من فوائد الربيع العربي أنه كشف عن حقيقة الكثير من الدول والأحزاب والطوائف والشخصيات، والتي كانت تمارس الخداع والتضليل بادعاء البطولة والتزام الحق ونصرة المظلوم ودعم التحرر.
فجاء الربيع العربي فعري حقيقة مبادئهم الفاسدة ومواقفهم الخيانية ومصالحهم السيئة، فقد كشف الربيع العربي للكثير من الناس حقيقة النظام الإيراني الإنتهازي وحقيقة التشيع وطائفيته البغيضة وحقيقة خداع وتلاعب حسن نصر الله وحزبه بقضية المقاومة والممانعة وحقيقة تبعية كل التجمعات الشيعية للسياسة الإيرانية الفارسية والمصالح الشيعية الطائفية ولو على حساب الإسلام والمسلمين ولو على حساب دماء الألاف من المستضعفين في كل مكان.
وممن عرى الربيع العربي خيانتهم وخدرهم وخذلانهم روسيا والصين وحلفائها واعوانها من اليساريين والشيوعيين، فقد صُدم الناس باستماتة الروس والصين في الدفاع عن نظام الأسد المجرم ومن قبله القذافي، كما صُدم الناس من تصاعد هذا الدفاع عن نظام بشار كلما أوغل في دماء شعبه، حتى وصل بالروس الحال لإرسال قوات لمكافحة الإرهاب ضد بشار !!
وكانت صدمة الأمة في اليساريين والشيوعيين العرب لا تقل عن صدمتهم في أربابهم الروس، فلم يستح هؤلاء الذين يتشدقون بدعاوى الحرية والثورة عن الإستهزاء بدماء الأبرياء في سوريا، ولم يخجل هؤلاء من إعلان ولائهم وتأييدهم المطلق للجزار بشار، فرأينا مواكب الحجيج منهم لا تنقطع عن زيارة مجرمهم بشار.
هذه الصدمة بحقيقة عداء الروس والصين واليساريين والشيوعيين ولو كانوا عربا للأمة لها عدة أسباب، هي :
* أن ذاكرة أمتنا ضعيفة، وعنايتنا بدراسة التاريخ قليلة، ولذلك يجهل الكثيرين المآسي التي تعرضت لها أمتنا ولا تزال من قبلهم.
* قوة مكر هذه العصابة في التزوير والخداع، فهم أفضل من طبق بروتكولات صهيون، وأثر هذا واضح في سيطرتهم على وسائل الإعلام والتعليم والتي أخرجت لنا بتعبير نجيب محفوظ عن ثورة عبد الناصر” إن الثورة لم تقدم للشعب تعليما مجانياً بل تجهيل باهظ المصروفات”.
* سذاجة كثير من التيارات الإسلامية في التعامل مع اليساريين والشيوعيين، فبدعوى محاربة إسرائيل وأمريكا انفتحوا وتحالفوا مع الروس وأذنابهم، فلما مست مصالح الشيوعيين بثورة الشعوب على المجرمين من طراز القذافي وبشار انحازوا للمجرمين، وأصبح حلفائهم من الإسلاميين خونة ومجرمين وظلاميين ومفسدين في مقابل بشار المصلح والطيب والمخلص !!
ولبيان حقيقة جرائم الروس المتواصلة بحق أمتنا، برغم تقلب الأنظمة في روسيا ما بين قيصرية وشيوعية ماركسية أو نسخة مقلدة من ديمقراطية الغرب تنحصر فيها الزعامة بقادة المخابرات الشيوعية (KGB) في مسرحية هزلية، تشبه هزلية دستور بشار الجديد الذي مدد له الحكم حتى سنة 2028 !!
