أساس الصراع الخفي بين أمريكا وإسرائيل وسِرّه جـ 3

هذه هي أهم المبادئ والأهداف التي تقوم عليها السياسة الأمريكية:

1-   الديموقراطية في تداول السلطة.

2-   التعددية السياسية.

3-   الحريات الدينية.

4-   حفظ حقوق الإنسان.

5-   حرية السوق والملكية الخاصة.

وهذه أهم المبادئ والأهداف التي تقوم عليها السياسية الإسرائيلية:

1-   اليهود شعب الله المختار.

2-   الأرض ملك لليهود.

3-   البشر بهائم خلقوا لخدمتهم.

1- (اليهود شعب الله المختار):

يعتقد اليهود بأن الجنس اليهودي في أصل خلقته يختلف عن باقي البشر وأن الله تعالى قد ميزهم في ذلك عن كل الأمم. فقد أشار استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الإسرائيلي للديمقراطية نشرت صحيفة (هآريتس) الالكترونية بعض نتائجه أن (70)% من اليهود يعتقدون بأنهم شعب الله المختار مما يشير إلى تراجع واضح في تأثير العلمانية في الوسط اليهودي. ومن مستلزمات هذه العقيدة أن يكونوا هم السادة وهم من يجب أن يكونوا على رأس السلطة، لان أهم دليل على الاصطفاء والاختيار من قبل الرب لهم كما يزعمون، هو قيادة العالم وحكمه [حسب مراجعهم المقدسة]،  لذا تراهم ينتظرون خروج مسيحهم ليحقق لهم هذه الغاية. فقد ورد في التلمود: أن نطفة غير اليهودي كنطفة باقي الحيوانات.

كما يعتقد اليهود بان الله تعالى خلق البشر ليكونوا خدما وعبيدا لهم، كونهم هم أبناء الله وأحباؤه كما يعتقدون. يقول التلمود في ذلك:”إن الشعب المختار الذي يستحق الحياة الأبدية هم اليهود، وأما باقي الشعوب فمثلهم كمثل الحمير ولا قرابة بين اليهود وبين الأمم الخارجة عن الدين اليهودي؛ لأنهم أشبه بالحمير، وبيوت عبادتهم كزرائب الحيوانات ، وقد خلق الله الأجنبي على هيئة الإنسان ليكون لائقًا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم؛ لأنه لا يناسب الأمير أن يخدمه ليلاً ونهارًا حيوان على صورته الحيوانية، كلا فهذا مناف للذوق والإنسانية، فإذا مات خادم ليهودي أو خادمة وكانا من الأجانب فلست ملزمًا بأن تقدم له التعازي باعتباره فقد إنسانًا، بل باعتباره فقد حيوانًا من الحيوانات المسخرة له“.أ هـ

هذه عقيدتهم في أنفسهم وفي بقية البشر، فهم يعتقدون بأن الفرق بين درجة الإنسان والحيوان هو بقدر الفرق الموجود بين اليهود وباقي الشعوب!!

أليست المبادئ والأهداف التي تقوم عليها السياسة الأمريكية ، بل عموم الغرب تتناقض من كل وجه مع هذه العقيدة اليهودية أنهم شعب الله المختار؟ أليس هذا خلافا جذرياً بينهما؟

أليست التعددية السياسية والديمقراطية في تداول السلطة يحرم اليهود من الاستئثار بالسلطة وفرض القوانين اليهودية على الناس كما يؤمنون؟

ألم يقل  ((التلمود)) في ذلك: ((أينما حل اليهود، عليهم أن يفرضوا أنفسهم أسيادا على من يعتبرون أنفسهم أسياداً))([1]).

((وهكذا كلم الأكثر قدسية شعبه الإسرائيلي: اعتبرتموني حاكم العالم الأوحد، لذلك أعتبركم حكماء العالم الوحيدين))([2]).

2- (البشر بهائم خلقوا لخدمتهم):

أما عقيدتهم في أن البشر بهائم خُلقوا لخدمتهم. فإنها ليست أحسن حظاً في المقارنة من اعتقادهم بأنهم شعب الله المختار. فلو نظرنا إلى المبادئ الغربية الأمريكية لوجدناها كذلك تتناقض من كل وجه مع كل من يعتقد بان البشر بهائم وعبيد وسخرة له كائناً من كان وعلى رأسهم اليهود والماركسيون. فالعبد والخادم لا يجوز له أن يمتلك قراراً، أو عقاراً، أو مالاً،  أو سلطةً، أو حرية وهذا كله متاح له في الدول الغربية وأمريكا. والعبد محروم من أن يكون قائداً أو رئيس حزب أو كتلة سياسية أو جماعة، وكل هذا متاح له لدى الغرب حتى لو كان مسلماً، والعبد  لا يحق له الدفاع عن نفسه إذا اعتدى عليه سيده بالباطل، ولا أن يقاضي جهة ما فهو عبد لا غير، وهذا كله محفوظ في المبادئ والأهداف التي تقوم عليها السياسة الأمريكية والغربية، ومخالف لمعتقدات اليهود، ونظرات إسرائيل السياسية الباطنية، وإن تشدقت إسرائيل بعكس ذلك، فها هي تختلق الأعذار لحصار الفلسطينيين من خلال بناء الجدار العازل الذي هو في حقيقته سجن كبير وإذلال وقهر واستعباد.

