كثيرا ما نسمع تصريحات من هنا وهناك تحذر من الحرب الأهلية و تدمير الدولة من بعض السياسيين السوريين العرب و غيرهم المؤيدين او المعارضين لنظام بشار الأسد.
هذه التصريحات بعضها بحسن نية من البعض نتيجة خوفهم على سوريا الدولة من الخراب و الدمار و ليس النظام و البعض الأخر بسوء نية فهم يريدون اقناع الرأي العام السوري و اخافته من المجهول السيئ الذي ينتظره مما يسهل لهم اقناعه ببقاء النظام مع اصلاحاته المزعومة .
هؤلاء منهم من هو مؤيد للنظام لأنه يستفيد منه على الصعيد المادي و السياسي و منهم من يخاف من ان يحكم الإسلام البلاد بعد سقوط النظام لذلك هم اما من العلمانيين او من الأقليات التي يتم اخافتهم من حكم الإسلام و كأن المسلمين في سوريا يعدون العدة لذبح كل الطوائف و الأديان الأخرى الموجودة بالبلاد و كأن النصارى و حتى اليهود ليسوا بالبلاد منذ فتح الشام على يد الصحابة الكرام و حكمها بالإسلام منذ اكثر من الف عام .
لذلك هؤلاء لا تهمهم مصلحة البلاد بقدر ما يحركهم مصلحتهم الخاصة المادية و السياسية او عداؤهم للإسلام و المسلمين بشكل عام او من تم التغرير بهم و اقناعهم بالآلة الإعلامية الضخمة و بالأنظمة الحاكمة في كل البلاد التي لم تجد سوى اخافة الناس من الإسلاميين و جعلت الإسلام قطع الأيدي و الرقاب و قتل من يخالفه من باقي المكونات لذلك جميع هؤلاء يفضلون حكما دكتاتوريا متوحشا على ان يتخيلوا ان النظام الحاكم بالبلاد هو الإسلام.
ليس كلامنا مع هؤلاء لأننا لن نحاول اقناع من لا يريد نزع النظارة السوداء عن عيونه و لا يريد النظر الا عبرها فقط.
كلامنا مع من يتكلمون بحسن نية و يخافون على البلاد من ما يسمونه الحرب الأهلية و تدمير سوريا الدولة .
هذه التصريحات تصدر من كثير من السياسيين الذين يجيدون التنظير فقط الذي يكون في كثير من احواله بعيدا عن الواقع و هم يعيشون اما في عواصم اوربية او خليجية و لا يشعرون بمن لا يستطيع ان يجد الطعام لأولاده او من لا يجد ما يتدفأ به من برد الشتاء او لا يجد بيتا يسكنه بعد تدمير منزله او لا يستطيع الخروج من منزله و ينتظر قدره جراء الرصاص و القذائف فوق رأسه.
هؤلاء لا يتكلمون سوى عن السلمية و استمرار المظاهرات و يرفضون حتى الإنشقاق عن الجيش و ما يقوم به الجيش الحر لخوفهم على الدولة من تبعات الحرب الأهلية.
هناك تساؤل مهم هل يمكن ان يقول لي احد لماذا سوف تقوم الحرب الأهلية و بين من و من سوف تقوم هذه الحرب .
و هل هناك طريقة عملية لأسقاط النظام و استمرار الثورة بدون التدخل الدولي و لا انشقاق الجيش و لا عسكرة الثورة .
هل هناك طريقة توقف هذا النزيف الهائل للدماء مع استمرار تواصل الثورة لأسقاط النظام .
و هل علينا دائما ان نخاف اما الحرب الأهلية و تدمير البلاد او العيش تحت من لا يريد منا سوى ان نعبده من دون الله و نكون عبيدا له و لعائلته .
و اذا كان الشعب السوري قد ثار على الظلم و الإستبداد و الإستعباد فهل عليه ان يلتفت الى من يقف في وجه و يخاف على مصلحته و مصلحة عائلته او عرقه او طائفته فقط على حساب مصلحة الشعب السوري رغم ان الكل يعلم ان اهل سوريا لم يطالب احد منهم بالتمييز الطائفي او العرقي انما يريدون الخلاص من هذا التمييز الذي يستفيد منه البعض فقط و ذلك بامتيازات خاصة للطائفة او العائلة .
