تنبع أهمية هذا الموضوع في زمن الثورات العربية من ظهور حقيقة الخطر القادم من محور الشرق والدول الشيوعية سابقا، يظهر بجلاء أن خطرها في دعم حلفائهم النظام الليبي القذافي الاشتراكي المجرم والنظام البعثي الاشتراكي السوري المجرم بشكل أكبر من دعم الدول الغربية وأمريكا لأنظمة حلفيتها في تونس ومصر، وكل هذا يعني أن خطر المحور الشرقي الشيوعي والإيراني الطائفي أكبر بكثير من خطر المحور الغربي الرأسمالي الديمقراطي المسيحي.
وهذا الكتاب يشرح بطريقة علمية تأصيلية كيف أن الخطر الاشتراكي الشرقي أكبر من الخطر الغربي الرأسمالي، وقد تم نشره قبل الثورات العربية بعدة سنوات.
كتاب المنابر الإعلامية بين تجاهل الخطر الاشتراكي وظاهرة معاداة أمريكا
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من دواعي السرور أن نجد من يكتب للدفاع عن الإسلام والمسلمين, وتزيد الغبطة إذا كان الكاتب ممن يدرك بُعد المسألة ومضامينها ليكون الاستنتاج سليما, ووصوله إلى الحكم الصحيح اقرب ممن ليس كذلك.
ومن المسائل الحساسة في هذا الزمان مسألة تصوير: أين العِداء والإفساد والإجرام ضد البشرية عموماً, وضد الإسلام خصوصاً, هل هو في الرأسمالية (النصارى أهل الكتاب), أم هو في الإلحاديـة (الشيوعية الثورية اليهودية) أكثر؟ وقد تباينت الرؤى والأحكام, لتباين التصورات, ولاختلاف المعطيات عند كل طرف.
والغريب انك تجد أكثر الكتاب ومن ينتسبون إلى التحليل السياسي وفهم الواقع, يزعمون أن راس الشر هي الرأسمالي ( أمريكا ), وأنها-أي أمريكا- تزج بالمسلمين إلى الساحة لمواجهة الشيوعية، ومن ثم تتحكم وتسيطر على الأمة.
وإن هذا لعجب، فأين نظر هؤلاء وفقههم عن احتلال الشيوعية – على اختلاف في التسمية – أكثر أرض المسلمين عرباً وعجماً، فإن كان هذا هو فقه الواقع فان المنحى سيكون بعيدا وغير بصير.
ونحن نرى عكس ما يرى أمثال هؤلاء، مع اعتبارنا الخطر الغربي، ولكن شتان بين الخطرين.
وبين يديّ ورقات طيبات، بين فيها صاحبنا أبو أيمن – حفظه الله تعالى- أين يكمن الخطر الأعظم والشر الأكبر، وذلك ضمن مقاييس علمية متفق عليها لا أقول عند أهل الإسلام، بل عند الناس عامة.
وكانت نتيجة بحثه – حفظه الله تعالى- انه لا مقارنة أصلاً بين الخطر الأحمر ( الشيوعي ) والخطر الأصفر ( الرأسمالي ) وهو كذلك.
ولا يسعني – وأنا أقرظ لأخينا- إلا أن أدعو الله تعالى أن يبصرنا جميعاً في تنزيل الأحكام على الواقع، وأن يوفق أخانا – عدنان الصوص- للمزيد من كشف عوار الفقه الغثائي، علّنا وإياه نكون بذلك سبباً لنجاة تلحق المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سمير مراد
***
تمهيد
لم يكن الإنسان وحده في هذه الأرض من يحرص على أن تكون جميع أقواله وأفعاله ومجمل تصرفاته تصب في مصلحته. فكل ما خلق الله تعالى في أرضنا هذه مفطور على ما يصلح حياته سواء في جلب منفعة أو درء مفسدة، حتى أننا نجد ذلك قائماً في أنواع الطيور والبهائم، قال تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى(50) ) . وأعتقد أن هذا الأمر لا يختلف فيه العقلاء، وأنه الأصل في فطر الأشياء، وان الخروج عن هذا الأصل عند الإنسان – أي عدم التوصل إلى المصلحة المرجوّة من هذا الفعل أو ذاك القول (التصرف) – يعود سببه إلى ضعف نسبي في معرفة ما سينتج عن هذا القول أو ذاك الفعل، ويرجع ذلك الضعف إلى عدة أسباب:
1- ضعف العقل أو غيابه بالكلية.
2- الجهل: وهو على أنواع:
* جهل في حقائق الشريعة وأحكامها ذات العلاقة بالقضية.
* جهل في واقع القضية.
* جهل يجمع ما بين الجهلين السابقين وهو الأكثر إفسادا ًفي مصالح العباد.
3- القصد الفاسد مع توفر العلم:
* وقد يكون سببه هوىً متبعاً أو إكراهاً أو عمالةً لعدوّ أو بسبب حالة ذهول لم يعتبر خلالها بمن سبق أو اختراق جاسوسي.
