منذ يومين نشرت صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد منشورا جاء فيه: “الدول، بأحلافها المختلفة، لن تقوم بالتدخل العسكري في سورية لأنّ صفحة الثورة قد تبنّت الموضوع صراحة، أو لأن المجلس الوطني نص عليه بوضوح، أو أرسل رسالة مباشرة إلى مجلس الأمن، فالدول ليس مخفر شرطة يستجيب لهاتف الطوارئ!
الدول والأحلاف عندما تقرر التدخل، لا تستشير السكان المحليين، ولو وقّع كل السوريين على عريضة يطلبون التدخل الدولي فلن يحصل إن لم تتوافق مصالح هذه الدول مع التدخل، والعكس! نعم، الثوار وممثليهم يذكرون الحماية الدولية من باب وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، ولكن ينبغي أن لا نعتقد أن الدول تغير رأيها إن زاد الإلحاح في الطلب أو أصبح أكثر صراحة، فالعلاقات الدولية ليست علاقة بين طفل وأبويه!”
ونشر مؤيد القبلاوي عضو المجلس الوطني السوري منشورا بعنوان “المجلس الوطني السوري بين أنياب الغرب وفك المعارضة السورية” جاء فيه:
“لو صعد د.برهان أو د.بسمة قضماني على جبال الهملايا أو على سطح الامم المتحدة أو على برج ايفيل وصرخو بأعلى اصواتهم الآن ، نريد منطقة عازلة ، نريد تدخل خارجي ، نريد سلاحاً …نريد …نريد ….لن يتحرك جندي أو طائرة غربية أو تركية أو عربية تجاه سورية .”
هذه الفكرة تظل تطل علينا من حين لآخر، إنها جدلية عقيمة تظل تتكرر وتتكرر، لأن البعض يظن أن المجلس بمجرد أن يطلب التدخل الدولي ستستجيب الدول الكبرى فورا، وكأن الأمر متوقف فقط على إشارة من المجلس، وآخرون يظنون أنه حتى لو ألحّ المجلس على المجتمع الدولي بالطلب فلا فائدة ولن يتحركوا إلا فقط وفق مصالحهم وحساباتهم، ولكن كلا النظرتين تجانبان الصواب، فقضية حصول أو عدم حصول التدخل الدولي لا تكون لحصول سبب واحد أو عدم حصوله، بل هي قضية متعلقة بالطرفين، الطلب الصريح والواضح الثوار وممثليهم، ثم موافقة الدول والمجتمع الدولي.
أعتقد أنه يجب على صفحة الثورة والمجلس الوطني والثوار على الأرض ليس فقط تذكير المجتمع الدولي ووضعه أمام مسؤولياته، بل يجب الطلب من المجتمع الدولي التدخل العسكري الصريح، بكل الطرق لحماية المدنيين عدا التدخل البري، وحتى لو لم يستجبـ يجب علينا جميعا الاستمرار في الطلب، أولا لأنه حق دولي إنساني مكفول لكل الشعوب بحسب قوانين الأمم المتحدة، فهناك قانون جديد في الأمم المتحدة صدر عام 2005 يكفل حق التدخل لحماية المدنيين برغم وجود فيتو، وثانيا لأنه يجب على كل طرف القيام بواجباته على أكمل وجه، ثم إذا لم يستجب المجتمع الدولي، نكون قد قمنا تماما بواجبنا المسؤولين عنه أمام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ، ووقتها تقع اللائمة فقط على المجتمع الدولي.
أما عدم الطلب منهم وعدم الإلحاح في الطلب منهم بحجة أنهم لن يستجيبوا فهذه قد تصبح حجة لهم كي لا يتدخلوا، وأي حجة أكبر من هذه؟! فمن المعروف أن أهم قواعد النجاح في العمل السياسي بل وفي كل مناحي الحياة هو المحاولة والاستمرار في المحاولة وعدم اليأس، حتى لو كان احتمال النجاح ضئيلا.
ثم ما الذي تخافون منه كي لا تجربون وتطلبون رسميا وبشكل صريح تدخلا دوليا وفرض حظر جوي عسكري وتسليح للجيش الحر؟ هل هناك شيء يمنع ذلك؟ هل أنتم خائفون أن يستجيب لكم المجتمع الدولي؟!! هل أنتم تمانعون التدخل العسكري؟ وإذا كان المجتمع الدولي لا يتحرك بأمر المجلس كما تقولون، فلماذا لا تطلبون منهم التدخل بكل صراحة كي تثبتوا لنا ذلك؟
إن القول بأن الدول تتدخل متى تشاء وترفض التدخل متى تشاء هو كلام صحيح إلى حد ما، لكنه لا ينطبق على كل الحالات ولا على كل زمان، فقد استجابت الدول لطلب الشعب الليبي ومجلسه الانتقالي لطلب التدخل، وفي العراق أيضا كان هناك طلب من بعض المعارضة العراقية بالتدخل، لهذا لم يكن التدخل مرفوضا عند كل الشعب العراقي، إن إدارة أوباما والظروف الدولية الحالية مختلفة عن إدارة بوش وظروفها، فالآن لا يحب المجتمع الدولي التدخل بدون طلب صريح وواضح جدا، وبل أيضا إلحاح مستمر.
إن طلب التدخل من كافة أطياف الشعب يسهل التدخل لأن الغرب بعد تجربة العراق وأفغانستان أصبح يخاف على قواته من المقاومة الشعبية ولا يريد أن يظهر بمظهر المستعمر الكريه. كما أن الغرب لا يريد أن يُتهم أنه قام بمجازر ضد المدنين كما تحاول روسيا الإيحاء أنه حصل في ليبيا، لذلك أيضا أصبح الغرب يريد طلب ملح للتدخل بعد تجربة ليبيا بسبب التعنّت الروسي.
صحيح أن العالم ليس تحت أمرنا لكن علينا أن نطلب وأن يكون طلبنا جميعا كي لا يقول العالم أنتم لا تريدون تدخلا خارجيا فهل نتدخل غصبا عنكم؟
أما الكلفة المادية فهي ليست مشكلة لأنها من (طرف الجيبة) من أموال الحرامية بشار ومخلوف وغيره، إن الوضع اذا استمر بدون تدخل خارجي سيستمر النزيف ويزداد حتى يفنى الشعب كله، أما التدخل الخارجي فسيوقف هذا النزيف، وأخيرا أؤكد أن الحماية بالمنطقة العازلة والحظر الجوي هي طلب خبراء المجال العسكري، منهم ضباط حاليون ومنهم متقاعدون وهم أدرى بما يلزمهم.
وعلى الله وحده الاعتماد أولا وآخرا.