استخدم القذافي العديد من أوراق الضغط لثني دول حلف الناتو عن ضرب قواته جواً، فمرة استخدم ورقة تنظيم القاعدة، ومرة ورقة علاقاته مع إسرائيل وأنه حامي حماها، وأخرى ورقة النفط وتدميره، وأخيرا خرج القذافي علينا محذرا قوات حلف الناتو من مغبة التعرض في القصف الجوي للنهر العظيم خشية تلويث مياهه مما سيؤدي إلى إصابة الليبيين بالعطش والأمراض. فما هي حقيقة النهر العظيم، وهل هو الصمام الأول لري الأراضي الليبية وسقاية المواطنين كما يقول القذافي؟ وما هي عناصره وكم كانت تكلفته؟ وأين وصلت مراحله؟ وما مدى تأثير مياه هذا النهر على استنزاف المياه الليبية الجوفية العذبة؟ وما هو رأي القذافي في هذا النهر؟ وهل صحيح أنه نعمة أم أنه كارثة للشعب الليبي؟
للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها قمت بجولة الكترونية في فيافي الشبكة العنكبوتية، ومنها الموقع الرسمي للنهر (http://www.gmmrwua.com/ar/index.html) وغيره، أدت إلى كتابة وإعداد هذا التقرير على وجه السرعة لبيان حقيقة النهر الصناعي الليبي العظيم.
الإعلان المبكر للوفاة والتنصل من المسئولية:
في خطاب الانقلاب السنوي سنة 1992م قال القذافي إن مياه النهر الصناعي لا تكفي وأن الليبيين قي المستقبل سيموتون بالعطش، وأن الحل النهائي لهم هو الهجرة إلى البلاد التي بـها مصادر المياه مثل مصر وتشاد، وأنه سيمنح كل عائلة تقرر الهجرة من البلاد عشرة آلاف دولار باعتبارها حصتها من النفط، بل قال إن وجود العرب في شمال إفريقيا كان غلطة تاريخية، وأن دول المغرب العربي ليس لها مستقبل وستكون هناك كوارث على هذه الشعوب أساسها العطش. فهل كذب القذافي في هذه التنبؤآت أم صدق؟ سنرى.
مقدمة
منذ قيام ثورة الفاتح من سبتمبر العظيم في العـ1969ـام إفرنجي اعتبرت الجماهيرية العظمى نموذجا يحتذا بكل المقاييس للإرادة الثورية الصلبة والعمل الجاد للتطور والنماء في مواجهة حاسمة لمختلف المشكلات والعقبات وخاصة مشكلة هذا العصر وهى ندرة المياه. وحيث أن معظم مناطق الجماهيرية تقع في مدارات صحراوية جافة يكاد ينعدم بها المطر كليا الأمر الذي أدى إلى قلة الزراعات المروية بتلك المناطق بالرغم من وجود مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، حيث أن العامل المحدد للزراعة هو توفر المياه وبوجوده تتحقق الحياة . قال الله تعالى : ” وجعلنا من الماء كل شيء حي “.
ونظراً للزيادة المضطردة في عدد السكان والتطور الصناعي والزراعي في مناطق شمال الجماهيرية مما ترتب عنه زيادة فى استهلاك المياه والذي أدى بدوره إلى استنزاف شديد للموارد المائية المحدودة بهذه المناطق وتدهور نوعيتها بسبب تسرب وتداخل مياه البحر إلى الطبقات الحاملة للمياه ، ونتج عن ذلك تلوث ميا ه الشرب وارتفاع مستوى الملوحة بها حيث أدى استعمال المياه المتملحه في الري إلي تدهور الأراضي الزراعية. ولقد أدركت الرؤية الثاقبة لثورة الفاتح العظيم أن أوضاع الموارد المائية قد باتت تشكل العنصر المتحكم والمحدد الأكبر لطموحات التنمية وتطلعات النهضة الاقتصادية والحياة الحرة الكريمة .
وبالإرادة الثورية الصادقة، وبوجود الإنسان الحر الذي هب وشمر عن سواعده السمراء مع بزوغ فجر الفاتح العظيم، والذي فجر الثورة ها هو اليوم يفجر ينابيع الحياة، حيث كان القرار التاريخي بإقامة مشروع النهر الصناعي العظيم، تجسيدا للإرادة الثورية الصلبة، ومواجهة جريئة لتحديات عصر الصراعات المائية وحروب الغذاء، وهو آخر محاولة تاريخية جادة لإنقاذ الحياة، وبفضل هذا المشروع العملاق ستتدفق كميات هائلة من الماء العذب النقي من مصادره الطبيعية في جوف الصحراء بجنوب الجماهيرية والتي تجمعت منذ آلاف السنين خلال العصور المطيرة واستقرت في باطن الأرض في الطبقات الصخرية غير المنفذة للماء حيث ستنقل هذه المياه بعون الله تعالى في انسياب طبيعي عبر الصحراء من الجنوب إلى الشمال حيث المناطق الزراعية الخصبة.