لا اظن ان الأمور يمكن قياسها اما بتدمير البلاد او الحرب الأهلية او ان تستمر الثورة تراوح مكانها باسم الخوف على مصلحة البلاد .
لأن تسميتها بالحرب الأهلية هو توصيف مخفف او بعيد للحقيقة و ان كانت تنطبق التسمية ظاهريا او جزئيا .
فعندما تكون الحرب بين طوائف او اعراق او تيارات سياسية او فكرية كل منهم يريد فرض رؤيته على الأخر و اجبار الأخر ان ينضم تحت جناحه عند ذلك يمكن اطلاق مثل هذا الوصف اي الحرب الأهلية او ان نبحث فعلا عن ايقاف مثل هذه الحرب .
اما عندما تثور الأغلبية المضطهدة ضد الظلم و الإستبداد و الإستعباد من قبل عائلة او عشيرة او تيار او طائفة او اي يكن لا يستطيع احد ان يقنعنا بأن نتوقف باسم الحرب الأهلية و الا ما كان للثورة ان تقوم اصلا و نحن لا نجبر انفسنا ان نكون تحت هذه الخيار اما العبودية و الإستبداد او ما يسمى الحرب الأهلية .
و الا فكل الثورات التي قامت كانت حربا اهلية لأن الثورة لا تقوم الا على مكون او عائلة او تيار حكم الأخرين و ظلمهم و جعلهم عبيدا له لا يحق لأحد الإعتراض و لا يحق لأحد الا من يسمح له النظام ان يكون في مرتبة البشر
لذلك علينا ان نعلم انه عندما نثور للمطالبة بحقوقنا المسلوبة فمن يقف في وجهنا سواء كان طائفة او حزبا او عائلة او اي كان فلتكن الحرب معه لأنه هو المسؤول عن هذه الحرب بوقوفه مع الظالم المستبد بمحاولته جعل الأقلية الظالمة المستبدة تتحكم بالأغلبية و بطريقة الإستعباد .
فنحن في سوريا ليس لنا خيار اخر اما نعيش تحت حكم العصابات عبيدا و خدما لهم و يحاربوننا في ديننا و عقيدتنا و انسانيتنا او نستمر بالثورة حتى النصر مهما كانت النتائج لأن اي نتيجة هي خير من العبودية فالشعب السوري لم يطالب سوى بحريته و خلاصه من الظلم و الإستبداد و اي جهة مهما كانت تقف في صف النظام و تحاربنا هي في صف الظالم المستبد الفاجر المحارب لله و لرسوله للاغلبية من شعب سوريا وهي من تتحمل النتائج و لن نستطيع ان نتوقف خشية الإنقسام لأن هذا الإنقسام هو انقسام الحق و الباطل هو انقسام الظالم و المظلوم و الأمور هكذا علينا قياسها و ليس مجرد التخويف من الحرب او الإنقسام اي كان انقسام .
ثم ما الذي يمكن ان يحدث للشعب السوري اكثر من الذي حدث فمنذ خمسين عاما و نحن نعيش تحت القهر و الإستعباد و الذل و نحارب في ديننا و عقيدتنا و انسانيتنا و رزقنا و كل شئ .
عشرات الألاف من القتلى و عشرات المجازر قامت و عشرات الألاف من المفقودين و عشرات الألاف اعدموا بالسجون و عشرات الآلاف من المعتقلين و ملايين المهجرين و الفقراء و تدمير و نهب البلاد و العباد .
هذا كان منذ حكم الأسد الأب و الآن نرى نفس الشئ يتكرر هذه الثورة سلمية و مع ذلك قصف بالمدفعية و الدبابات و الغازات السامة و اقتحام للمدن و تدمير البيوت فوق ساكنيها و تدمير المساجد و اجبار على سب الله و الكفر و الركوع للحاكم مع ان الثورة سلمية و لا سلاح فيها .
