خرج علينا الشبيح النبيح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وقال في تصريحات صحفية على هامش اجتماع وزاري في ابوظبي، “لدينا الكثير من الاسئلة منذ ان تبنى مجلس الامن القرار حول ليبيا، وبعد المأساة الليبية.. واذا عاد الامر الينا، فانا اعتقد اننا لن نسمح بتكرار امر من هذا القبيل في سوريا”. وتابع الوزير الروسي قائلا: “اننا نؤيد المقاربة التي تم تبنيها فيما يخص اليمن. كانت هناك المبادرة الخليجية، كما ان جميع اللاعبين بما فيهم المجلس والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين، عملوا بمسؤولية قصوى، دون ان يضعوا مواعيد مصطنعة، بل انتظروا لشهور، حتى يتم تحقيق الهدف”.
من يسمع هذا النباح يشعر كيف تحاول روسيا تغطية جريمة الفيتو، ولكن الغباء والتخبط أن تغطيها بجريمة أخرى بالتصريح بإعلانها رفض تكرار النموذج الليبي، وكأن مأساة النموذج الليبي لم يكن المسؤول عنها هو القذافي حليفها الأيديولوجي، وإذا كانت روسيا حريصة كل هذا الحرص كما تزعم على حماية سوريا من تكرار المأساة الليبية فلماذا سمحت بل ودعمت بشار حتى الآن بقتل ما يزيد عن عدد الشهداء الليبيين عندما اتخذ قرار مجلس الأمن بفرض الحظر الجوي؟
إن تكرار النموذج الليبي رغم فداحته في سوريا هو أقل الضررين، وبشار وحلفاؤه إيران وروسيا والصين هم من يتحملون المسؤولية عن ذلك، لأنهم عمليا قد قاموا بوضع سوريا على سكة نموذج مجازر الثمانينات بإصرارهم على دعم بشار وجرائم الجيش الأسدي في المدن السورية، إن ما ينتظر سوريا إذا لم يطبق ما يشبه النموذج الليبي هو حوالي عشرة مجازر بحجم مجزرة حماة الكبرى، والقضاء على الثورة السورية والانتظار 100 سنة أخرى حتى تأتي للشعب السوري فرصة أخرى كي يرفع رأسه ويثور من جديد.
بل ربما هذه المرة سينتج عن فشل الثورة السوري (لا قدر الله) زيادة قوة النظام السوري وحلفائه إيران وحزب الشيطان في المنطقة، وقيامهم بهجمة مرتدة كبرى تطال كل الدول والشعوب العربية وحتى تركيا نفسها، فالأحرى بجامعة الدول العربية أخذ الأمر على محمل الجد والإسراع بإستئصال هذا الورم السرطاني الخبيث من جسم الأمة، حتى لو كان للعلاج أعراض جانبية فهو علاج يظل في النهاية أقل ضررا وأقل سوءا بكثير من استفحال هذا السرطان وانتقاله بشراسة في مختلف أنحاء جسد الأمة.
أما حديثه التافه عن تكرار النموذج اليمني في سوريا فغني البيان أنه نموذج فاشل بامتياز، وبشار الأسد هو أستاذ المماطلة واللف والدوران، وإذا كان علي عبد الله صالح قد استطاع البقاء باللف والدوران حتى الآن رغم عشرات الملايين من المتظاهرين في المدن الكبرى ورغم انشقاق نصف الجيش، فإن بشار لم يصل حتى الآن إلى مرحلة الضعف التي وصل إليها صالح في بداية الثورة عليه، وبناء على ذلك إذا تم تطبيق النموذج اليمني في سوريا فانتظروا طويلا وصول بشار إلى مرحلة الضعف التي وصل إليها صالح، ثم بعد ذلك انتظروا عشرة أعوام أخرى من المماطلات والمبادرات والوعود الكاذبة بتسليم السلطة بعد ساعتين تارة، وبعد خمسة أيام تارة أخرى.
إني أشجع نزول دمشق وحلب بالملايين وتعميم الإضراب والعصيان المدني، ولكن هذا إذا حصل وحده فهو لايكفي لإسقاط النظام، بل ربما يؤدي إلى ما يشبه النوذج اليمني، فمهما بلغ عدد الملايين من المتظاهرين في صنعاء فهم عاجزون عن مجرد الاقتراب من المنطقة التي يقبع فيها القصر الجمهوري، وإن القطع العسكرية التابعة لصالح أقوى في العتاد بثلاث مرات من التي انشقت عنه بحسب أحد التقارير الجديدة، وهذا قد يفسر تأخرها حتى الآن في الإقدام على الحسم، ولهذا فحتى لو حصل مثل هذا في سوريا سيبقى إسقاط النظام السوري يحتاج عملا عسكريا من نوع ما، ويظل هذا أمرا ملحا وبسرعة لأن بشار يقتل أكثر من صالح ويمنع علاج الجرحى بل ويجهز عليهم ويعتقل من يعالجهم.