وقد بينت الدراسات الفنية والاقتصادية والاجتماعية إمكانية نقل هذه الكميات الهائلة من المياه الجوفية إلى المناطق التي تتوافر فيها الأراضي الزراعية الخصبة والكثافة السكانية العالية والبنية الأساسية الزراعية حيث سيتم نقل حوالي (6.5) مليون متر مكعب من المياه العذبة يوميا للأغراض الزراعية والصناعية ومياه الشرب، وقد خصص ما يزيد على (75%) منها لاستخدامها في الأغراض الزراعية والتـي بدورها ستخفف من وطأة السحب المتزايد من المياه الجوفية فـي مناطق الشريط الساحلي.
ولإستثمارهذه المياه الاستثمار الأمثل ولتحقيق أكبر عائد اقتصادي، أنشأت أجهزة لاستثمار هذه المياه و منها جهاز استثمار مياه منظومة جبل الحساونة الجفارة للنهر الصناعي العظيم الذي أسندت إليه مهمة تنفيذ أعمال الاستثمار لمياه منظومة الحساونة الجفارة للنهر الصناعي العظيم الواقعة في المنطقة الممتدة من جبل الحساونة بالجنوب إلى المناطق الساحلية في شمال غرب الجماهيرية، وتتمثل هذه الأعمال في تخطيط وتقسيم المزارع ومد شبكات الري وإنشاء الخزانات بغرض تزويد المشاريع باحتياجاتها من مياه الري وفق التركيبة المحصولية لكل منها.
وقد أنجز الجهاز جميع الأعمال المتعلقة بالدراسات الفنية والاقتصادية والاجتماعية والأعمال الأساسية المتمثلة في الرفع المساحي ودراسات التربة، والدراسات المعملية وإعداد الخرائط التفسيرية للتربة لتحديد المساحات القابلة للاستثمار، كما تم الانتهاء من إعداد التصاميم الهندسية لأغلـب المشاريع المستهدف تزويدها بمياه النهر الصناعي العظيم وقد تم تنفيذها ودخل البعض منها مرحلة التشغيل، وتشمل مرحلة تنفيذ هذه المشاريع تخطيط وتقسيم المزارع وإنشاء الخزانات، بالإضافة إلي إقامة محطات الضخ وشبكات التوزيع الرئيسية والفرعية والأعمال الكهربائية المكملة لها وذلك لتزويد المزارع المستهدف إقامتها باحتياجاتها من المياه.
كل هذه الأعمال تهدف إلي توسيع الرقعـة الزراعية وزيادة معدلات الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي الذي أصبح أحد الأسلحـة المستخدمـة في قهر الشعـوب وسلب إرادتهـا والتأثيـر علـى استقلالها السياسي والاقتصادي تحقيقاً لمقولة ” لا استقلال لشعب يأكل من وراء حدوده “. (عن الموقع الرسمي النهر العظيم).
تاريخ بدء المشروع:
بموجب القانون رقـ(11)ـم لسنـ1983ـة إفرنجي الصادر عن مؤتمر الشعب العام بتاريخ 3/10/1983 إفرنجي أنشئ جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي العظيم والذي انبثقت منه اللجنة الفنية لإعداد واستغلال مياه النهر الصناعي العظيم للمرحلة الأولى والمرحلة الثانية .
أهمية المشروع:
يشكل مشروع النهر الصناعي العظيم أهمية خاصة في سلسلة الإنجازات العملاقة الأخرى التي حققها الشعب العربي الليبي بفعل ثورة الفاتح العظيم وذلك بما يمثله من إنجاز حضاري متقدم للاستفادة من المخزون الجوفي الهائل الموجود بمكامن المياه بقلب الصحراء ويتمثل ذلك من خلال أكبر منظومة هائلة لنقل المياه من الصحراء إلى المناطق الساحلية الخصبة عبر أنابيب ضخمة مدفونة بباطن الأرض لتشكل بذلك أضخم شبكة ري صناعية في العالم عرفها الإنسان وأكبر مشروع هندسي مدني في وقتنا الحاضر . (عن موقع النهر العظيم).
