يدعي بعض (المخللين) بفتح الخاء، أن حصول انشقاق سياسي أو عسكري كبير يتعلق باتحاد المعارضة، وقد استضافت قناة الجزيرة في برنامج في العمق، اثنين من أمثال هؤلاء (المخللين)، وقد زعما أن حصول الانشقاقات الكبيرة داخل النظام، وأن الحصول على الدعم الغربي للثورة، كلها أمور لا يمكن أن تحصل بسبب خلافات المعارضة، وأنه يجب على المجلس الوطني أن (يتوحّد) مع هيئة التنسيق اللاوطينة (ربما يقصدون أنه يجب عليه أن يُصاب بمرض التوحّد)، كي تحصل الانشقاقات الكبيرة ويأتي الدعم الغربي.
لماذا لايمكن توحيد المعارضة السورية؟
الجواب أن النظام دائما يخترع معارضة كاذبة، هدفها دائما التشويش على المعارضة الحقيقية ومحاولة شق صفوفها إذا كانت مطالبها هي مطالب الشعب، والادعاء بأنه يجب الاتحاد على نقاط من شأنها إبقاء النظام في نهاية المطاف، مثل وثيقة غليون-مناع المشؤومة، وقد تحدث ثوار من حمص عن تسميات كثيرة ظهرت مع الثورة قالوا عنها: نحن لا نعرف هل هم ثوار حقيقيون أم وهميون صنعهم النظام من أجل اختراق الثورة.
أقول: فقط إذا كانت الخلافات هي بين الشعب (لا سمح الله)، عندها يمكن أن يكون هذا سببا في عدم حصول انشقاقات كبيرة ومانعا للدعم الغربي، ولكن الدعم الغربي والانشقاقات الكبرى لا تحصل الآن بسبب الخلافات بين المعارضة، وإنما بسبب إلقاء كل عناصر المحور الإسرائيلي-الإيراني بكل ثقلهم لدعم بقاء بشار لأنه (ملك إسرائيل)، أما الخلافات بين هيئة التنسيق والمجلس الوطني فهي أمر طبيعي، فمن المعروف عالميا أن المعارضة لا تتوحد في أي دولة، فكيف إذا كانت شروط هيئة التنسيق لهذا (التوحّد) هو عدم تنفيذ مطالب الشعب؟
وقد كتبت هيئة التنسيق نصاً تطعن في الثورة وتردد ذات الموقف الإيراني والإسرائيلي، حول الخشية من الأسلمة واتهام قيادة الثورة بالشعوبية والتطرف، وتعلن رفضها للمنطقة العازلة الإنسانية وتهاجم بشراسة الجيش الحر وتحمله المسؤولية، والغريب في الأمر هو أني لا أدري ما هي القوة التي تفرض فرضا وجود هذه الهيئة في (فنادق المعارضة) وهي التي ألقاها الشعب السوري في مزبلة التاريخ؟
فها هو مثلا سمير عيطة (العضو) في هذه الهيئة، يلمّح في صفحته على الفيسبوك إلى ما يمكن أن يكون حكومة تحت قيادة بشار المجرم إذا أوقفت الحل الأمني:
“تشيع السلطة في سوريا أنّها تريد (حلّاً سياسيّاً) للأزمة، وأنّ معارضين “شرفاء” سيأتون ويستلموا منصباً في حكومة توافقيّة تحت رئاسة بشّار الأسد. صحيحٌ أنّ خطاب الأسد الأخير يشير في نواحي عديدة إلى فشل “حلّه الأمني”، إذ اعترف أنّه لم يستطع أن ينتصر على الإرادة الشعبيّة وإن لم تستطع الانتفاضة حتّى الآن تحقيق التغيير.
(ولكنّ أيّ حلّ سياسي لا يمكن أن يأتي إلاّ إذا أوقف القتل والقمع،) وأطلق سراح المعتقلين، وسحب الجيش والأمن والشبيحة من المدن والقرى …ألخ ” انتهى.
الذي فهمته أنه عندما يوقف بشار القتل فهم مستعدون لحل سياسي!! وهو قد يكون مشاركة في حكومة بقيادة (سيادته)، إذ ما الذي يعنيه بـ “حل سياسي” إذا أوقف القتل؟ يكفي تلاعبا بالكلمات… والله إن الشعب قد يعرف هذه الأساليب أكثر من السياسيين المحترفين، وإذا كنتم أيضا تأملون أن تخدعوا الشعب مرة أخرى بعد الثورة فأنتم واهمون، فهو ليس شعبا غوغائيا، والمشكلة أنكم تتصرفون وكأنكم تعيشون في عالم آخر، ليتكم ترون الشعب ماذا يكتب عنكم في لافتاته، وهذا على فكرة نفس ما حصل مع بشار للأسف أيضا يحصل معكم.
من المؤكد أن السبب واضح جدا، وهو أن حضراتكم المحترمين تنتمون لنفس التيار الفكري اليساري الماركسي الذي ينتمي إليه نظام البعث الاشتراكي الأسدي.
وهناك أيضا اقتراح بحل سياسي على طريقة “النموذج اليمني”، بتنحي بشار واستلام نائبه فاروق الشرع، وتشكيل حكومة من هذه “المعارضة”، وتعديل الدستور، وهذا أيضا مرفوض لأنه حل ترقيعي لا يشمل إسقاط كل رموز النظام، ولا إسقاط الفرقة الرابعة، ولا إسقاط الأجهزة الأمنية، كما أن أهم شيء هو أنه لا يضمن تسليم السلطة للمعارضة الحقيقية الشريفة، بل هو مصمم ليضمن تسليمها للمعارضة التي اخترعها النظام ليضمن استمراره إذا تنحى بشار، لأن بقاء أجهزة الأمن يعني انتخابات مزوّرة، لأن من المستحيل على هذه المعارضة أن تفوز في انتخابات نزيهة.