4- التأويل الفاسد، كتأويلات الخوارج والمرجئة والرافضة.
يقصد بـ” المنابر الإعلامية “
كل وسائل الاتصال بالجماهير المسموعة والمرئية والمكتوبة سواءً كانت وسائل إعلامية إسلامية أم غير إسلامية، وسوف نركز على مناقشة المنابر الإعلامية الإسلامية ومعاداتها لأمريكا أكثر من غيرها لأنها:-
1- تخاطب مجتمعاً إسلاميا يثق بمقولاتها وأفعالها.
2- تنطلق بدعوتها بإخلاص.
3- مجاهدة بدعوتها إلى درجة استخدام السلاح لتحقيق أهدافها.
4- تعصم دماء المسلمين وأموالهم إن هي أحسنت، وتشتت شملهم وتفرق جمعهم وتوهن قوتهم إن هي أخطأت.
5- تحبب غير المسلمين وتقربهم من الإسلام إن هي أصابت وعَدَلَت، وتنفرهم وتبعدهم عن الإسلام إن هي أخطأت وظلمت.
6- بصوابها تكون سبباً في صلاح الدنيا والآخرة، وبفساد أعمالها تكون سبباً في فساد الدنيا والآخرة – كما هو حاصل الآن إلا ما رحم الله تعالى-.
يقصد بـ “تجاهل الخطر الاشتراكي”
قال الكثيرون بزوال الخطر الاشتراكي أو تجاهلوه بحجة انتهاء الشيوعية محليا ودوليا وعالميا بعد تبني سياسة إعادة البناء ( البيروسترويكا ) في الاتحاد السوفيتي السابق، والفصل الأول من هذه الرسالة، يلقي الضوء على حقيقة ما يجري الآن في روسيا الاتحادية، فليراجع للأهمية الكبرى.
ونذكّر كذلك بان الكلمات التالية: ( ماركسية، شيوعية، اشتراكية، بعثية، ناصرية، وغالبا قومية عربية، تحريرية … )، ويجمعها كلمة ( يسارية )، تدل جميعا على حقيقة واحدة في مراحل مختلفة وحسب ما يستوجبه الظرف في مسيرة الماركسية.
ويعرف اليسار بـأنه ” تعبير مطاط لأنه يتغير بتغير المرحلة التاريخية، وتغير أهدافه تبعا لكل مرحلة، فمن الممكن القول بأن اليسار هو المعارضة لتغيير الوضع القائم ” .
ويقول الدكتور وليد عبد الناصر: ” فاليسار من وجهة نظرنا ليس هو الماركسية اللينينية، واختزاله فيها يضيق من افقه ونطاقه ” .
وبعد أن عدد الأسماء المختلفة للاشتراكية، قال الشيخ عبد العزيز البدري : ” وهذه كلها في الحقيقة واحدة من حيث الأسس والقواعد، وإن اختلفوا في الجزئيات وتباينوا في طرق التنفيذ وفي تعدد أوصاف أسمائها ” .
أما المعنى الدقيق للشيوعية أو الماركسية ( اليسار ) فهو:” التطبيق العملي لأسطورة الشعب المختار”. أي أنها السبيل الأمثل لتحقيق العقيدة اليهودية (اليهود شعب الله المختار، الأرض ملك لهم، البشر جميعا عبيد وسخرة لخدمتهم). والأدلة على هذا أكثر مما يتصور البعض، وقد كًتب فيها العديد من الكتب والرسائل والأبحاث، ومنها كتب اعترف فيها رؤساء سابقين لحكومات إسرائيلية بهذه الحقيقة، ليس هذا موضعه.
يقصد بـ “ظاهرة معاداة أمريكا”
من المعلوم أن معاداة أمريكا خرجت عن بعض الصيحات هنا أوهناك إلى أن ترددت أصداء أصواتها في كل مكان و زمان، والحكم هنا على الغالب. ومن الجدير بالذكر أن ظاهرة معاداة أمريكا قد تضاعفت أضعافاً كثيرة بعد أن أطلّت سياسة إعادة البناء (البيروسترويكا) الشيوعية اليهودية برأسها على العالم، فأصابت منه ما أصابت لتحقيق غاياتها وأهدافها المستقبلية للسيطرة على العالم كله متى حان الوقت، تحقيقاً لعقائد الصهيونية اليهودية في توراتها “الأرض ملك لهم وهم شعب الله المختار والبشر حيوانات وبهائم خلقوا لأجل خدمتهم”.
وعليه، ولأهمية البدء بمناقشة مقولة ( ماتت أو انتهت الشيوعية) ومدى بعدها أو قربها من الواقع، فقد خصصت الفصل الأول من هذه الرسالة، لبيان حقيقة تلك المقولة، في حين تناول الفصل الثاني جوهر البحث، وأخيرا خَصّصتُ الفصل الثالث للنتائج والتوصيات.
مؤلف الكتاب: عدنان الصوص
سيتم إن شاء الله نشر موضوعات الكتاب على حلقات.