في فقه الواقع و التحليل السياسي كثيرا ما ندخل في نقاشات عقيمة مع البعض حول من هو عدونا الأول إسرائيل أم إيران؟ ويدعي هؤلاء أن توجيه العداء لإيران يعني أن نصبح أصدقاءً إسرائيل!!، مع أن الحقيقة أن إيران تخدم إسرائيل بهذا العداء اللفظي المصطنع الفارغ من أي مضمون، وقد وقعت على موضوع يصف هذه الظاهرة بشكل جميل جدا وهو إيران وبوصلة العداء لإسرائيل المنشور في موقع الراصد المتخصص بالفرق والمذاهب ، وأحببت أن أنقل وألخص أجمل ما فيه على شكل نقاط ودروس نستفيد منها:
1- يتحدث عن تناقض هؤلاء وتسببهم في وقوعنا في دوامة من الباطل وتصحيح الخطأ بخطأ آخر: ” في مسألة إيران تجانب الصواب وتتنكب عنه، وتبحث عن الباطل فتسير في ركابه، مما يجعلنا نقع في دوامة من الفوضى المستدامة، حين نصحح أخطاء الآخرين بصواب مصحوب بباطل، مما يتولد عنه حق مصحوب بباطل جديد، مما يستدعي أن يعالج آخرون هذا الباطل الجديد بعلاج لا يخلو من باطل أيضاً، وهكذا نبقى ندور في حلقة مفرغة!!”.
2- سلبيات تعطيل كل شيء بحجة الصراع مع إسرائيل: “إنّ تحديد بوصلة العداء باتجاه إسرائيل موقف صحيح لا شك فيه، لكن الخبرة علمتنا أنّ تعطيل بقية الأشياء وتأجيلها بحجة الصراع مع إسرائيل كان خياراً بائساً لم يجر على الأمة إلا الويلات، فالتنمية والحرية والنهضة وئدت بحجة الصراع مع إسرائيل، رغم أننا لم نرَ صراعاً للأنظمة السياسية مع إسرائيل، وإنما رأينا صراعاً مع الشعوب، وسرقة للمال العام، وإهداراً للثروات، وتعطيلاً للتنمية السياسية والاقتصادية والثقافية بتلك الذريعة”.
3- لكنهم لا يعطلون قضاياهم الأخرى بحجة العداء مع إسرائيل: “وتجد أطراف المعارضة على مختلف توجهاتها توجه بوصلتها تجاه إسرائيل وتتبنى في الوقت نفسه الكثير من القضايا في اهتمامات متنوعة لا يرونها تعيق بوصلة عدائهم لإسرائيل. لكن هؤلاء جميعاً بعلمانييهم ومؤمنيهم يتخندقون في خندق واحد للدفاع عن انتقاد إيران، بحجة توجيه البوصلة تجاه إسرائيل فقط، ولأن إيران تقود محور الممانعة لإسرائيل!!، رغم أنهم يعلمون سياسات إيران التخريبية في الدول العربية والإسلامية، كما كتب أحدهم يقول: ” لا يمكن النظر بصورة وردية للدور الإيراني، فتأزم الوضع عراقياً ولبنانياً ويمنياً هو خدمة مجّانية تقدّم لإسرائيل”.
4- توضيح حقيقة أن توجيه بوصلة العداء لإيران لا يتناقض مع العداء لإسرائيل: “إن موقفنا بكل وضوح هو أن العداء والصراع مع إسرائيل لا يعنى التغاضي عن التخريب الإيرانى المتعمد في الدول العربية والإسلامية، وأن مقاومة هذا التخريب الإيراني هو في صلب مقاومة الصهيونية التي هزمتنا بتفكيكنا وتمزيقنا. وأننا نرفض تصرفات السياسة الإيرانية التي تراعى مصالحها السياسية الوطنية والقومية على حساب الأمة والدول المجاورة، عبر تجييش ولاء التجمعات الشيعية في المنطقة خلف المصالح الإيرانية من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على استمالة بعض الأطراف السنية من الحركات الإسلامية والقومية بحجج شتى؛ كدعم المقاومة والتصدى للإمبريالية لتكون أدوات مسخرة لمصالحها الضيقة، هي تصرفات عدائية لا تقل عن عدوان إسرائيل على أمتنا”.
5- استعراض أهم ما قامت به إيران لإضعاف وإشغال الأمة العربية لصالح إسرائيل: “إن إشغال الأمة في حروب متكررة في اليمن عبر الحوثيين لا يتوافق مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل. وإن التهديد بتدمير لبنان والاستهانة باغتيال رئيس الوزراء لا يتوافق مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل. وإن تعطيل الحياة السياسية في العراق ومنع قائمة العراقية الفائزة من تولى الحكم، لا يتوافق مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل. وإن محاولة الاستيلاء على دولة جزر القُمر من خلال التلاعب بالدستور لا يتوافق مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل. وإن التعاون مع المحتل الأمريكي في العراق وأفغانستان لا يتوافق مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل. وإن بقاء التهديدات الإيرانية لدولة البحرين لا يتوافق مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل. وإن استمرار إيران في استفزاز العرب والاستهانة بهم عبر احتلال جزر الإمارات وفرض تسميتهم الفارسية للخليج لا يتوافق ولا يتماشى مع تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل”.
6- يجب توجيه رسالة تحديد البوصلة باتجاه إسرائيل لإيران: “في الختام، نعم لتحديد البوصلة باتجاه إسرائيل، لكن يجب أن توجه هذه الرسالة لإيران وليس للعرب، فرغم السباب الإيراني لإسرائيل وأمريكا إلا أن الذي تحاربه إيران فعلياً هم العرب والمسلمون فقط، وهذا ما تشير إليه بوصلتها في الواقع!!”. انتهى.
إضافة لم يتطرق لها الموضوع:
7- الأهم هو الرابط العقائدي والأيديولوجي بين إسرائيل وإيران: متمثلا بتشابه كبير بين العقيدة اليهودية والعقيدة الرافضية، وأصل اليهودي للعقيدة الرافضية، إضافة إلى الدعم الشيوعي واليهودي السابق لكلا الدولتين إيران وإسرائيل، وقد شرحنا ذلك بالتفصيل في موضوع الثورة الخمينية الإيرانية انتهجت مبادئ الاشتراكية و الشيوعية، ويبدو أن البعض ينفرون من الربط العقائدي رغم أنه الأساس والمحرك للأفعال والأحداث، لكن الربط الواقعي مقرونا بالربط العقائدي سيكون له بالتأكيد أثر كبير في إقناعهم بضرورة أخذ العقيدة والأيديولوجيا بعين الإعتبار في فقه الواقع و التحليل السياسي.
وأخيرا، بالتأكيد يمكن لكل قارئ لهذا الموضوع أن تخطر بباله إضافة جديدة، فليتكرم بوضعها في التعليقات، وسوف أننقل أي إضافة قيمة إلى الموضوع إن شاء الله.