وعن فوائد وعائدات المشروع يقول الموقع الرسمي للمشروع:
وبإستكمال الخطط والبرامج الإستثمارية لمشروع النهر الصناعي العظيم بجميع مراحله ستتمكن الجماهيرية العظمى من تحقيق الإكتفاء الذاتي في عدد كبير من السلع الزراعية الإستراتيجية الهامة والتي تستورد أكثر من (50%) منها في الوقت الحاضر ، وتصدير الفائض من الانتاج من المحاصيل الأخرى .
هذا هو رأي المؤسسة القذافية الرسمية من المشروع، فما هي حقيقته على أرض الواقع؟ لننظر.
تحت عنوان “متاعب النهر العظيم” ذكرت صحيفة BBC ما يلي:
أفادت تقارير واردة من ليبيا بأن مشروع النهر الصناعي العظيم الذي يعتبر أكبر مشروع صناعي في العالم قد بدأ يعاني من مشكلات بعد حوالي عشر سنوات من بداية تشغيله، وقد نفذ المشروع وهو الأكثر تكلفة في العالم بهدف سحب المياه الجوفية من باطن الصحراء جنوبي ليبيا وضخها في أنابيب إلى الشمال الليبي العامر بالسكان، ويقول مراسلنا نيكولاس بالام الذي زار طرابلس مؤخرا، إن النهر الصناعي العظيم قد صمم لكي يكون فخر الثورة الليبية، وكان من المنتظر أن يحيل الصحراء الليبية إلى أرض خضراء تشبه تماما العلم الليبي.
وتقوم فكرة المشروع على ضخ المياه الجوفية من وسط الصحراء عبر أربعة أنابيب عملاقة يبلغ قطر الواحد منها أربعة أمتار لتحمل ما يوازي ضعف تدفق نهر التيمز لمسافة ألف وخمسمائة كيلومترا من الجنوب إلى الشمال الليبي وقد اعتبر الزعيم الليبي معمر القذافي نهره العظيم الأعجوبة الثامنة في العالم بعد عجائب الدنيا السبع . لكن مشروع النهر العظيم لم يكتمل حتى الآن بالرغم من إنفاق ما يزيد عن عشرة مليارات دولار عليه.
فقد بدأ العمل طوال السنوات الماضية في اثنين فقط من الفروع الأربعة للمشروع، ولا يعمل أحد الفرعين سوى بنسبة عشرين بالمئة من طاقته الكاملة بينما بدأت المياه تتسرب عبر الآخر، ويقول حكيم شويدي المدير العام للمشروع إن الأنابيب في الفرع الشرقي من النهر العظيم تآكلت بدرجة كبيرة في الشهور الأخيرة، وللدرجة التي أجبرت المهندسين على إغلاق النهر العظيم ثلاث مرات.
لكن شويدي يرى أن هذه المشكلات من النوع المتوقع ويقول إن أي مشروع هندسي يمكن أن يواجه هذه المشكلات، إنه أمر عادي، فالأمريكيون مثلا استخدموا مكوك الفضاء لمدة خمس سنوات، ثم انفجر مكوك في أثناء إحدى الرحلات، لكن المسؤول الليبي ينفي معرفة الجهة التي يجب أن يوجه لها اللوم فيما يحدث، هل هي المتعاقدون الليبيون أم المصممون البريطانيون أم المنفذون الكوريون؟
ولم يشعر الليبيون بآثار التسرب الذي يحدث من النهر الصناعي حتى الآن، حيث توجد احتياطات المياه في ثلاثة خزانات تبلغ مساحة الواحد منها مساحة ملعب لكرة القدم وتكفي السكان لعدة أسابيع شهر آب عام 2000.
وتحت عنوان “الكارثة العظيمة للنهر الصناعي” قال محمد علي سالم في تقرير أعده:
مقدمة:
تشكل الصحراء 95% تقريبا من مساحة ليبيا الشاسعة والتي تبلغ مليون وسبعمائة ألف كيلو متر مربع تقريبا، أما الأراضـي الصالحة للزراعة فقد كانت 5% تقريبا، ولكنها انحسرت إلى 3% فقط بعد ازدياد موجة التصحر وإحراق الحكومة للغابات والبناء على الأراضي الزراعية، وتتمتع ليبيا بساحل طويل على البحر المتوسط يبلغ تقريبا ألف وتسعمائة كيلو متر، ولا توجد في ليبيا أنـهار وبحيرات مائية، وإنما توجد بعض الآبار و العيون المائية الصغيرة مثل عين الدبوسية وعين مارة في منطقة الجبل الأخضر، وعين وادي كعام وعين الشرشارة في منطقة الجبل الغربي، وهي عموما عيون صغيرة بالقياس إلى العيون المائية الغنية في البلدان الأخرى.
