنه نظام بديل وناجح، وفي نفس الوقت يبدأ بالخطوات الأولى للسير نحو الديمقراطية، كما يأخذ العبرة من سقوط نظام مبارك، فلا يتوقف عن السير نحو الديمقراطية التدريجية الحقيقية.
فما هو هذا البديل؟
أقترح إنشاء قيادة عسكرية مدنية مشتركة من شرفاء ومعتدلي الجيش السوري الحر، وخاصة أن قيادة الجيش الحر قد استقرت نسبيا مؤخرا، وتأسيس مجلس عسكري حاكم، ويعيّنون رئيسا توافقيا مدنيا أو عسكريا، ويتم التصويت عليه كرئيس مؤقت لمدة خمس سنوات، ويكون النظام الجديد هو البديل عن النظام البعثي الأسدي، ويعمل على توحيد الجيش الحر وتحويله إلى جيش وطني، ويشكل حكومة انتقالية تكنوقراطية في المنفى، ويتعهد بالسير نحو الحرية وبضمانات دولية، ويراقب الشعب ذلك ويستمر في نضاله في ذلك، وبعد إسقاط النظام يتم البدء بعمل برامج وطنية وشعبية للتمكين الديمقراطي.
إن هذا ما يجب فعله لإقناع المجتمع الدولي والعربي بنضوج بديل ناجح عن نظام بشار الستاليني المغرق في الإجرام. صحيح أن هذه الفكرة كانت مرفوضة في بداية الثورة وحتى منتصفها، وبسبب ذلك بقيت مرفوضة في العقل الباطن برغم أن الظروف تغيرت كليا الآن، فمع تحويل النظام الحرب إلى الطائفية وفشل المعارضة بتقديم بديل، فقد صار تسليم الحكم للجيش الحر الوطني هو المخرج من هذه الكارثة التي تهدد سوريا وشعبها تهديدا وجوديا، ولهذا يجب أن لا تبقى مثل تلك المسلمات القديمة تقيدنا عن الوصول إلى حلول مبتكرة.
ما رأيكم؟