اللهم الطف بالجزائر يا رب، إن ترشح وفوز عبد العزيز بوتفليقة حتى لو حصل قبل الثورات العربية فهو قد يكون سببا كافيا لحدوث ثورة كارثية، فكيف إذا بعد الثورات العربية؟ ، فلقد كانت مرونة النظام الجزائري النسبية في سنة 2011 وامتصاصه للغضب الشعبي بإيقاف حالة الطوارئ وغيرها من إصلاحات قد استطاعت تأجيل الثورة، برغم أنها لم تكن بالحد الكافي، ولكن ربما الآن قد عميت أبصار النظام الجزائري لأنه صار هناك من يراهن على خوف الشعوب من النتائج السيئة للثورات، لكن هذا الرهان لن ينفع كثيرا.
للأسف الآن يبدو النظام الجزائري يغتر بإصرار بشار المعتوه على ترشيح نفسه فيرى أنها أولى منه! ولكن هيهات… فالحقيقة أنه ليس كل شباب الربيع العربي في نفس المستوى الفكري، وليس كلهم انتبه للنتائج المأساوية للثورات، بل على العكس، فكثير منهم يرى أن الحل هو أن تظل الثورات مستمرة حتى تحقق اهدافها، كما أن اغترار النظام الجزائري بما حدث من فشل للربيع العربي هو قراءة أشنع من قراءة بشار الخاطئة قبل الثورة بأنه رئيس شاب سيجدد للمرة الثالثة وليس الخامسة مثل مبارك وصالح والقذافي العجائز، ولأنه شاب لن يثور الشعب عليه، ولكن شبابه لم يشفع له، فكيف بحالة بوتفليقة؟! والآن نخشى أن يكون فوز شيخوخة بوتفليقة بالرئاسة سيكون الضربة القاضية للأصوات العقلانية التي بدأت تظهر بعد النتائج السلبية في بلاد الثورات العربية، وأن هذه النتائج لن تشفع له.
قد يخبرنا التاريخ أيضا أن نظام مبارك في مصر لو سلم السلطة لعمر سليمان قبل فوات الأوان، لربما ما حصل ما حصل، كما أن شباب الثورة لو أنهم انتظروا تلك الأشهر القليلة لنهاية مبارك بعد خطابه الذي عزم فيه على عدم الترشح، لكانت تلك الانتخابات قد أغنت عن مرحلة المجلس العسكري بقيادة الطنطاوي، ولو أن مرسي أعلن انتخابات مبكرة لكان خرج خروجا مشرفا ولما دخلنا نفق الانقلاب العسكري والمرحلة الانتقالية.
إنها دروس وعبر التاريخ لمن أراد أن يعتبر، ومن أراد أن يعمي عينيه ويصم أذنيه، فإن التاريخ مستعد أن يعيد نفسه مرات عديدة ويستوفي الثمن مرات أخرى.
بقلم: زاهر طلب