بعض الأخبار الصاعقة لا تجد من البعض بمجرد سماعها أو قراءتها ألا أن يقولوا بشأنها: ((سبحانك هذا بهتان عظيم!!!)). أما البعض الآخر منها، لا يسعك إلا أن تقول: ((هذا الخبر متوقع، أو هو غيض من فيض)). وفي كلا الحالين تكن مصيباً. فلم يا ترى تكن مصيباً مع انك لم تتحقق بعد من صحة الخبر؟ فهل هذا من التعجل أو أنه يندرج تحت باب الظن السيئ؟
للإجابة على هذا السؤال سأضرب مثلا من خلال الخبر التالي:
خبيرة روسية: السعودية تدعم المسلحين في سيناء.. [قناة روسيا اليوم].
تعليقي على الخبر: “سبحانك هذا بهتان عظيم” !!! لماذا هذا الحكم وبهذه السرعة؟
لأنك إذا قرأت وعلمت حقيقة المواقف السعودية من الإرهاب وأهله، ونظرتها للحلول السلمية، ومعارضتها لكل ما يؤزم المواقف بالعنتريات الفارغة التي تعطي إسرائيل المبررات لإعادة احتلال الأرض العربية. أيقنت بكذب هذا الخبر. ثم لو انك قرأت تفاصيل الخبر، لتيقنت بذلك أكثر فأكثر لما فيه من دعوة واضحة للصراع السياسي ودق إسفين كبير بين اكبر دولتين سُنيتين حليفتين منذ أيام حكم السادات.
لذا فأن البعض، قد يعجب من هذا الأسلوب، والحق أنه أسلوب علمي قائم على قراءة المبادئ والاستراتيجيات، لا على قراءة العواطف والمصالح أو التصريحات السياسية المغرضة أو المنافقة الكثيرة. لذا، الم يَلُمْ القرآن الكريم مجتمع الصحابة الكرام بسبب عدم التصدي للإشاعة التي نالت من عرض عائشة رضي الله عنها واستنكارها فوراً كما في قوله تعالى: ((لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ. لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ)).
في المقابل يوجد من الأخبار التي بمجرد سماعها، أو قراءتها تحكم عليها بالصحة!!! لماذا يا ترى لا تنتظر ولا تتطلب التحقق منها؟
للإجابة على هذا السؤال سأضرب بعض الأخبار:
قيام النظام الاشتراكي السوري أو الليبي السابق أو الصيني، بانتهاك أعراض المسلمات عن قصد. أو…
قتل النظام الليبي السابق أو السوري الاشتراكي للأطفال والنساء. أو…
اعترافات القذافي ومخلوف بأن النظامين الليبي والسوري حارسان على امن اسرائيل. أو…
اعترافات إسرائيلية بأن عملية السلام هي الوصفة لتدمير إسرائيل، وان المقاومة المسلحة هي مما يرغبون. أو…
قيام بعض أفراد تنظيم القاعدة بتفخيخ النساء ومهاجمة المصلين في المساجد، واستحلال سرقة أموال غير المسلمين. أو…
تنسيقات وتحالفات قائمة بين الحركات الإسلامية والحركات اليسارية عموما لإسقاط الأنظمة السنية المعتدلة.
كل هذه الأخبار وغيرها الكثير، هي صحيحة عند كل من أدرك حقائق ومبادئ الأنظمة الاشتراكية، وأدرك حقيقة الأطماع الإسرائيلية والمسألة اليهودية، وأدرك علاقة إسرائيل واليهود بالشيوعية العالمية، وأدرك تأثر أفراد تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين بأفكار حزب التحرير، وأدرك تأثر حزب التحرير بالتنظير السياسي الماركسي.
وعليه، فلا يجوز لمن لم يدرك بعض المقدمات أو المبادئ ذات العلاقة بالخبر، أو كان لديه فهما مغلوطا أو معكوسا لها، فلا يجوز ولا يحق له أن يُنكر على من ألمّ بها وأدركها، بل توقع حدوثها بالتحديد أو حدوث مثلها، الا يخشى أولئك أن ينطبق عليهم قول الله تعالى: (كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه).
والحمد لله رب العالمين…. 11/8/2012