حقيقة فتنة الدهيماء وهويتها وصفاتها

أعيد نشر مقال لي كنت قد نشرته قبل عقد من الزمن…. للنظر في مدى مطابقته للواقع:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعودًا فذكر الفتن فأكثر ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل: يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال: “هي فتنة هرب وحرب ثم فتنة السرّاء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنَّه منِّي وليس منِّي إنَّما وليِّي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء (أو الدهماء) لا تدع أحدًا من هذه الأمَّة إلاَّ لطمته لطمة فإذا قيل انقطعت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا حتى يصير الناس إلى فسطاطين؛ فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، إذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من اليوم أو غد”. قال الأرنؤوط رجاله ثقات رجال الصحيح وكذلك صححه الحاكم.

من صفات هذه فتنة الدهماء

1- أنها تصيب الدهماء: ومعنى “الدهماء”: عامَّةُ الناس وسَوَادُهم. وهذا المعنى دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً”، إذن هي فتنة تصيب عموم الأمة.
2- فتنة فكرية: ودليله قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً. فلم يقل عنها كما قال عن غيرها التي يكثر فيها القتل.
3- تتمادي في خطرها وأثرها على عكس ما يُقال بانقضائها: ودليله: ” فإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ”: أي يقال بأنها انتهت، ولكنها في الحقيقة تزاد خطورة.
4- يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا: وهذا لشدة الشبهات التي تطرحها في الدين والعقيدة.
5- تتمايز بسببها الصفوف مؤمنين ومنافقين، ولم يقل كافرين، بل قال: منافقين، ولهذه دلالة عظيمة، لأن المؤمن لا يمكن له أن ينخدع فيعتبر اليهودي يوماً مّا من المسلمين، بينما ينخدع بالمنافقين فيظنهم من المؤمنين.
6- نهاية هذا الفتنة ومصيرها إلى خروج الدجال. ودليله: “إذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من اليوم أو غد”.

فلو جمعنا هذه الصفات وحبكنا بين خيوط معانيها لكشفت لنا عن حقيقتة هذه الفتنة ومصدرها وأثرها. فهي فتنة فكرية تصيب عامة المسلمين، تفتنهم في دينهم وأفكارهم وعقائدهم وتصوراتهم حتى يتفرقون بسببها الى فئتين، فئة مؤمنة صادقة ذات عقيدة سليمة ورؤية سديدة لا ينزلقون ولا يُخدعون بسببها فيصفون الصادقين والأمناء بأنهم كاذبين خونة، ولا يصفون الكذبة والخونة بأنهم صادقين أمناء. وفئة أخرى منافقة قائمة على فن الدجل والتضليل الإعلامي وقلب الحقائق قصداً، فَيُشّهرون بالصادقين الأمناء حتى يقال عنهم أنهم كذبة وخونة، ويمجدون بالكذبة الخونة حتى يقال عنهم صادقين أمناء.

إذا قيل انقضت تمادت…

ومن صفات هذه الفتنة (الدهيماء أو الدهماء) إذا قيل يوما بأن خطرها انتهى وأنها قد ماتت، ازدادت في الحقيقة شراً وخطراً وتأثيراً، وهذا بسبب انطلاقها من خصوصيات المجتمع (تركب موجة التدين أو العدالة)، ورفع شعارات إسلامية أو جهادية أو تحررية أو دعوة لإقامة حكم الله في الأرض، أو اقامة العدالة الاجتماعية، أو نصرة المستضعفين وإنصافهم، وغير ذلك من الشعارات البراقة التي تخص المسلمين فتجذبهم من خلالها الى ما يريده دهاة ودعاة هذه الفتنة ومنتجوها، وهذا من شدة نفاقها ودهائها ومكر أصحابها وفن الدجل الذي يتقنونه، وهو فن مبني على علم الجاسوسية وعلوم النفس والاجتماعي والإنساني.

فتستمر هذه الفتنة الفكرية في تجييش الدهماء وعامة الناس، أو الرعاع ـ حسب تعبيرات اليهود (الجويم) ـ تستمر بطرح أساليبها وشعاراتها المضللة في عكس الحقائق، مسخرة لذلك أقوى الأجهزة الاعلامية المتاحة حديثاً، ومنها عالم تكنولوجيا الاتصالات والقنوات الفضائية والإنترنت ثم تقوم بكرار مشروعاتها وبرامجها الاعلامية المنافقة الموبوءة وتكرره وتكرره بلا كلل ولا ملل، وتنفق لأجل ذلك المليارات من النقود في كل باب باطل وشرير ولا تبالي، لأجل تحقيق اهدافها وعقائدها، وذلك حتى يقتنع العامة بما يطرحون فتنقلب تصوراتهم، فيصدقون الكذبة الخونة أولياء الشياطين، ويذمون أصحابهم وأصدقاءهم ويعادونهم وينقلبون عليهم، فيعملون مع الزمن على تكنيس الأمناء واحد تلو الآخر، حتى لم يكد يبق في نظر الناس منهم أحد، فإذا انقلبت عامة تصورات الناس بما يريده دعاة هذه الفتنة ومروجوها، يخرج المسيح الدجال، وانظر الى اسمه فقد اشتق من الدجل ولكن مع صيغة المبالغة، وهذا يكون دوماً في النفاق وفي المنافقين

عدنان الصوص

أعيد النشر في ٢٢/٧/٢٠٢٢

 

Scroll to Top