هذه حقيقة لا يماري فيها إلا كل عتل زنيم ، ولا يرتاب فيها إلا كل سفيه فجار .
هذه حقيقة ظهرت أماراتها وعلاماتها منذ الأيام الأولى ، وأدركها كثير من السوريين ، ولمسوها بأيديهم ، وشاهدوها بأعينهم ، ورأوها ببصيرتهم ، وسمعوها بآذانهم ( مالنا غيرك يا الله ، عا الجنة رايحين ، شهداء بالملايين ) .
كل الشعب السوري يعرف – وخاصة للفئة العمرية التي تتجاوز الخمسين عاما – أنه بمجرد أن سيطر حزب البعث في انقلابه الأسود بتاريخ 8-3-1963 على الحكم بدأ بخطة رهيبة ومبرمجة وممنهجة للقضاء على تراث الشعب الحضاري والفكري والديني والأخلاقي ، وأخذ يحارب كل شئ له صلة بهذا التراث ، ويعد البرامج التعليمية والثقافية التي تحطم وتدمر عادات وتقاليد المجتمع وبث روح العداء والكراهية للإسلام وتنشر الإلحاد والشرك بكل صفاقة ووقاحة واستهتار واستخفاف بقيم المجتمع االأصلية واعتبار أفكار البعث هي الدين الجديد المخلص للأمة العربية من الضعف والإنحطاط .
وبدأت شعارات البعث تفرض إجباريا على طلبة المدارس لترديدها في كل صباح ، ثم تمادوا أكثر في السيطرة والتحكم في عقول الناس وأفكارهم ، وأعلنوها صراحة أن الذي لا ينضم إلى حزب البعث فلن يكون له مستقبل ولا وظيفة مناسبة ولا ترقيات ولا دراسة في الجامعات إلا بصعوبة بالغة ، وبالجهد الشخصي أما الذي ينضم إليهم فيحصل على الكلية التي يريدها ولو كانت كلية الطب دون النظر إلى علاماته إضافة إلى تنجيحه أوتوماتكيا .
ولكن الأخطر من هذا كله هو الإنضمام إلى الجيش فقد وضعت شروط ومعايير غاية في الشدة ، وأخذت تزداد شدة مع تقدم الأيام وخاصة بعد وصول حافظ الأسد إلى السلطة بتاريخ 16-11-1970 ، وأُطلق عليه اسم الجيش العقائدي من الأيام الأولى للإنقلاب المشؤوم ، ولهذا لم يكن يقبل أي شخص في الجيش إلا أن يعلن ولاءه وإيمانه بمبادئ الحزب وأن يكون متحللا من الدين بل معاديا للدين وللخلق والشرف ، بل أكثر من ذلك أن يكون من الطائفة العلوية ، ولذلك أصبح عددهم في الجيش يفوق نسبتهم السكانية مرات كثيرة ، إضافة إلى أن الترقيات لا تطال غيرهم ، وأصبحوا يستلمون أعلى المراكز المتحكمة في القرار العسكري ، فلهم الأمر والنهي .
وبالرغم من هذه الصورة السوداوية القاتمة للجيش السوري ، وهي حقيقة واقعية يدركها كل سوري خدم في الجيش الخدمة الإلزامية ، إلا أن الذين انشقوا عنه في الأشهر الأخيرة ، أظهروا صورة مغايرة ومخالفة لما هو كان عليه الجيش السوري ، صورة بيضاء مشرقة ناصعة من التمسك بالخلق القويم والدين والهمة العالية والإعتماد على الله تعالى والتوكل عليه .
ما الذي حدث ؟؟؟ ومن الذي غير هؤلاء العساكر من حالة الذل والخنوع ، واللهو واللعب ، إلى حالة العزة والكرامة والإباء والإعتزاز بالله ؟؟؟
ومن الذي غيرهم من التحدث بالكلام التافه النابي البذئ إلى الكلام المؤدب الديني الراقي المفعم بحب الله ورسوله ، وتسمية الكتائب والسرايا بإسم الصحابة والتابعين ؟؟؟!!!
من كان يصدق ويتوقع وجود مثل هؤلاء العساكر الأبطال الشرفاء في جيشنا السوري الذي ظننا أنه قد ماتت فيه الأخلاق والقيم والآداب ؟؟؟!!!
إنه الله … إنه الله … إنه الله العزيز الحكيم ، الرحمن الرحيم ، صادق الوعد الذي تعهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكفل أهل الشام ، ويحمي أهل الشام .
إنه الفيض الرباني الذي أخذ يتدفق على أهل الشام رحمة منه وفضلا بهذا الشعب العريق الأصيل الذي قرر شبابه وفتيانه وفتياته وأطفاله ونساؤه ورجاله أن ينفضوا عنهم غبار الذل والهوان والعبودية لغير الله .
( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
إنه دين الله المتجذر المتعشعش المتغلغل في دماء وقلوب السوريين أحفاد الصحابة ، قد انتفض من تحت الركام ، يعلن للملأ أجمع أنه الدين الأقوى ، أنه الدين الحي الذي لا يموت مهما حاول الكافرون والظالمون والطغاة والمستبدون أن يمحوه أو يطمسوه ، فيأبى الله إلا أن يحييه وينميه ويرفعه من تحت التراب ومن تحت الأنقاض ليزهو شامخا سامقا عاليا .
وقديما قال كفار قريش للرسول صلى الله عليه وسلم إن كنا نقاتل الله فلن نغلب الله.
هؤلاء كفار قريش بذكائهم العربي الأصيل وفطنتهم البدوية – وهم مشركون معادون للرسول صلى الله عليه وسلم ومحاربون له – أدركوا أنهم لن يغلبوا قدرة الله .
وهذا الطرطور الصرصور طاغية الشام بشار بسبب غبائه المفرط لم يدرك حتى الآن أنه لن يغلب الله ، بل يصر على مغالبته لله فأنى له أن يغلب الله؟؟؟؟!!!
وصدق الله ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ).