الخطر اليهودي والخطر الغربي عبارتان كثيرا منا نسمع بهما في وسائل الإعلام، لكن الخطر الغربي والأمريكي نسمع به أكثر بأضعاف مضاعفة في معظم وسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة كمثال، فهل هذا يعني تلقائيا أن الخطر الغربي أشد من الخطر اليهودي؟ دعونا ندخل في صلب الموضوع لنرى ولنقارن. إن كتاب الله تعالى قد ذكر لنا عن اليهود والنصارى، فنجد أنه قد ذكر أهل الكتاب (يهود ونصارى) في (99) آية، وذكر النصارى والنصرانية في (60) آية، بينما اختص ذكر اليهود من بين الأمم والديانات بـ (278) آية([1]).
يتبين لنا من خلال تحليل ذلك ما يلي:
1- هناك صفات ذميمة مشتركة بين اليهود والنصارى، مثل معاندتهم، وجرأتهم على الله، وغرورهم، وأمانيهم، وعدم رضاهم عمّن لم يتبع ملتهم وشركهم.
2- لم نلاحظ وجود صفة ذميمة خاصة بالنصارى دون اليهود.
3- نلاحظ وجود العديد من الصفات الخاصة باليهود، مجرمة في حق الله تعالى والأنبياء والملائكة والمؤمنين، مثل:
· تحريف كلام الله.
· قتلهم الأنبياء.
· عداوتهم لله تعالى والملائكة وشدتها على المؤمنين.
· شدة حرصهم على الحياة.
· إفسادهم في الأرض مرتين.
· بغيهم، حيث أدى ذلك بهم إلى تحريم بعض ما أحل لهم.
هذا عن الصفات الذميمة التي اختص بها اليهود، أما عن الصفات الحسنة، فلم يتصف اليهود بأية صفة حسنة، بينما ذكرت صفة حسنة للنصارى في قوله تعالى: )لَتجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَداوةً للذينَ آمَنواْ اليَهودَ والَّذينَ أشْركُواْ وَلَتجدنَّ أقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِلَّذينَ ءَامَنواْ الَّذينَ قَالواْ إنَّا نَصارى ذَلِكَ بأنَّ مِنهُم قِسّيسنَ وَرُهْبَاناً وَأنَّهُم لاَ يَستَكبِرونَ * وإذا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرى أعْيُنُهُم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ مِمَّا عَرَفواْ مِنَ الحَقِّ يَقولُونَ رَبَّنا ءَامَنَّا فاكْتُبنا مَعَ الشَّاهِدينَ( [المائدة: 82-83].
وقد يقول قائل: فما القول إذن بما نرى من اعتداء النصارى علينا في كل مكان، وكيف توفق بين ما نراه وما تفسر به الآية الكريمة: ( وَلَتجدنَّ أقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِلَّذينَ ءَامَنواْ الَّذينَ قَالواْ إنَّا نَصارى.. )؟
قلت:
1- لا بد من التسليم لظاهر الآية، على أن النصارى هم الأقرب مودة للذين آمنوا، وهذا لا يعني المودة المطلقة. فالآية أخرجتهم من صفة العداء للذين آمنوا.
2- لا بد من تحقق التهمة في حق النصارى، لإمكانية التزوير في الواقع واتهام النصارى من قبل جهات معلومة، تهدف إلى تغذية الصراع بين المسلمين والنصارى، تماماً كما يحصل بالنسبة للإسلام، حيث تقوم جهات مشبوهة بأعمال استفزازية تعمل باسم الإسلام ضد النصارى مثل إحراق كنائسهم، وقتل أطفالهم ونسائهم، كما هو حاصل على يد القاعدة والشيعة وبعض الشيوعيين المتخفين بالإسلام خاصة لتشويه صورة الإسلام عند الغرب ليصدوا الناس عن الدخول فيه.
3- إذا تبين لنا أن الفعل صادر عن النصارى حقيقة، وليس عن يهود أو يساريين يفسدون في العالم الإسلامي باسمهم، ففي هذه الحالة يوجد عدة احتمالات:
· أنهم قاموا بفعلتهم ضد الإسلام والمسلمين بإرادة مسبقة وقصد، بسبب أطماع دنيوية، وهذا جائز الحدوث كالاستعمار وحروب الفرنجة، أو دفاعاً عن عقيدتهم حين دعوتهم إلى الإسلام فيختارون القتال دون الإسلام أو دفع الجزية.
