الاخوان المسلمين بين خير وشر!

ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، بل العاقل من عرف خير الخيرين فاختار أعلاهما، وشر الشرين فدفع الشر الاكبر منهما. فهذه قاعدة اصولية ـ لا يختلف فيها عاقلان ـ يجب تنزيلها وتفعيلها على ارض الواقع.

فالمقارنة بين الابيض والأسود هو أمر سهل يتقنه العامة، ومثاله: المقارنة بين نظام الاسلام السني والنظام الشيوعي، كون الاسلام خير ابيض والشيوعية شر اسود. لكن الالتباس في الترجيح يظهر في المنطقة الرمادية، اي بين نظام اسلامي سني (خير) ولكن فيه (دخن) اي بعض الظلم من جهة ونظام شيوعي أو اشتراكي (لا فرق جوهري) يرفع شعاراً ويافطة لا تتعارض مع الإسلام بل يؤيدها الاسلام ؛ كالأنظمة البعثية او الناصرية.

هذه المساحة الرمادية تلتبس فيها الحقيقة لدى البعض منّا، ولكن سرعان ما يظهر فيها الترجيح لمن فهم الكتاب والسنة. اما اشد المساحات التباساً فهي في الاخوان المسلمين خصوصا بعد استلامهم الحكم في مصر ؛ فهم من جهة مسلمون عقيدة (خير) وفيه دخن ، ومن جهة أخرى (تحريريون) سياسة (شرّ) وهو الاخطر والفكر التحريري السياسي منبثق من نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ فإن عارضناهم، خسرنا الخير الذي هم فيه، وان ايدناهم؛ ايدنا مشروعا سياسيا تحريريا او مشروع (ماركسي مادي تاريخي) يضرب قلب الامة في مقتل.

ولو اردنا تطبيق القواعد الاصولية لقلنا: (دفع المفاسد أولى من جلب المنافع). فدفع شر التفكير والوعي السياسي التحريري أو (الماركسي المادي التاريخي) هو اولى في هذه الحالة. وخاصة، ان الخطاب الفكري الماركسي السياسي يتطور مع الزمن لينطلق من خصوصيات المجتمع الاسلامي السني لاحقا ومن صفوف السلفيين انفسهم وله مقدمات في ارض الواقع .

باختصار:

إن معارضة البعض لسيطرة الإخوان المسلمين في مصر وفي غيرها من البلاد الإسلامية على مقاليد الحكم، ليس نابعاً من معاداة مشروعهم الإسلامي ابدا فإن هذا لا يقول به عاقل بل كون حركة الإخوان خاصة والمسلمين عامة قد برمجوا برمجة فكرية سياسية قائمة على مفاهيم ونظرات حزب التحرير الإسلامي، هذا الحزب الذي أقام نظريته أو نظرته السياسية خاصة على (نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ)، بالتالي فأن كل من تأثر بطرحه السياسي سيجد نفسه قريبا من معسكر الشر الشرقي الشيوعيين ومن لف لفهم.

وبهذا الاعتبار، وكون الماركسية هي التطبيق العملي لأسطورة الشعب المختار أو اليهود ـ زعمواـ ، يكون المتأثر بطرح حزب التحرير السياسي قد قدم للصهيونية العالمية ماله ودمه وأرضه وعِرضه ودينه للتصرف بها كيف تشاء، علم بذلك أم جهل.

وأخيرا فإن المطلوب هو (فرمتة) أفكارنا السياسية وبنائها من جديد على فقه صحيح للشرع، وفقه دقيق للواقع لبنة لبنة. وبخلاف ذلك، انتظروا الدجال ولو بعد حين.

زياد أبو سلطان

3/6/2020

Scroll to Top