لوّح نقيب الصحفيين الأردنيين وأعضاء مجلس النقابة بتقديم استقالات جماعية في حال أقر مجلس الأعيان المادة (23) من قانون مكافحة الفساد. والتي كان مجلس النواب قد اقرها ، حيث يذكر أن المادة التي اقرها مجلس النواب تنص على: «كل من أشاع أو عزا أو نسب دون وجه حق إلى أحد الأشخاص أو ساهم في ذلك بأي وسيلة علنية كانت أيا من أفعال الفساد المنصوص عليها بالمادة 5 من هذا القانون أدى إلى الإساءة لسمعته أو المس بكرامته أو اغتيال شخصيته عوقب بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف دينار ولا تزيد عن ستين ألفا».
أعتقد بأن رفض هذه المادة مخالف للقرآن الكريم وللسنة النبوية، ومخالف للقوانين المرعية المسنونة لحماية أنساب وأعراض وموال الناس، لأن الشريعة الغراء وضعت الأطر القواعد والتشريعات الكفيلة بحفظ الأنساب والإعراض والأموال والأنفس، وغيره من ضروريات الحياة الإنسانية. وروح هذه المادة (23) منسجمة مع مراد الشارع الحكيم. فبأي حق تريد الهيئة الصحفية أن تعلوا فوق المساءلة، وكيف يحق لهم المساهمة في نشر إشاعات تصيب الآخرين الأبرياء بحجة الحرية الصحفية؟ وهل يحق لأي مواطن أن ينشر خبرا ظنياً يصيب به شخصا بريئا بغير وجه حق؟ بالطبع لا،،، فلماذا يحق للصحفي أن يفعل ذلك؟ وهل ممارسته للعمل الصحفي أو دراسته الأكاديمية منحته العصمة؟ ألسنا كلنا لأدم وآدم من تراب؟؟ أم أن الصحفي ذو حصانة مقدسة موهوبة له دون غيره؟ ومن أعطاه هذه الحصانة؟!
لا شك بأن الحديث عن الفساد وكشفه ومحاربته أمر واجب على المواطن والحاكم والبرلمان وعلى الجميع، وهذا القانون لا يمنع ذلك، فهو فقط يمنع التطرق إلى اتهام شخص محدد باسمه بدون أدلة قاطعة، فالقانون لا يمنع الحديث عن الفساد في الحكومة أو أي دائرة حكومية أو بلدية أو غيرها، هو فقط يهدف إلى ضبط الأمور، فاتهام الناس الأبرياء بالفساد بدون دليل جريمة قد تساوي جريمة الفساد نفسها.
ثم إنني أرى أن أسلوب نقيب الصحفيين قد ضرب بالديمقراطية عرض الحائط حين هدد بالاستقالة الجماعية للصحفيين.. يا سيدي.. ما دمتم تقدسون الديمقراطية فلم حين أقر البرلماني الديمقراطي قانونا، اعترضتم عليه ورفضتموه؟ أليست هذه دكتاتورية باسم الديمقراطية؟ فإن كنتم لا تقبلون بهذه المادة،، فما عليكم إلا أن ترفضوها بالسبل الديمقراطية التي بها أقرت، وليس بلي ذراع المواطن والحكومة على حد سواء. وبالتهديد بالاستقالات؟ ومتى كان الناس مجمعون على أمر من الأمور التي يجوز فيها الاجتهاد؟ فالأيام دول، فاحشدوا حشودكم والغوا المادة في المستقبل من خلال البرلمان الذي أقرها. إني أرى أن الهيئة الصحفية هي التي تمارس بأسلوبها هذا أبشع أنواع الدكتاتورية الفكرية وفرض الرأي على الرأي الآخر المشروع. فيا سادة كيف تفهمون قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، فهذا هو هدي القرآن الكريم فمن رضي به فله الرضا ومن سخط فله السخط. فهل يعني بقولنا حرية سقفها السماء، أن نتحلل من تعاليم ديننا وقيمنا الأصيلة فنساهم في نشر الإشاعات والأراجيف، مع تقديرنا لجهود الصحفيين وغيرهم من حماة هذا الوطن والغيورين عليه، ممن ضبطوا مهنتهم بما يرضي الله تعالى ولا يضر بمصالح الآخرين وأعراضهم.
عدنان الصوص 29/9/2011