لهذه الاعتبارات السابقة ظلت ليبيا تعاني من مشكلة نقص المياه منذ زمن بعيد، وتعامل الناس معها على هذا الأساس، فقد كانت الزراعة موسمية تعتمد على فصل الأمطار في الشتاء وكانت أهم المحاصيل هي القمح والشعير والحمضيات والزيتون، أما الزراعة في الواحات فقد كانت بسيطة وتعتمد على المياه الجوفية، أما الصناعات فقد كانت محدودة جداً لعدة عوامل منها التخلف ونقص الأيدي المتخصصة وقلة الموارد والتي من بينها نقص المياه.
مشاريع زراعية فاشلة
بعد كارثة الانقلاب في 1969، وتحديدا في أوائل السبعينيات أطلق القذافي شعارات هائلة، منها الثورة الزراعية الخضراء، تحويل الصحراء القاحلة إلى جنات وحدائق، لا استقلال لشعب يأكل من وراء البحر، الاكتفاء الذاتي من الطعام إلى الدواء إلى السلاح… وأن اللون الأخضر سيعم الصحراء، وغيرها من الشعارات التي صكت وآذت أسماع الناس، وتحت غطاء هذا التهريج الثوري الممجوج بدأت عملية إهلاك الحرث والنسل.
أفادت الدراسات العلمية التي أجريت في العهد الملكي أن الموارد المائية في ليبيا محدودة وينبغي التعامل معها بحذر، وأعيدت هذه الدراسات في السبعينيات لتؤكد الحقيقة السابقة، وبأنه يجب تفادي السحب من المخزون الجوفي للمياه، واستمرار تعويض الفاقد منه، والاعتماد على محطات التحلية لمياه البحر، واتباع أساليب زراعية متخصصة متقدمة مثل الري بالتنقيط، وترشيد استهلاك المياه وغيرها من السياسات والنصائح العلمية المتخصصة.
لكن تلك الدراسات العلمية المتخصصة والأموال والجهود التي أنفقت عليها ضاعت كلها أدراج الرياح، بل عمل القذافي عكسها تماما، فبالأمر العسكري والقرار الفردي المطلق من قبل القذافي بدأ العمل بإنشاء المشاريع الزراعية الكبرى – التي لا تستند على أساس علمي ولا عملي سوى القرار الثوري – وهذه المشاريع هي؛ مشروع الكفرة والسرير ومشروع سهل جفارة ومشروع الجبل الأخضر ومشروع الجبل الغربي دفعة واحدة أوائل السبعينيات، وأطلق القذافي أيدي الثوريين في هذه المشاريع، ورصدت لها الميزانيات الضخمة التي كانت فرصة عظيمة لهم لينهبوا ويثروا من ورائها، وكانت الآلة الإعلامية القذافية تصور للناس أن هذه المشاريع سوف تحقق تلك الأهداف المرجوة، وأنـهم سيقومون بالتصدير قريبا! فماذا كانت النتيجة.
لقد ضاعت تلك المشاريع الكبرى وتساقطت سريعا؛ الواحد تلو الآخر وبدون مقدمات وبدون الحاجة للتوضيح أو التفسير، فقد تمت سرقة ونـهب الميزانيات المرصودة للمشاريع، واستنـزفت المياه الجوفية، وصفيت إدارات المشاريع وأغلقت مكاتبها ومحي اسمها من دعايات التلفزيون والكتب المدرسية، ونسيها النظام أو تناساها، وانتهى الحديث عنها إلا بالكناية والتورية المعقدة.
كارثة النهر الصناعي العظيم
لو افترضنا سلامة نوايا القذافي في ذلك الوقت ووقوعه في براثن اتباعه كما يزعم بعضهم لكان فشل تلك المشاريع كافيا في التنبيه على خطأ المسلك السابق ومحاولة تصحيح العمل في المستقبل، لكن كارثة النهر الصناعي أكدت أن الرغبة في الفساد والدمار هي المبدأ الذي ينطلق منه النظام والقاعدة المفسرة لجميع أعماله وخططه، وأن التوجه للخير لا يوجد له سند ولا دليل من واقع، وهذا ما سنلمسه لدى استعراضنا لحقيقة النهر الصناعي بكل موضوعية.
