قد يكون من السابق لأوانه كتابة هذا المقال تعليقا على الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن فشل مليونية إسقاط الإخوان المسلمين في مصر، حيث: ” لم تلق دعوة تيارات سياسية لمليونية احتجاجية معارضة لما سموه بـ”حكم الإخوان” النجاح المرتقب وفشلت في إسقاط الإخوان المسلمين، وعزا سياسيون ومسؤولون مصريون فشل “مليونية 24 أغسطس” لأسباب عديدة أهمها عدم وضوح أهدافها والخلاف السياسي بين الداعين إليها.
ووصف المهندس محمد عبدالمنعم الصاوي، النائب البرلماني السابق عن حزب الحضارة، مليونية جمعة “إسقاط الإخوان”،بـ “الفاشلة”.
وأضاف الصاوي، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن فشل مليونية أبو حامد السلمية، اليوم، يضع نهاية لمرحلة المراهقة السياسية في مصر، ويمهد الطريق لممارسات ديمقراطية حقيقية.
ومن جانبه، صرح ضاحي عنتر رئيس منظمة “ثوار مصر” لـ”العربية.نت”: أن تظاهرة اليوم فشلت لأنها لا تعبر عن الأمة المصرية كلها بل والداعين إليها إنما يدعون إلى الفتنة”. أ هـ [العربية نت].
قلت: هذه هي نتيجة المظاهرات ـ لحد الآن ـ ضد حكم الإخوان المسلمين في مصر، فهي مظاهرات هزيلة وهشة. وهذا يؤيّد القول بأن الشعب المصري مثله مثل باقي الشعوب الإسلامية التي ينطبق عليها الوصف النبوي الشريف: (غثاء كغثاء السيل).
فلما ارتبطت الثورة المصرية سياسياً (بولاية الفقية) في إيران وبسوريا الاشتراكية إلى حد يرضاه الخصوم، نام الشارع المصري إلى حد كبير، وحتى عامة اليساريين المناوئين للحركة الإسلامية لم يتحركوا بالقدر المعبر عن سياستهم ونظرتهم التقليدية المعادية للدين وللإخوان المسلمين، فقد تنبأ البعض وكنت منهم، بأن ردة فعل اليسار القوية المناوئة لوصول الإخوان لسدة الحكم في مصر هي طبيعية في بداية الحدث كون الكثيرين منهم لم يدرك بعد أن (ثورة الإسلام السياسي) هي ثورية إسلامية قائمة على مجموعة من المفاهيم والنظرات السياسية اليسارية في الأصل، ومتأثرين بمفاهيم ونظرات حزب التحرير الإسلامي السياسية. بالتالي ستخدم هذه الثورات المشروع الحركي الثوري الماركسي، وبذلك ستكون النتيجة لصالح العدو الصهيوني، كما تعودنا، شاء من شاء، وأبى من أبى.
أما لو كانت هذه الثورة المضادة “مليونية 24 أغسطس” قوية وتهدد حكم الإخوان المسلمين في مصر، فحينها سنتوقع القمع والدماء والتخريب بشكل واضح وكبير من قبل النظام وبالتعاون مع مندسين في المعارضة وبعض هواة التخريب في الأساس. بحيث سيترحم الشعب المصري على أيام حكم الرئيس المخلوع مبارك. كما يترحم اهل قطاع غزة هذه الأيام على حكم السلطة الفلسطينية، بل وبعضهم وصل به الأمر مع الأسف إلى الترحم على حكم إسرائيل. ولا يسعنا إلا أن نشكر هذه الثورة المضادة “مليونية 24 أغسطس” التي جددت مبايعة الشعب المصري لحكم الإخوان المسلمين الموالين لإيران والمدعومين من سوريا في التوجه السياسي.
وفي هذا المقام يجدر بنا اخذ العبرة مما حدث في مصر لما سيحدث مستقبلا في سوريا، فمن الناس من يقول، حتى لو استلم الإخوان المسلمين الحكم في سوريا، فان الثوار سيرفضون ذلك ما دام زمام الأمر بأيديهم كما عهدنا!!!!
وهنا أسأل: هل الشعب السوري أوعى سياسيا بدرجة كافية من الشعب المصري؟ ثم لو كان الأمر كذلك ورفضوا حكم الإخوان الذي سيصل عن طريق الديمقراطية السورية المرتقبة، سيواجهون أمرين اثنين خطيرين، الأول: سيواجهون دكتاتورية (الحرس الثوري الاخواني) الذي سيكون فتاكاً بالمعارضة كما فعلت حماس بكل من أفراد فتح، والسلفيين وغيرهم في غزة. ثم سيفقدون الدعم الغربي المتوقع كونهم لم يحترموا نتيجة الديموقراطية.
بالتالي فإن، الخيارات أمام نجاح الثورة السورية النجاح المطلوب ضئيلة جدا في ظل عدم وجود معارضة معتدلة وطنية راجحة وكافية بديلا عن النظام السوري.
وأخيراً لا بد من التذكير بأن معارضتنا لسيطرة الإخوان في مصر وفي غيرها من البلاد الإسلامية على مقاليد الحكم، ليس نابعاً من معاداة مشروعهم الإسلامي، فإن هذا لا يقول به عاقل، بل كون حركة الإخوان خاصة والمسلمين عامة قد برمجوا برمجة فكرية سياسية قائمة على مفاهيم ونظرات حزب التحرير الإسلامي، هذا الحزب الذي أقام نظريته أو نظرته السياسية خاصة على (نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ)، بالتالي فأن كل من تأثر بطرحه السياسي سيجد نفسه قريبا من معسكر اليسار ومنه إيران، بعيدا عن معسكر الإسلام السني المعتدل. وبهذا الاعتبار، وكون الماركسية هي التطبيق العملي لأسطورة الشعب المختار، يكون المتأثر بطرح حزب التحرير السياسي قد قدم للصهيونية العالمية ماله ودمه وأرضه وعِرضه ودينه للتصرف بها كيف تشاء، علم بذلك أم جهل.
والحمد لله رب العالمين 25/8/2012