إذ الأمر كذلك فكيف ننساق إلى دعايات غرضها التضليل والجمع بين النقيضين ونحن بكامل وعينا ونتمسك بكتاب ربنا الذي حررنا من التعصب للرأي الباطل، ودعانا للتفكر والتدبر والتعقل، وعدم الانجرار خلف الدعايات والإشاعات، بل دعانا إلى التثبت في القول والعمل والاعتقاد؟

3- (الأرض ملك لهم):

فان الأدلة المبثوثة في كتبهم المقدسة على ذلك كثيرة جداً، منها: تقول التوراة بزعمهم: ((وسار في رحلاته… إلى بيت إيل [في مركز إسرائيل] وقال الرب لإبرام… ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد… امش في الأرض… لأني لك أعطيها))([3]). نص آخر: ((قطع الرب مع إبرام ميثاقا قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات))([4]). نص آخر: ((وأعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا أبدياً))( [5]) .

وجاء في ((التلمود)): ((وبالنسبة لمطالبة الأغيار حق استملاك أي شيء، فإن ما يملكون هو كالأراضي المشاعة في الصحراء التي ليست ملكا لأحد))([6]). نصٌ آخر: ((وهب الله اليهود حق السيطرة والتصرف بدماء جميع الشعوب وما ملكت))([7]).

دقق في هذه النصوص وفي دلالاتها، وانظر كيف تتعارض مع المبادئ التي تقوم عليها السياسات الغربية والأمريكية، فهي تتعارض من وجهين:

الأول: تتعارض مع حق المواطن المطلق في امتلاك أرض يزرعها ومنزل يكنّه، وهذا الأمر لا تقره القوانين الإسرائيلية التي لم تعط المواطن حق الاستملاك المطلق بل المقيد لفترة معينة.

الثاني: تتعارض مع المادة الأولى من الفصل الأول من ميثاق الأمم المتحدة، ومع المادة الثانية من نفس الفصل. كحق تقرير المصير واستقلال الشعوب والأمم، وحفظ السلم والأمن الدولي وتحريم اعتداء دولة على أخرى التي يوجب على أعضائه الامتثال به وتطبيقه.

هذه هي عقائد اليهود الثلاث فلو عرضناها على ميثاق الأمم المتحدة  لأزكمت رائحتها الأنوف، فهذا البند (3) من الفصل الأول المادة الأولى (مقاصد الأمم المتحدة) يقول: ((تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء)) أ هـ.

أليس هذا النص يتناقض من كل وجه مع عقائد اليهود الثلاث؟ فهل ثمة مكان لتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا في ظل تلك العقائد؟

إذن، فكيف يقال بأن السياسة الأمريكية والإسرائيلية وجهان لعملة واحدة؟

والحق أن يقال: السياسة (الروسية الاشتراكية) و(الإسرائيلية) وجهان لعملة واحدة. والأدلة على ذلك كثيرة جداً فقد جمعت منها الكثير في كتابي: (الجذور التوراتية للاشتراكية)، سأكتفي بنقل بعض التصريحات اليهودية واعترافاتهم بهذا الصدد:

–   يقول اليهودي الدبلوماسي الفرنسي الكونت سانت أولير: ((…فنحن في توافق وانسجام مع الماركسية في أنقى مبادئها العالمية. وبعبارة أخرى: نحن مع الماركسية لأنها تتعادل وتتناظر مع ديننا،  لأنها سلاحنا القومي، نستخدمه في الدفاع والهجوم، كالدرع والسيف))([8]).

–   يقول اليهودي الفرد نوسيغ: ((فاشتراكية العالم الراهنة ليست سوى المرحلة الأولى من منجزات موسى، كأول تنظيم عالمي خطط له أنبياؤنا))([9]).

–   يقول السجل الطائفي اليهودي لمدينة نيويورك: ((لقد قامت الثورة الروسية لمنح اليهود الحرية السياسية والمدنية الكاملة))([10]).

وذكرت الصحيفة اليهودية ((ذي جويش لايف)) الصادرة في نيويورك: ((وحدها الاشتراكية استطاعت أن تحل المشكلة اليهودية))([11]).


(1) مقاطع من كتاب ((التلمود))، وكتاب ((الكابالا)).نقلها زهدي الفاتح في كتابه ((اليهود))، ط/2، 1987، (ص165)، عن (Sanhadrin, 19).

(2) مقاطع من كتاب ((التلمود))، وكتاب ((الكابالا)).نقلها زهدي الفاتح في كتابه ((اليهود))، ط/2، 1987، (ص165)، عن (Chaniga,3a,3b).

(3) ((تكوين))، (ح13، ع  3، 14-17)، وانظر: ((تكوين))، (12:5-9).

(4) ((تكوين)) (18:15 ).

(5) ((تكوين)) (8:17).

(6) مقاطع من كتاب ((التلمود))، وكتاب ((الكابالا)). نقلها زهدي الفاتح في كتابه ((اليهود))،ط/2، 1987، (ص165)، عن (Baba Bathra,54b).

(7) مقاطع من كتاب ((التلمود))، وكتاب ((الكابالا)).نقلها زهدي الفاتح في كتابه ((اليهود))، ط/2، 1987، (ص165)، عن (seph. Jp., 92,1).

(8) ((اليهود)) لزهدي الفاتح، ص43، ط/2، نقلاً عن مصدره رقم (97).

(9) ((اليهود)) لزهدي الفاتح، ص 104، ط/2، نقلاً عن مصدره رقم (245).

(10) ((اليهود)) لزهدي الفاتح ، ص126، ط/2، نقلاً عن مصدره رقم (307).

(11) ((اليهود)) لزهدي الفاتح ، ص127، ط/2، نقلاً عن مصدره رقم (308)، عدد تموز 1938م.

Scroll to Top