و اصبحنا نجد كذلك مجازر عبر اعتقال الناس من المناطق الثائرة و اعدامهم على الأرصفة و الشوارع كما في حمص و غيرها و كذلك اختطاف النساء و اغتصاب الأعراض .
لا يوجد لدى الشعب السوري ما يخسره سواء بالثورة السلمية او المسلحة او ما يسمى الحرب الأهلية او تدمير الدولة حسب ما يريد البعض ان يخوفنا به ما الذي يمكن ان يحدث اكثر من ذلك الى متى نبقى نعيش تحت حكم النظام الذي لم يترك وسيلة لذلنا و استعبادنا و حربنا الا و فعلها الى متى نبقى نسكت باسم الوطنية او اننا لسنا طائفيين على الأقلية التي اضطهدتنا و دمرتنا و جعلتنا عبيدا عندهم و لم تحكمنا بالعدل.
الشعب السوري لا يريد ان ينتقم من احد و لا يريد ان يقوم بالتطهير العرقي او الطائفي او السياسي نحن نريد العدالة لشعب سوريا لكل شعب سوريا و ليس لأحد دون اخر لماذا علينا التحمل اعواما اخرى .
اذا كنا نقدم الضحايا منذ عشرات السنين هل علينا ننتظر عشرات اخرى من السنين و نقدم الضحايا تحت العبودية لأننا لا نريد تدمير الدولة المدمرة اصلا المنقسمة طائفيا و عرقيا بسبب النظام الحاكم و ليس بسبب الشعب الذي لم يعرف الا التسامح منذ دخول الإسلام ارض الشام .
اذا كان لا بد لنا من تقديم الضحايا فليكونوا جملة واحدة و من ثم نتحرر من العبودية و الظلم افضل من تقديمهم بالتقسيط ضريبة الذل و العبودية من دون نتائج او حتى امل بالتحرر لأننا نخاف على الدولة غير الموجودة و نخاف من حرب اهلية يخوفنا بها النظام و المعارضة على حد سواء .
ماذا نفعل في دولة لا نعيش بها الا كالعبيد و لا تشبه الدولة الا بالأسم فقط .
فلتذهب الدولة و المؤسسات و لكن لنعش في حرية و كرامة خير من دولة تضيع فيها كرامتنا و ديننا و نبقى فيها اذلاء لا قيمة لنا و لا نحصل فيها حتى على الطعام الذي يكفينا للعيش ان مثل هذا الكيان الذي يسمى دولة لا قيمة له و لا احد يجبرنا على ان نبقى تحت حكم عصابة تريدنا عبيدا لها ।.
كل هذا بزعم وجود مثل هذه الحرب في سوريا رغم ان سوريا غير مؤهلة لحرب طائفية بالشكل الطبيعي ما لم يحاول النظام و حزب الله و ايران و المالكي جعلها ساحة لحرب سنية شيعية و عند ذلك لا يكون لأهل سوريا خيارا الا الدفاع عن انفسهم و اموالهم و اعراضهم و دينهم .
ان اسوا امر يمكن نتوقعه هو ان نبقى تحت حكم هذا النظام لسنين او اشهر او حتى ايام اخرى النظام الذي لم نرى منه سوى الطائفية و تدمير البلاد و نشر الاحقاد و الكراهية و تدمير عقيدتنا و ديننا و اخلاقنا و جعلنا عبيد لشخص الحاكم و عائلته و طائفته .
و اي امر اخر مهما كان هو خير من بقاء هذا النظام و الله اعلم لأن هذا عن ما نعلم و لا ندري الخير لنا لأننا لا علم لنا بالغيب و لا نتكلم الا بما نراه ظاهرا امامنا و نسأل الله ان يحقن دماء شعبنا يهيدنا و يهدي شعبنا الى سواء السبيل و يوفقه لأحسن الأمور و افضلها و يصلح احوالنا بالدنيا و الأخرة و الحمد لله رب العالمين .