· أو أنهم قد تأثروا بتزوير الواقع الناشئ عن برمجة مقصودة، فاعتبروا أن الإسلام يسعى إلى اجتثاث جذورهم من الأرض حين قام الدخلاء على الإسلام بتلك الجرائم البشعة ضد النصارى بأحدث ما توصل إليه علم الجاسوسية وفن الكذب، وخاصة الشيوعيون واليساريين الثوريين منهم. أو أنهم يقومون بضرب فئات معلومة تعمل باسم الإسلام([2])، وهم ليسوا منه بل دخلاء عليه، وأشد ضرراً على الإسلام من هذا النوع من النصارى، أو يعتدون على من اعتدى عليهم من المسلمين، فيظن بعض المسلمين أنهم يقصدون ضرب الإسلام عقيدة، علماً أنهم في بلادهم يسمحون للدعوة الإسلاميــة بالانتشار وأن يدخل نصارى بلادهم في الإسلام بدون أي حرج.
إذن هناك فارق كبير بين عداوة التعاليم اليهودية للديانات السماوية وغير السماوية، وبين الظاهر من عداوة النصارى لتلك الديانات، فنرى أن الدين اليهودي واليهودي يحملان الحقد على الناس جميعاً مسلمين ونصارى وغيره تديناً وعقيدةً مما حرّفوا وبدّلوا في هذا الجانب، بينما لم تكن هذه الصفة ظاهرة في النصارى، بل على العكس من ذلك فإن العهد الجديد (الإنجيل) يأمرهم بعكس ذلك.
بالنظر إلى الجدول السابق يتضح لنا كذلك أن عدد الآيات القرآنية التي حدثتنا عن موضوعات خاصة باليهود (278) آية، مقابل (60) آية تحدثت عن موضوعات خاصة بالنصارى، وهناك آيات كثيرة مشتركة بين اليهود والنصارى حدثتنا عن أهل الكتاب غير هذه الآيات المذكورة في الجدول.
إن زيادة تكرار الآيات الخاصة بذكر بني إسرائيل أكثر من أربعة أضعاف ونصف الضعف عن الآيات الخاصة بالنصارى له دلالة واضحة على اهتمام الشريعة الإسلامية بالتحذير من اليهود والتركيز على فضحهم لما اختصوا به من صفات ذميمة دون النصارى كما مر قبل صفحات.
ويعجب المرء حين يعلم أن هذا القرآن الكريم اختص بفضح اليهود بهذه الصفات، وكرر في حقهم هذه الآيات، علماً أن الله تعالى يعلم أن عدد النصارى سيبلغ في المستقبل أكثر من مائة ضعف عن عدد اليهود. فلو كان العدد له اعتبار في تكرار الآيات، لاحتجنا على (27800) آية بدلاً من (60) آية في حق النصارى. أما بالنسبة لليهود، فلو اعتبرنا أن ألـ (60) آية الواردة في حق النصارى تتناسب مع عددهم، فإننا سنحتاج إلى (0.6) آية فقط تتحدث عن اليهود لانخفاض عددهم مقارنة مع عدد النصارى. وعليه تؤكد لنا هذه الآيات الكثيرة، على مدى خطورة اليهود على العالم مع قلة عددهم فهم جذر الداء، فهل من مدَّكر؟
ومما يدلنا كذلك على مدى خطر اليهود مقارنة بالنصارى، هو ذكرهم في أم الكتاب بالمغضوب عليهم، وأما النصارى بالضالين والفارق بينهما كبير جداً، إذ أن اليهود استحقوا الغضب لأنهم علموا الحق وجحدوه، بينما النصارى قد ضلّوا الحق مع إرادتهم له. ولذلك فإن كل مقلِّل أو مهمِّش لخطر اليهود العالمي على حساب تضخيم خطر النصارى، إنما هو مغذٍ لصراع الحضارات ومخالف للقرآن وللتاريخ، وللواقع حاضراً. وهذا ما نشاهده ونسمع به مع الأسف في كصير من وسائل الإعلام، وهذا أيضا مما سعى إليه حزب التحرير والشيعة، والشيوعيون.
