كنتيجة لأزمة الطاقة الكبيرة والحادة في أوروبا الواقعة بسبب احتكار روسيا بيع النفط بالروبل، ثم مؤخراً قيام روسيا بقطع إمدادات النفط عبر أنبوب نوردستريم1 عن ألمانيا، ومع نقص إمدادات الغاز الطبيعي وارفاع أسعاره في طول القارة الأوروبية وعرضها، فقد بدأت المخاوف الجدية من تجمد سكان القارة العجوز في شتاء 2022/2023، مما ينذر بخطر حقيقي في تماسك الموقف الأوروبي، وبالتالي تعرض دولها إما لالتحول إلى دول خاضعة لروسيا أو الموت من البرد.
وإزاء هذه التهديد الوجودي الروسي لأوروبا، فقد بدأت كل من مصر والسعودية بالتحرك لاستفادة من هذه الفرصة لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية الكبرى، من وأهمها:
- استفادة مصر مادياً من بيع الغاز الطبيعي المسال لإنعاش النهضة المصرية الاقتصادية الجديدة والتي تعرض لهزة قوية بسبب الحرب الروسية الظالمة على أوكرانيا.
- استفادة السعودية مادياً من الاستثمار في طاقة اليهدروجين النظيفة في اليونان، وذلك عبر إقامة مشروعات كبرى.
- تقوية النفوذ العربي في أوروبا وخاصة باستغلال ضعف الاقتصاد اليوناني في العقود الأخيرة وعدم مقدرة أوروبا على حل مشكلة الاقتصاد اليوناني المزمنة.
- تسهيل حصول السعودية ومصر على مزيد من إعارة وحتى شراء الأسلحة المتقدمة من أوروبا واليونان، مما يساعد في تقوية ميزان القوى العسكرية والدولية لصالح العالم العربي في مقابل العدوتين إسرائيل وإيران.
- تفويت الفرصة على العدوان الروسي الغاشم من استغلال حاجة أوروبا الماسّة للطاقة في الشتاء القادم ليعمل على إقناع أوروبا بإيقاف الدعم العسكري لأكرانيا في دفاعها المشروع عن أرضها وشعبها وحريتها.
- رفع أسهم وسمعة العالم العربي ووضعه في مصاف الدول المتقدمة والتي تقدم حلولاً وأغاثات كبرى على مستوى العالم أسوة بغيرها من الدول مثل اليابان والولايات المتحدة.
- إبعاد صورة الإرهاب والفقر والضعف عن الإسلام والعالم العربي، وتقديم الإسلام على أنه دين السلام والتعاون والقوة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية المتقدمة.
- مساهمة العالم العربي في الحفاظ على سلامة البيئة واستدامة كوكب الأرض عبر إنشاء مشروعات تساهم في خفض الانبعاثات الكربونية.
هذا ولا تقتصر الفوائد الجمّة لهذه المشروعات على ما تقدم، فهناك الكثير من المشروعات والنتائج الأخرى الواعدة لصالح العالم العربي والبشرية ككل، حيث إن نهوض الأمة الإسلامية من جديد يختلف عن نهوض غيرها من الأمم، وهو يبشر بالخير والتقدم للعالم ككل وخاصة الشعوبة الضعيفة والمظلومة، وذلك بعكس نهوض دول مثل روسيا والصين الذي لا يؤذن إلا مزيد من الخراب والدمار والخوف على الكوكب من حرب نووية لا تبقي ولا تذر.
يتبقى أن هناك البعض يتساؤلون لماذا تقوم السعودية بدعم دول أوروبية مسيحية وتترك دعم كثير من الدول العربية الإسلامية بلا دعم كبير، لكن الأسباب الداعية لهذا في هذا الوقت كثيرة من أهمها أن دعم اليونان في السنوات الماضية كان من أهم أسباب في كسر قوة أردوغان التي كانت تهدد العالم استقرار العالم العربي، وللحصول على مكاسب عسكرية من اليونان للسعودية في حربها ضد الحوثيين في الوقت الذي تخلت في الولايات المتحدة عن دعمها في بداية حكم بايدن، ولعله في وقت قريب تكون هناك حصة كبرى للعديد من الدول العربية في استثمارات ومشروعات سعودية كبرى بإذن الله.
زاهر طلب