وقد دلت الدراسات الأولية التي أجريت آنذاك على وجود كميات هائلة من المياه الجوفية يمكن توظيفها بمعدل 2 بليون متر مكعب سنويا لمدة تتراوح بين عشرين إلى خمسين سنة، ولكن الدراسات أشارت أيضا إلى أن تكلفة المشروع مرتفعة جدا بما لا يتناسب والمردود المتوقع في أحسن أحواله منه، ولا يتناسب مع المخاطر المؤكدة التي تحف به.
كتبت جريدة الفجر الجديد (الرسمية) في عددها الصادر بتاريخ 13/9/1983م بالخط العريض أن قائد الثورة يطرح الخطوط الأساسية لمشروع النهر الصناعي العظيم، وأن المشروع سيمكن من نقل خمسة ملايين متر مكعب من المياه الجوفية وري 185 ألف هكتار وتربية مليوني رأس من الغنم وربع مليون رأس أبقار وإنتاج 750 ألف طن حبوب وإقامة 37 ألف مزرعة، وأن مؤتمر الشعب العام قد عقد جلسة طارئة لمناقشة المشروع، وكالعادة فقد انتهت الجلسة الطارئة بالإجماع التام على المشروع، ووصف الأمين العام للمؤتمر المشروع بأنه حضاري.
وبدأت أبواق النظام منذ ذلك التاريخ عاما بعد عام تنفخ بوصفه أنه إنجاز عظيم لصالح الشعب العظيم من تفكير وإلهام القائد العظيم، وأن الصحراء ظلت قروناً طويلة بدون ماء فلما جاء القائد الملهم استخرج لها الماء بفضل الفكر الثوري، وأنه الأعجوبة الثامنة والحل النهائي لمشكلة المياه في ليبيا، كما هو الحل النهائي لمشكلة الديمقراطية، وأن طول الأنابيب المستخدمة فيه تدور على الأرض مائة وست وعشرين مرة، وأن الشعب الليبي لن يحتاج للمطر في المستقبل، وتم الاستهزاء بصلاة الاستسقاء، وأنه… وأنه… وأنه…، إضافة للشعارات التي سبق الإشارة إليها عند الحديث عن المشاريع الزراعية الفاشلة.
تمويل المشروع
يعتمد تمويل المشروع على الخزينة العامة مباشرة، وقد أصدر القذافي أوامره بالإنفاق بسخاء على هذا المشروع، ففي حين كانت اعتمادات وميزانيات التعليم والصحة والضمان تتأخر كانت اعتمادات النهر الصناعي مفتوحة ومرنة دائما، ولكن زيادة في الإيلام ولكي يشعر الليبيون بأنـهم يحفرون قبورهم وقبور أبنائهم بأيديهم، أمر القذافي بفرض ضرائب ورسوم متعددة على الخدمات العامة مثل استخراج جوازات السفر والتذاكر وبعض السلع وغيرها من الخدمات تصرف عائداتـها لصالح النهر الصناعي.
بلغت الميزانية التقديرية الإجمالية للمشروع حوالي سبعة وعشرين بليون دولار، أما الميزانية التقديرية للمرحلة الأولى والثانية فقد بلغت خمسة عشر بليون دولار، أما الميزانية الحقيقية فلم يعلن عنها أبداً، وكان من المفروض أن يتم الإعلان عنها عند انعقاد مؤتمر الشعب العام السنوي وأن تكون في متناول المؤتمرات الشعبية الصغيرة، ليطلع الشعب عليها ويقرر ما يكون بشأنـها حسب نظرية الحل النهائي لمشكلة الديمقراطية في الكتاب الأخضر، وفي تقدير المراقبين أنـها تجاوزت الميزانية التقديرية كثيرا نظرا للتدخلات وللتغييرات المستمرة التي يأمر القذافي بإجرائها كلما تفقد المشروع وللصعوبات التي واجهت التنفيذ ولعمليات الاختلاس الرهيبة التي تمت في الأثناء.
تنفيذ المشروع
في أكتوبر من عام 1983 تم إنشاء جهاز النهر الصناعي العظيم، ووضع القذافي أحد المخلصين له على رأس هذا الجهاز، وفي الحقيقة كان هذا الجهاز أكبر وأهم من جميع الوزارات مجتمعة.