فالحقيقة إذن أن اليهود وراء كل جريمة، إمّا تخطيطاً وتنفيذاً، وإما تخطيطاً وتوريطاً لغيرهم بالدعاية والأكاذيب، فهم المحرفون قصداً للديانات ماضياً، وهم المحرفون للواقع حاضراً، وهم قتلة الأنبياء قديماً، وهم قتلة دعاة الحق اليوم، وهم وراء إشعال الحروب والفتن قديماً وحديثاً، قال الله تعالى عنهم: )كُلَّما أوقَدوا ناراً للحربِ أطْفأها اللهُ وَيَسعَونَ في الأرضِ فَساداً واللهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ( [المائدة:64].
وأما خطرهم هذا الزمان فيتمثل في تطبيق وكلائهم الشيوعيين لبروتوكولات حكماء صهيون الذي اشتهر بالاسم الآخر (الإنجيل البلشفي). ويجب أن لا يفهم من قولنا: إن اليهود وراء كل جريمة، إلغاء الأدوار الأخرى، أو أنهم يحققون كل ما يصبون إليه، فكثير من مخططاتهم فضح الله أمرها قبل تحقيقها، فهم بشر يصيبون ويخطئون، وخطؤهم أكثر من صوابهم، ولكن بجهلنا علوا علينا. ولما كان ذكر الخطر اليهودي يحتاج إلى دراسة معمّقة في القرآن والتوراة والتلمود والبروتوكولات، ويحتاج كذلك لتتبع الأذرع اليهودية الممتدة في العالم، فإن هذا الموضع يضيق بمثل هذا البحث الكبير الخطير.
ولكن لمن أراد الاطلاع والبحث فليقرأ بعضاً مما كتب في موضوع الخطر اليهودي أمثال كتاب: ((خطر اليهودية))، وكتاب: ((الصهيونية في المجال الدولي))، وكتاب: ((أسرار المؤامرة الصهيونية))، وكتاب: ((احذروا اليهودية))، وكتاب: ((الشيوعية منشئاً ومسلكاً))، وكتاب: ((الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام))، وكتاب: ((رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر))، وكتاب: ((الفكر الصهيوني المعاصر))، وكتاب: ((التحدي الصهيوني))، وكتاب: ((اليهودية))، وكتاب: ((جذور البلاء))، وكتاب: ((موسكو وإسرائيل))، وكتاب: ((سقوط الجولان))، وكتاب: ((من ملفات الجولان))، و((سلسلة أبناء يهوذا في الخفاء))، وكتاب: ((حكومة العالم الخفية)). وعلى رأس هذه الكتب ((بروتوكولات حكماء صهيون))، ((وتوراتهم)).
فهل في التقليل من خطر اليهود مصلحة للإسلام وللإنسانية؟ أم أن فيه تخديراً للمسلمين ليسهل على اليهود تحقيق نبوءات توراتهم الفاسدة؟
إن كل متستر على أخطار اليهودية والتقليل من شأنها على الرغم أن الله تعالى ذكر فيهم قوله: (وَقَضَينا إلى بَني إسْرائيلَ في الكِتابِ لَتُفسِدُنَّ في الأرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعلُنَّ عُلواً كَبيرا ) [الإسراء:4]. وقوله تعالى: (وَقالَتِ اليَهودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلولَةٌ غُلَّتْ أيديهِمْ وَلُعِنوا بما قَالواْ بَل يَداهُ مَبسوطَتانِ يُنفِقُ كَيفَ يَشاءُ وَلَيَزيدَنَّ كَثيراً مِنهُم مَّا أُنزِلَ إلَيكَ مِن رَّبّكَ طُغياناً وكُفْراً وَألقَينا بَينَهُمُ العَداوَةَ وَالبَغضَاءَ إلى يَومِ القِيامَةِ كُلَّما أوقَدوا ناراً للحربِ أطْفأها اللهُ وَيَسعَونَ في الأرضِ فَساداً واللهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ) [المائدة:64].
إن كل متستر على هذه الحقائق القرآنية بقصد أو بغير قصد، إنما يريد صرف الناس عن أخطر عدو خارجي يتهدد كيان الأمة الإسلامية، وبالتالي تقع الأمة الإسلامية فريسة ولقمة سائغة بيد عدوها.
عدنان الصوص