فمنذ العهد القيصري وروسيا تعادى المسلمين، فاستولت روسيا على العديد من المناطق الإسلامية والتي عرفت عقب سقوط الاتحاد السوفيتي باسم الجمهوريات الإسلامية في روسيا، وقد تعرض المسلمون تحت حكم القياصرة لمذابح بشعة ” في عهد إيفان الثالث (885هـ – 1480م) الذي نكَّل بالمسلمين، وقاد حملة كبيرة أخرج فيها المسلمين التتار من موسكو بعد أن دامت في أيديهم قرابة 240 عامًا، ثم جاء عهد فاسيلي الثالث ابن إيفان الثالث، فطلب منه البابا أن يعجِّل بطَرْد المسلمين إلى سيبريا وتشتيتهم واعدًا إيَّاه بملكوت السماء بالقسطنطينيَّة التي فتحها محمد الفاتح العثماني عام 857هـ، لكنَّ أخطر هؤلاء القياصرة كان إيفان الرابع أو “الرهيب” كما أَطْلَق عليه المسلمون هذا الاسم؛ وذلك بسبب حرب الإبادة الشاملة التي شنَّها ضدَّهم؛ فقد فرض عليهم أن يتنصروا أو يتركوا أوطانهم ويُهاجروا مثلما فعل الأسبان بمسلمي الأندلس “[1].
وفي زمن الدولة العثمانية شنت روسيا عليها عدة حروب، كما أنها كانت تعارض قيام الدولة العثمانية بإصلاح أحوال الجيش العثماني وتطويره، وذلك حتى تبقى الدولة العثمانية ضعيفة لا تقوى على صد مطامع روسيا فيها.
وبعد مجىء الثورة الشيوعية سنة 1917م استبشر المسلمون بها خيراً للتخلص من طغيان القياصرة، خصوصاً وأن قادة الثورة نادوا بالحرية والكرامة للجميع ورفعوا شعار ” يا مسلمي العالم اتحدوا “، ولكن النتيجة كانت تعرض المسلمين لمجازر رهيبة فاقت ما قام به القياصرة، ولا بد لكل باحث عن الحقيقة من مطالعة كتاب “قتلوا من المسلمين مئات الملايين”[2] للأستاذ محمود عبدالرؤوف القاسم لنعرف مدى بشاعة ما قام به الروس في المسلمين، ورفع الشعارات البراقة لخداع المسلمين تعلمه من الروس الخميني وحسن نصر الله فخدعوا الملايين من المسلمين لكن تحالفهم خلف المجرم بشار فضحهم في زمن الفيس بوك !!
ولم يتوقف الروس عن تنفيذ جرائم الإبادة بحق المسلمين منذ قيام ثورة 1917م بل أصبحت سياسة معتمدة في روسيا وما تستولى عليه من دول بشكل مباشر أو عبر وكلائها، ولم يختلف هذا الإجرام بحق المسلمين بكون البلد في أسيا كالصين وبورما أو في أوروبا كيوغسلافيا أو بلغاريا أو أفريقيا كأثيوبيا، وهذا أيضاً ينطبق على الدول العربية والإسلامية التي وقعت في قبضة الدب الروسي وأذنابه فنظام جمال عبد الناصر في مصر أو نظام عدن الشيوعي أو القذافي أو اندونيسيا في مرحلة الإنقلاب الشيوعي أو نظام باربك كارمل في أفغانستان.
وفي هذا السياق تأتى مجزرة سجن تدمر ومدينة حماة التي قام بها حافظ الأسد تجاه الشعب السوري المسلم، والتي يواصل (شبله) درب أبيه في الوحشية.
أما فلسطين فقد كانت روسيا هي الأم الحنون والأب الرؤوم لقيام إسرائيل، فلولا الجنود الروس والهجرات الروسية المتواصلة لما بقيت إسرائيل !! ولولا دفاع الروس المستميت سنة 1947م في الأمم المتحدة عن شرعية قيام إسرائيل وإعتراف الروس بإسرائيل لما قامت دولتهم[3].
أما في الحقبة القريبة فإن جرائم الروس بحق المسلمين في أفغانستان فهي معلومة للجميع، وأما جريمتها المستمرة في الشيشان فإنها لو وجدت من الإعلام اهتمام لهزت ضمير كل شريف لهول ما فيها من فضائع وأهوال، ولغطت على كثير من المصائب التي عرفناها.
وفي البوسنة وكوسوفا هل كان الروس إلا حماة الغاصبين الصرب !! وهل كانوا إلا حجر عثرة لحماية المجرمين كحالهم اليوم في سوريا.
إن جرائم الروس بحق المسلمين كتاب أسود لا حد لصفحاته ولا وصف لبشاعته، ولكنه بالتزويق والخداع والسذاجة تم تغطيته وابعاده عن انظار المسلمين، لكن الثورة السورية كشفت عن صفحاته من جديد، وذلك حتى نبدأ بداية جديدة نعرف فيها عدونا من صديقنا، فهل نفعل ؟؟