تم وضع حجر الأساس للمرحلة الأولى من المشروع في 28/8/1984م والتي تـهدف إلى توصيل المياه إلى مدينة بنغازي ومدينة سرت، وهو المقصود الأعظم من المشروع، وفي 11/9/1989م وصلت المياه إلى مدينة أجدابية، ثم وصلت مياه المشروع إلى خزان قرية سلوق قرب بنغازي في 28/8/1991م، وبعدها بيومين إلى خزان مدينة سرت في 30/8/1991م، وفي الاحتفال بـهذه المرحلة دعا القذافي المزارعين المصريين للعمل في ليبيا بدلاً من الازدحام على ضفاف نـهر النيل والدلتا!، وبدأ في المرحلة الثانية من المشروع، وهي توصيل المياه إلى مدينة طرابلس والمناطق المحيطة بـها في 26/8/1989م، وهي المرحلة الكبرى في المشروع، وتم الاحتفال بالانتهاء منها في 1سبتمبر 1996 ووصف لويس فرخان زعيم ما يسمى بأمة الإسلام هذا المشروع بأنه معجزة أخرى في الصحراء!.
تعتمد فكرة المشروع على حفر مائتين وسبعين بئرا على أعماق مئات الأمتار لنقل المياه الجوفية من الخزانات الطبيعية الموجودة في واحات الكفرة و السرير وتازربو إلى الساحل، وضخها عبر خطوط أنابيب طويلة تمتد من واحة الكفرة في الجنوب الشرقي وواحة تازربو وواحة السرير وحتى تصل إلى مدينة بنغازي وسرت وطرابلس بزعم الاستفادة منها في الشرب والزراعة، هذه المياه محصورة في خزانات طبيعية في جوف الأرض هي التي تمد الواحات في الصحراء بالمياه، وهي موجودة منذ العصر الجيولوجي عندما كانت مياه البحر المتوسط تغطي جبال تبيستي في أقصى جنوب الصحراء الليبية، وقد تم اكتشافها بواسطة شركات النفط الأمريكية التي كانت تنقب عن النفط في كل الصحراء الليبية في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات.
تبلغ خطوط الأنابيب أربعة آلاف كيلومتر، حيث تبعد مدينة طرابلس عن واحة الكفرة ألف وخمسمائة كيلومتر تقريباً، أما المسافة بين مدينة بنغازي وواحة الكفرة فهي ثمانمائة وخمسين كيلومتر تقريباً، والمسافة بين واحة الكفرة ومدينة سرت حوالي ستمائة كيلو متر، هذا بالإضافة إلى ألف كيلو متر من الخطوط الموجودة في واحة تازربو والتي تقع شمال واحة الكفرة بمائتين كيلومتر تقريباً والتي تنقل المياه في نفس الاتجاه.
المشكلة ليست فقط في طول هذه الخطوط، ولكن أيضا في نوع الأنبوب حيث يفترض أن يكون كل أنبوب من الإسمنت المسلح المعالج والمحمي بطريقة تحفظه من التآكل والحرارة والصدأ والتسرب وضغط المياه وغيرها من العوامل المؤثرة، وقد تم بناء مصنعين أحدهما في منطقة السرير والآخر في منطقة البريقة لإعداد هذا النوع من الأنابيب، ويتراوح قطر الأنبوب من نصف متر إلى أربعة أمتار، وسمكه من 40 مليمتر إلى 60 مليمتر، وفي بعض المناطق يحتاج الأنبوب إلى دفنه في خندق عمقه حوالي سبعة أمتار وإلى تغطيته بطبقة من الأسمنت المسلح، وكل ذلك ينعكس بداهة على تكلفة إعداده من سبعة آلاف دولار إلى أربعة عشر ألف دولار.
الشركات المنفذة والشركات الاستشارية
المنفذ الرئيسي للمشروع هي اتحاد شركات دوانغا D. A. C وقد قامت بأغلب أعمال المشروع، وهي مجموعة شركات كورية وغربية، و تندرج تحتها عشرات الشركات، وهي ليست من الشركات ذات السمعة العالية، كما أنـها تواجه الإفلاس حالياً رغم الأرباح الهائلة التي جنتها من المشروع؟! والتي تصب في صالح الاقتصاد الكوري والمستثمرين الأجانب في تلك الشركة، أما الشركة التي قامت بأعمال الحفر فهي شركة برازيلية مفلسة سيئة السمعة اسمها بروسبيترو، وتم التعاقد معها لأسباب غير معروفة؟، ومن ثم حصلت الشركة على هذه الفرصة الخيالية، وبعد أن حققت الكثير من المكاسب عادت للإفلاس!؟.
