لقد كشفت الثورات الشعبية الأخيرة في البلاد العربية عن تشكل تحالف دولي قوي تداعى فيما بينه إلى الدفاع عن حلفائهم وأقربائهم في الفكر والنسب، وهذا التحالف ليس جديدا في أصله، فهو قديم. بل الجديد فيه هو ظهوره إلى السطح بلا نفاق ولا مواربة. وما كان ذلك ليكن لولا أن ثمة خطر حقيقي يتهدد وجود هذا التحالف وتماسكه.
فقد رأينا تداعي هذا الحلف لنصرة النظام الليبي الاشتراكي حين دافعت كل من إسرائيل وموسكو والصين وسوريا وفنزويلا وإيران عن هذا النظام بكل السبل للحفاظ على وجوده. ثم ظهر هذا التحالف بوضوح أكبر وقوة أشد حين هرعوا جميعا مرة أخرى للدفاع عن النظام السوري الاشتراكي بكل السبل المتاحة. فما هو القاسم المشترك بين إسرائيل وهذه الدول الاشتراكية والرافضة؟ ولماذا تتداعى لنصرة بعضها حتى وصل الأمر إلى حد الفضيحة؟ اترك الإجابة على هذه الأسئلة لمناسبة أخرى، لأعود إلى الموضوع.
هذا التحالف (محور الفساد) قام بشن حرب إبادة ضد الشعب الأعزل في كل من ليبيا سوريا، على الرغم من أن هذا الشعب قد عاش حياة العبيد والسخرة تحت النظامين المذكورين حوالي أربعة عقود من الزمن. وقتل منه مئات الآلاف، وشرد الملايين، وسجن من سجن، وعذب من عذب، وجاع من جاع، حتى أن مدينة حماة هدمت على رؤوس ساكنيها، ثم أزالها النظام الاشتراكي السوري عن بكرة أبيها، كي لا تبقى عارا في جبينه مر الدهر.
وتمضي الأيام فالذين اكتووا بنار النظام السوري ولا زالوا نراهم قد تحالفوا مع عدوهم هذا من جديد تحت شعار (المقاومة والتحرير)، هذا الشعار المخادع الذي ما رفع إلا لنصرة إسرائيل وهزيمتنا نحن. فنرى تحالفات الإخوان المسلمين وحماس مع كل من إيران وحزب الله وسوريا قد أخذت عمقاً كبيرا في الصراع العربي الإسرائيلي وغيره، فلم تكن نتيجته إلا ما نراه من هزيمة تلو الأخرى لحقت بشعبنا المسلم السني في فلسطين ولبنان، ونصر وتفريج كرب لليهود الملاعين.
واليوم تتجدد حركة التحالف ويتداعى من جديد على الساحة السورية ضد الشعب السني المسلم المسالم المطالب بأبسط أنواع الحياة الإنسانية، وتستنجد سوريا بآيات الشياطين في إيران، ومليشيات حزب الشيطان في لبنان لقتل أهل السنة أحفاد الصحابة الكرام رضي الله عنهم. فيقتل من حزب الله عشرة أفراد أثناء دخولهم من الأراضي اللبنانية إلى الأرض السورية في كمين نصبه لهم الشرفاء الغيورين على أعراضهم وأوطانهم من أهل السنة. وتفوح رائحة الخيانة حتى تصل إلى البيت البيض، فيكشف الرئيس الأمريكي أوباما عن هذا التحالف في خطابه الذي ألقاه يوم الخميس الماضي الموافق 19/5/2011.
وعلى الرغم من وضوح الصورة وانكشاف الأمر بأن سوريا هي الحامية لإسرائيل ولحدودها، وأن أمن إسرائيل مرتبط بأمن سوريا كما صدر عن مسؤولين إسرائيليين أكثر من مرة، بل وأعترف بهذا الأمر ربيب النظام السوري رامي مخلوف، على الرغم من هذا ومن سُكون الجبهة السورية لصالح إسرائيل لمدة 44 عاما، فلا تزال حماس وحركة الأخوان المسلمين يلتزمون بالإملاءات السورية الإيرانية في فلسطين ومصر والأردن واليمن والبحرين، ولو على حساب المصلحة الوطنية العليا في تلك الدول، وعلى حساب أبناء الحركة الإسلامية نفسها، الذي يقدمون أرواحهم قرابين على مذبح (هيكل سليمان) لتتحقق بدمائهم البريئة السنية عقائد اليهود الفاسدة وحلمهما التوراتي القديم من السيطرة على بلاد ما بين الفرات والنيل.
ألم تنكشف الأمور بعد إلى الحد الكافي لكي تقوم حركة الإخوان المسلمين وحماس بعمل مراجعات فكرية فتغير من تحالفها القائم مع محور الفساد والإفساد. هذا المحور الذي طالما قدم لإسرائيل المنافع والمصالح، حتى صرخت إسرائيل وصرخوا هم قائلين: إن أمن إسرائيل من أمن هذه الدول. أي: سوريا وليبيا؟! إلى متى سنبقى غثاء نلدغ من نفس الحجر؟ إلى متى نبقى مطايا لشرذمة مسخها الله (اليهود) من خلال التحالف مع وكلائهم الخُلّص؟ أما آن الأوان بعد أن نعود إلى حلفنا السني وعمقنا الاستراتيجي؟ أما آن للإخوان ولحماس أن تؤوبا إلى الواقع المشاهد فتتبرأ من حلف الشياطين أعداء الملة والدين والمسلمين؟
والله من وراء القصد, 21/5/2011