تقوم روسيا والنظام السوري بإشغال المجتمع الدولي بمتاهات لا نهاية لها حول تفكيك السلاح الكيماوي ليحاول الإفلات من العقاب والمحاسبة، وفي موازاة ذلك فإن الورقة الرابحة الكبرى للنظام هي في تشكيلات تنظيم القاعدة، فهي كانت ولا زالت أكبر سبب في مساعدة النظام على البقاء وإعطائه شرعية زائفة مجددا أمام العالم وأمام الشعب خاصة الأقليات، فالدخول الطارئ للقاعدة قد جعل الثورة الشعبية تبدو كما لو أنها تمرد إرهابي يقوم بشار بمحاربته، وهي صورة زائفة قد دأب النظام على صنعها إعلاميا، ثم استجلب القاعدة من الخارج وأفرج عن كثير من قياداتهم في السجون ليصطنع هذه الصورة، لأنه عجز عن مواجهة الثورة الشعبية السلمية، وعجز عن حسم المعركة مع الجيش الحر الذي يتكون جنود منشقين شرفاء رفضوا إطلاق النار على تظاهرات شعبهم السلمية.
في مسألة السلاح الكيماوي، قد يخطط النظام أو يجبر فعلا على تسليم سلاحه الكيماوي كله أو بعضه للمجتمع الدولي ليأخذ شهادة خلو الجيش السوري النظامي من السلاح الكيماوي، وقد يكون في ذات الوقت قد اتفق مع القاعدة عبر اختراقاته الأمنية الكثيرة في قياداتها، على أن تقوم القاعدة بعمل إرهابي كيماوي غاية في الفظاعة ضد الشعب السوري، وخاصة ضد الأقليات ومناطق الموالين للنظام، وعندها قد تتحول الصورة الكاذبة عن محاربة النظام للإرهاب إلى مزيد من التأييد غربيا وحتى شعبيا إلى حد ما، إن هذا التطور الخطير محتمل، وبخاصة أنه قد ظهر الجولاني قائد جبهة النصرة في تسجيل فيديو بعد مجزرة الغوطة الكيماوية التي ارتكبها النظام، يهدد بحرق وذبح مناطق سكن الطائفة العلوية، وهذا يصب في صالح النظام ومنع الغرب عن محاسبته على جريمته النكراء بقتل الأطفال والنساء واستخدام السلاح الكيماوي، ولكن هذه التهديدات القاعدية المجرمة لم تلقى آذانا صاغية هذه المرة لدى الغرب على عكس العادة، نظرا لهول جريمة النظام السورية الكيماوية.
لكن ماذا لو استخدمت القاعدة الكيماوي وأعلنت صراحة تبنيها لعمل إرهابي هو الأول من نوعه في التاريخ؟! المفروض أن لا يتم نسيان وتبرئة النظام من جريمته في الغوطة، بل على العكس يجب زيادة إدانته، لأن النظام هو مالك السلاح الكيماوي وهو أيضا مسيطر ومتحكم بكثير من قيادات الكتائب القاعدية، وهو قد كان يرسلهم إلى العراق سابقا، وإن تصريح بوتين بأن “المتمردين استعملوا السلاح الكيماوي للتحريض على تدخل أميركي في سورية” قد يحمل دلالة على أنهم يخططون لتحقيق مثل ذلك.
إنه إذا حصل مثل هذا الكابوس فإنه يجب أن لا يتم دعم النظام في مواجهة عدو هو في الحقيقة أداة في يده قام باصطناعه ليغسل جرائمه بقتل الشعب السوري، بل يجب كشف هذه الحقيقة، وهي أن النظام أيضا قد استخدم الكيماوي مرة أخرى عبر وكلائه من ارهابيي القاعدة، وأنه هو المسوؤل مرة أخرى مسؤولية سياسية ومسؤولية جنائية مباشرة أيضا.
ولكن من أجل منع مثل هذا السيناريو والوقاية منه، يتوجب على الشعب السوري والجيش الحر وكافة قوى الثورة السورية، العمل على تفكيك ومنهاضة تنظيم القاعدة بكافة كتائبه، ويجب انسحاب كافة الشباب الطيبين الأحرار من القتال مع هذه الجبهات مجهولة القيادات والعاملة في مصلحة النظام بعلمها أو بغير علمها.