أما الشركة الاستشارية التي عينها المهندس القذافي لتقوم بأعمال التصميم والتخطيط و لتراقب أعمال تنفيذ العقد فهي شركة إنجليزية تملكها عائلتان يهوديتان تسمى شركة براون روت Brown & Root، تقاضت أتعابـها بنظام الساعة في المرحلة الأولى، مما جعل قيمة أتعابـها عالية جدا، أما مقابل استشاراتـها في المرحلة الثانية فقد بلغت مائة وخمسين مليون جنيه، والأسوأ من ذلك كله أن هذه الشركة ليست متخصصة في هذا المجال!، ولا تتحمل أي مسئولية تنتج عن إشرافها لا في مواجهة الطرف المتعاقد، ولا في مواجهة المقاول في حين أن الاستشاري المتخصص والمعين من قبل المقاول ليعمل لصالحه يتحمل كامل المسئولية عن إشرافه وبمقابل أربعين مليون جنيه؟.
وللعلم فإن هذه الشركات تتقاضى مقابل أتعابـها بالنفط بدلاً من العملة، ومع تدني أسعار النفط فإنه يحسب بسعر بخس، وقد تضاعفت أرباح الشركات بفضل الإعفاءات من دفع الضرائب والجمارك والرسوم وغيرها من الامتيازات التي تمنح لها من وقت لآخر بموجب قرارات استثنائية.
إضافة لذلك فإن هذه الشركات مارست أعمالها بدون رقابة ولاإشراف عليها ولا متابعة لمدى توفر الشروط والمواصفات الفنية المنصوص عليها في العقد، ولذا ظهرت كثير من العيوب في الأداء والتنفيذ علاوة على أخطاء التصميم.
مشاكل المشروع:
بعد انتهاء المرحلة الأولى في 30/8/1991م بفترة وجيزة ظهرت عدة مشاكل كان أهمها مشكلة تشقق الأنابيب، وتم استدعاء عدد كبير من الخبراء والشركات العالمية المتخصصة للتفتيش، وأشيع أنه لم يتم الاتفاق فيما بينها على سبب محدد للتشققات، وتمت تغطية الموضوع بالزعم أن هذه التشققات غير خطيرة ويمكن تشغيل المنظومة بضغط أقل جداً من المفترض عند التصميم، وأن المشروع جديد جداً وضخم جداً ومعقد جداً وغيرها من الأعذار و التلبيسات التي لا تخدم إلا المستفيدين من البقرة الحلوب، ولكن أقرب سبب محتمل للتشققات هو الخطأ في تصميم الأنابيب، يدل عليه إعادة تصميمها في المرحلة الثانية!.
أما أهم مشاكل المرحلة الثانية فهي مشكلة صدأ معظم مضخات المياه التي تكفل تدفق المياه بشكل مستمر؛ هذه المضخات تم شراؤها من شركة دنمركية متخصصة وبتكلفة عالية جداً، وقد حذرت الشركة من الاستخدام الزائد لمادة الكلور الذي يستخدم في تنقية المياه، إلا أن إدارة تشغيل وصيانة النهر الصناعي لم تلق بالاً لذلك التحذير، وقامت بتكليف مجموعة من العمال بتفريغ كميات الكلور في الآبار دون إشراف فني مما أدى إلى صدأ وتلف تلك المضخات.
ثم حدثت مشكلة أخرى وهي عندما حصل تآكل في أنابيب إحدى مناطق الجنوب نتيجة للتربة والملوحة العالية أدى إلى تسرب المياه في المنطقة دون أن يستطيع المهندسون السيطرة عليها إلى حد طفح المياه بتلك المنطقة، ونظراً لوجود عيب بالتصميم أصلاً، حيث أنه لا توجد محابس موزعة بشكل جيد على طول خط الأنابيب بحيث يتم منع تدفق المياه في حالة حصول أي عطل، فاضطر القائمون على المشروع إلى توقيف تدفق المياه من منبعها، وتزامن هذا مع احتفال دعي إليه عدد من الضيوف ليروا إنجازات الثورة فاضطروا لإلغاء البرنامج.
