انفجار بيروت لماذا؟

في تفسير تفجير بيروت يتحدث البعض عن قرب موعد النطق بالحكم في قضية مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري، حيث المتهم الرئيس فيها هو حزب الله، ويبدو أن هذا وارد جدًا. كما يتحدث آخرون عن حالة لبنان الواقعة في ضائقة اقتصادية قاسية والحاجة للمساعدات، وأن الحادث يكسر جدار الصمت ويحرك المياه الراكدة، فيؤدي إلى جلب المساعدات، ورغم أن هذا فيه احتمال أيضًا، لكنه يبدو متناقض مع الشعور بالمسؤولية تجاه حياة الناس ومملتكاتهم، وهناك من يقول بمسؤولية إسرائيل عن الحادث لكونها أصلًا تقوم منذ فترة بعمليات قصف على مواقع حزب الله. وغير ذلك من آراء وتفسيرات.

بكل الأحوال ومهما تكن التفسيرات عديدة ومتناقضة، فمن المعتاد تقليديًا أن هناك تفسير واحد هو الصحيح والباقي خطأ، أما في النظريات الحديثة فيتم وضع نظرية مركبة في محاولة لفهم الأمور بشكل أكثر قربًا إلى الواقع بتعقيداته التي لا يمكن اختزالها بسبب واحد فقط. فبأي طرق الترجيح نأخذ؟ الواقع أنه يصعب ترجيح سبب على آخر ترجيحًا علميًا موضوعيًا، أما الترجيح المتحيز، سواء بتحيز واعٍ أو غير واعٍ فهو عمل سهل، ومع ذلك من الممكن برغم التحيز أن يكون أحد التفسيرات بالفعل هو الأقرب للحقيقة، لكن هذه الطريقة غير قادرة على تقديم حجة علمية مقنعة، حيث لن نتمكن من معرفة أيها الصحيح، ويحتاج الأمر فعلا إلى البحث العميق والدقيق ومقارنة التفسيرات في دراسة وتحقيق شامل، وهذا لا يطيق القيام به إلا مؤسسات متخصصة بفريق من المحققين، ومع ذلك كثيرًا أيضًا ما كانت الأمور غامضةً في البداية، وتختلف وجهات نظر مؤسسة عن أخرى في حوادث مشابهة حتى في الدول الغربية المتقدمة.

لكن التحقيق النزيه وبعد أن يأخذ مجراه هو الكفيل بكشف الحقيقة، ومع أن الفاعل يراهن على بطئ الإجراءات لينجو بفعلته، إلا أنه لا يوجد طريقة أخرى لإدانة المجرم إلا بالدليل القاطع، وإلا تحولت الدولة إلى عصابات من الأشرار وانتهت هيبة القضاء والحكومة وانتهى الأمر بالفوضى. لكن من الجائز مبدأيًا التحفظ على بعض الجهات المشبته بها من غير إدانة تامة إلا إذا كان بجرائم سابقة تم الوصول فيها إلى الحقيقة.

زاهر طلب

5/8/2020

Scroll to Top