كلما ساءت أكثر حالة الثورة السورية وحالة الشعب السوري تحت القصف، وكلما علت الأصوات المتنوعة المصادر بضرورة التدخل العسكري لإسقاط هذا النظام الذي لم يسقط بعد أكثر من سنة ونصف من قتال الجيش الحر له، خرجت إلينا بعض الأخبار السارة السطحية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، مثل إجلاء بعض الرعايا الروس غير المهمين، وهروب أنيسة أم المجرمين بشار وماهر إلى دبي، فيزعم بعض المحللون أنها مؤشرات بقرب سقوط النظام!
لكن المتابعة المستمرة أثبتت أن مثل هذه المؤشرات الداخلية والخارجية لا زالت تظهر منذ أكثر من سنة ونصف، وبعضها كبير ومحرز، ولكنها إما أن تكون وهمية مفتعلة مثل إشاعات تسميم بشار، أو ثانوية لكنها ذات صبغة إعلامية فاقعة مثل هروب أنيسة، أو حقيقية مثل وصول المعركة إلى دمشق لكن كل تقوم إيران وروسيا على الفور بمضاعفة دعمهم للنظام السوري لتعويضه بأضعاف ما فقد.
علينا أن نعلم أن هذا النظام باعتباره لا يقاتل الشعب السوري وحده، وإنما مدعوما بشكل عضوي من دول كبرى هي إيران وروسيا والصين علنا وإسرائيل سرا، يمارس حرب استنزاف طويلة ضد الثورة، ولهذا فإن إسقاطه بدون دعم دولي خارجي للثورة يوازي دعم النظام هو أمر مستحيل بحسب الحسابات المادية والسنن الكونية التي خلقها الله ليسير عليها نظام الكون، ولهذا يجب بعد التوكل الكامل على الله الأخذ بكل الأسباب المادية الممكنة والسعي دوما للحصول على تدخل عسكري خارجي لدعم الثورة، وتسليح الجيش الحر، وعدم الاكتفاء بالغنائم لأنها قليلة ومتقطعة وغير نوعية.
أما الأهم فهو عدم الانخداع بأي مؤشرات لا كبيرة ولا صغيرة بقرب سقوط النظام، بل مع كل هذا الدعم الروسي الخرافي، فحتى لو قتل بشار نفسه لن يتغير شيء ولن يتوقف القصف، وضد حدث مثل هذا سابقا في الثورة ضد النظام الشيوعي الأفغاني، الذي سقط فتحولت المعركة ضد الاحتلال السوفياتي، وهذه المعركة في سوريا أيضا قد أصبحت منذ زمن بعيد ضد إيران وروسيا بشكل مباشر، ونظل بحاجة ماسة لتدخل عسكري حتى بعد سقوط نظام الأسد بأكمله، وذلك للحيلولة دون قيام روسيا وإيران بثورة مضادة لإعادة النظام البعثي السابق.
فلا يقولن قائل بأن النصر قريب ولسنا بحاجة لتدخل أو تسليح، لقد أثبتت الأيام وشدة التدخل الروسي والإيراني عدم صحة هذا الكلام نهائيا، وإن أرواح ملايين من الشعب السوري في خطر حقيقي، ولا تجوز المجازفة بها من أجل سيادة وطنية هي أصلا مفقودة.