توقع نجاح مشروع الناتو العربي بإذن الله

يعترض الكثيرون على فكرة إنشاء الناتو العربي التي صرّح حولها الملك عبد الله بعد جولات الأمير محمد ابن سلمان في المنطقة، حيث ربطها بالبعض بفشل كثير من التحالفات العربية عبر التاريخ في القرن الماضي، بدءاً من التحالف في حرب فلسطين وانتهاءً بالتحالف في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، لكن السؤال يبقى قائماً: هل العالم العربي في حالة جديدة تجعل النتائج مختلفة؟ أم أنه لا يزال على حالته بحيث يصح توقع نفس النتائج السابقة؟ وفي هذه الحالة، ما هو البديل لمواجهة الخطر الإيراني؟

التشكيك

ومن أبرز أمثلة التشكيك بفكرة الناتو العربي هو هذا الفيديو كأحد الأمثلة، من الواضح أن أغلب التحليلات في هذا الفيديو هي خرابيط بشكل واضح لأي مطلع، فمثلاً يقول بأن التحالف العربي في اليمن أدى لظهور دولة للحوثيين! وهذا غلط فاضح، لأن الحوثيين قد وقع انقلابهم على السلطة الانتقالية في اليمن قبل ذلك، وقد جاء هذا التحالف رداً على انقلابهم، إلا أنه يصح القول بأن هذا التحالف لم ينجح بقوة في هزيمة الحوثيين حتى الآن.

لكن السؤال المهم هو هل سينجح العمل العربي المشترك بالفعل في هذه المرة أم سوف يفشل كالعادة؟

ما سبب فشل التعاون العربي عموماً في القرن العشرين؟ هل هي ظاهرة أبدية متأصلة في طبيعة العرب؟ أم ناتجة عن عدم الوصول إلى نضوج النهوض العربي والظروف الإقليمية والعالمية بشكل كافي؟ وخاصة لأن الظروف العربية والدولية الراهنة قد اختلفت بشكل كبير عما كانت عليه إلى ما قبل عشرين عاماً، فقد ظهر لاعبون عرب جدد على الساحة الدولية مثل الإمارات والسعودية ومؤخراً مصر قد عادت إلى قوتها الإقليمية، حتى أنهم قد تمكنوا مؤخراً من إلحاق هزيمة نكراء بالمشروع التركي الرامي لإعادة الوصاية العثمانية على العالم العربي.

تحليل حسب مراحل التاريخ

هنا يحضرنا التقسيم التاريخي الثلاثي الذي يقسم المراحل التاريخية عادة إلى ثلاثة، المبكر والمتوسط المتأخر، إذ يمكن القول بأن العالم العربي كان حتى القرن التاسع عشر يعيش مرحلة من التخلف لا يختلف عليها اثنين، ثم عاش مرحلة من النهوض في القرن العشرين، وهي مرحلة تختلف الآراء حولها بشدة، حيث كان من الواضح أنها مرحلة نهوض متعثرة يشوبها الكثير من النقص، وهي ما يصح القول عنها بأنها مرحلة نهوض مبكرة، وأحياناً يتلوا المرحلة المبكرة مرحلة متأخرة قصيرة تشبه المرحلة التي قبلها، حيث يمكن اعتبار نهايات القرن العشرين بأنها مرحلة استبداد وتخلف متأخرة جاءت لفترة قصيرة من التاريخ بعد فترة النهوض المبكر، وهنا بعد ذلك تأتي مرحلة النهوض الحقيقة الناجحة، وذلك حسب ما تدل عليه مؤشرات مراحل العصور التاريخية عادة.

السؤال الأزلي أين مشروع العرب؟

لقد كانت معظم حروب العرب تأتي بنتائج عكسية في فترة القرن العشرين، إما لأنهم بعضهم عملاء، أو مخترقين بالعملاء، أو لأن مشاريعهم نفسها كانت ضعيفة وفاشلة أصلاً، فلو طرحنا السؤال بالعكس، فلو لم يتم مثلاً حتى الآن طرح فكرة الناتو العربي، عندها سنظل نقول ونتساءل كما بقي الكثيرون يتساءلون: أين العرب؟ وأين تحرك العرب؟ وأين مشروع العرب؟ الخ

حسناً، إليك إذن مشروع الناتو العربي الجديد! ولكن لماذا هو لا يعجبك؟ حسناً! ما هو شكل المشروع العربي المطلوب لينال إعجابك؟ وهل لو بقي العرب هادئين تجاه إيران فسوف تتوقف عن أذاها وتنفذي مشروعها من تلقاء نفسها؟

على العكس من ذلك، فهي تهاجم العرب لأنها تعتقد أنهم ضعفاء وليس لأنها تدافع عن نفسها ضدهم، وإذا قام العرب من نومهم وبدأوا بالفعل بالتصدي لإيران، فهل يجب بشكل قطعي، في هذه الحالة، أن يكون النصر حليفنا؟ أم هو القيام بما يجب القيام به والنتائج بيد الله؟ هل البقاء في موقف المتفرج على ما يحصل هو موقف أفضل؟ ما التصرف الصحيح بخصوص مواجهة مشروع ايران هو مواجهته؟ فإذا اتفقنا مثلاً بأن الخيار الاستراتيجي تجاه اسرائيل هو السلام بعد عقود من المواجهة، فهل اتفق القادة العرب أن الخيار تجاه إيران هو السلام أم المواجهة؟

الظروف الدولية الجديدة

هناك أسباب كثيرة تدعو للاعتقاد بأن من الممكن لهذا التحالف أن ينجح، لأن، بعد التوكل على الله، نجد الظروف كلها قد أصبحت أفضل، إن لناحية موقف أمريكا الذي قد صار أضعف بسبب غلاء النفط وانشغالها بالصين وروسيا، وإن لناحية موقف إسرائيل التي أيضاً صارت أضعف منذ زمن بسبب تفككها الشعب وضعف حكومتها الهشة والتي سقطت مؤخراً. وهكذا نجد أن السعودية ومصر والإمارات أصبحوا في موقف أقوى بكثير من أي دول عربية سابقة وخاصةً أيضاً بسبب الطفرة الاقتصادية والعسكرية غير المسبوقة مؤخراً.

وبقي أن نقول بأن أهم أسباب فشل تحالفات العربية السابقة كان يعود الى الاختلافات الفكرية العميقة بين يسار ويمين، ولكن هذه المرة توجد العديد من الدول العربية تمتلك تفكيراً ورؤية مشتركة، وهذا واضح بأنه يشكل فرقاً شاسعاً عن حالة الأمة العربية المنقسمة في القرن الماضي.

زاهر طلب

Scroll to Top