رغم أن دول الخليج العربي ودول الربيع العربي اتخذوا موقفا شديدا من النظام اللاشرعي في سوريا إلا أن البيان الختامي لم يحتوي على تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية كما كان يُنتظر، والسبب في ذلك يعود بشكل رئيسي إلى معارضة بعض الدول العربية، فتم اتخاذ قرار توافقي على إمهال نظام بشار 15 يوما لإيقاف الحل التشبيحي، وسحب الجيش وتطبيق إصلاحات عاجلة، وذلك من أجل إحراج هذه الدول إذا لم يطبق بشار هذه الشروط، بحيث يصعب على هذه الدول أن تعارض اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة.
وهذه الدول العربية المعارضة هي:
لبنان: حكومة حزب الله الإيرانية شريكة النظام في الإجرام.
اليمن: المجرم السفاح علي عبد الله صالح لأنه خائف أن يطبّق عليه نفس الأمر.
السودان: عارضت ثم أصبحت محايدة، وهي نظام إسلامي لكنه يساري وعميل إيراني، تذكروا زيارة نجاد الأخيرة له، وهو نظام مجرم قام بجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
الجزائر: يحكمها من وراء ستار عصابة جنرالات شيوعيين، ساعدوا القذافي في قتل شعبه، وكانوا يقتلون شعبهم طوال عشرة سنين من الثورة ضدهم.
موريتانيا: يحكمها الرئيس العسكري البعثي الذي انقلب عسكريا قبل أعوام قليلة على الرئيس الشرعي المنتخب ديمقراطيا.
في محاولة لمعرفة سبب معارضتهم، يمكن أن نضيف إلى هذه الدول إيران الطائفية وروسيا والصين بتأثير الميراث الشيوعي، ونضيف دول أمريكا الجنوبية التي أرسلت وفودا لتأييد بشار، وهي دول “مجموعة ألبا” بوليفيا وفنزويلا ونيكارغوا والإكوادور وكوبا والبيرو، وهي كلها بالمناسبة دول شيوعية، ودول “بريكس” جنوب إفريقا والهند والبرازيل التي عارضت إدانة عصابة بشار في مجلس الأمن، وهي ديمقراطية لكنها هي الأخرى متأثرة بالشيوعية، ونضيف أيضا المعارضة الداخلية التي موقفها من النظام ليس حاسما، وعليها اتكأ الفيتو الروس والصيني، وهي أيضا من أحزاب وشخصيات من خلفية شيوعية ويسارية.
فما هو السر؟ لماذا كل من يدعمون عصابة بشار هم إما طائفيين أو شيوعيين؟ طبعا ليس كل شيعي أو علوي ولا كل شيوعي يدعم بشار، لكن تقريبا كل من يدعم بشار هو إما شيوعي أو طائفي.
أما اجتماع الدول العربية فقد حظي بكثير من النقد اللاذع جدا، لكن من ناحية أخرى من الممكن أن أعذرهم بكل صراحة لأن الوضع صعب، سوريا ليست بسهولة ليبيا وبشار له حلفاء أكثر من القذافي، وهذه المهلة ليست للقتل على فكرة بل هي لإيقاف القتل، لكن هل إصدار وتنفيذ قرار بإيقاف القتل يحتاج أكثر من 24 ساعة؟ وهل فعلا من الضروري إحراج الدول المعارضة للتجميد؟ أظن ربما غير ضروري، وأعتقد أن في الأمر أكثر من ذلك، ربما الخوف من تهديدات بحرب إقليمية فهذا لا يمكن بأي حال إنكاره.
في النهاية أنا كنت متوقعا هذا، لأن الثورة السورية تسير من أحد النواحي إلى ما يشبه النموذج الليبي لكن ببطء شديد. وسيأتي قريبا إن شاء الله وقت اتخاذ الجامعة العربية قرارا بضرب بشار عسكريا أو تفويض المجتمع الدولي بذلك.
فهناك دول عربية بدأت بالخروج عن إطار الجامعة العربية التقليدية، وهي دول الربيع العربي + دول الخليج في إطارها الجديد لكونها نسبيا مستقرة، وربما يبنون منظمة عربية جديدة على أنقاض هذه الجامعة الفاشلة، وذلك بعد سقوط الدول التي عارضت تجميد عضوية ليبيا القذافي ثم عارضت هي نفسها تجميد عضوية سوريا.