وتفيد الأخبار الواردة بأنه تم التعاقد مع شركة أمريكية متخصصة لإصلاح هذه الأعطال، ولم يمكن معرفة قيمة العقد، ولكنه يأتي ضمن سياسة الاستجداء القذافية للحصول على الرضا الأمريكي الغالي. وقد اكتشف مؤخرا أن مياه منطقة الجنوب الغربي (جبل الحساونة) تحتوي على نسبة عالية من مادة ثاني أكسيد الكربون المضرة بخط الأنابيب فضلا عن الاستهلاك البشري، ولذا تم بناء أبراج تنقية (محطات تحلية ) عند الآبار للتخلص من هذه المادة. كما اكتشف أيضا وجود مادة النترات السامة في الأنابيب، وقد ظهرت عدة حالات مرضية بين عامة الناس، ومن ثم أجريت عدة تحاليل للمياه أكدت وجودها إلا أن القائمين على المشروع تحت ضغط المهندس الأكبر مازالوا يراوغون ويرفضون الاعتراف بنتائج التحاليل.
هذه أهم مشاكل المشروع وما خفي كان أعظم، والأسوأ بعد كل هذه الشقاء والنكد أنه لا توجد دراسات للاستفادة الصحيحة من كميات المياه بعد وصولها، بل كان المشروع حقيقة بمثابة استنـزاف للمياه الجوفية بدون مقابل وبدون تعويض للفاقد من المخزون الجوفي، وكان حرقاً وإتلافاً للمال العام مع سبق الإصرار والترصد، وقطعاً للطريق أمام الجيل القادم الذي سيضطر إما إلى دفع نفقات هائلة في إصلاح المشروع؛ وإما إلى إنـهائه وبناء محطات تحلية ليدفع عن نفسه غائلة العطش، في حين لم يتبق من الخزانة العامة شيء، ويؤدي إلى تـهجير سكان الواحات الجنوبية إلى الشمال، وما يخلفه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة لا يعلمها إلا الله.
الإعلان المبكر للوفاة والتنصل من المسئولية:
في خطاب الانقلاب السنوي سنة 1992م قال القذافي إن مياه النهر الصناعي لا تكفي وأن الليبيين قي المستقبل سيموتون بالعطش، وأن الحل النهائي لهم هو الهجرة إلى البلاد التي بـها مصادر المياه مثل مصر وتشاد، وأنه سيمنح كل عائلة تقرر الهجرة من البلاد عشرة آلاف دولار باعتبارها حصتها من النفط، بل قال إن وجود العرب في شمال إفريقيا كان غلطة تاريخية، وأن دول المغرب العربي ليس لها مستقبل وستكون هناك كوارث على هذه الشعوب أساسها العطش.
وكعادة القذافي في التنصل من المسئولية؛ قال في اجتماع له مع مدراء المشروع بكل وقاحة أنه لا علاقة له بشيء مما حدث وأن المشروع مشروعكم، وهو مشروع فاشل، وقد سبق له النصيحة دون فائدة!؟، وهذا الإنكار ليس غريباً عن القذافي فقد سبق له إنكار علمه بالمسيرة الوحدوية الكبيرة في عام 1973، وأنكر علمه بدخول الجيش الليبي إلى تشاد عام 1980م، وأنكر علمه بإعدام الأبرياء في شهر رمضان المبارك في المدينة الرياضية في بنغازي عام 1987م، على كل حال فقد أمر وسائل إعلامه بعدم تسميته بمهندس النهر الصناعي، وإلغاء بث مشاهد ومناظر من النهر الصناعي في التلفزيون كانت تعرض يومياً قبل نشرة الأخبار، وإلغاء الأغاني التي يمجد فيها النهر الصناعي ومهندسه، وكلها تصور القذافي وهو يضع حجر الأساس أو يوجه المهندسين أو يشرف على العمل، وتم استبدال تلك المناظر بعرض صور لمصنع الحديد والصلب في مصراتة، والذي يحتوي على قصص أخرى من الفساد، أو استبدالها بعرض صور لمشروع السكك الحديدية المزمع إقامتها، وهي كارثة أخرى ولكنها لن تفوق كارثة النهر الصناعي!.
إيداع المهندسين المخلصين في السجن:
لعله من تمام المعرفة بـهذا المشروع أن يعلم القارئ الكريم أن عدداً من المهندسين الأفاضل ممن جمعوا بين التخصص والخبرة والنـزاهة والأمانة كانوا يشتغلون بالمشروع بإخلاص وكفاية يقللون من خسائره ما استطاعوا، ويمنعون الشركات الأجنبية التي تتنافس على هذه القصعة الملأى بالغش والتلاعب، إلا أن هؤلاء الأفاضل الكرام سجنوا منذ حملات الاعتقال الرهيبة في مايو 1995م وعذبوا أشد التعذيب حتى الآن، بل ويخشى احتمال وفيات بعضهم، نذكر منهم:
1 – الدكتور جمال توفيق الورفلي، أستاذ الكيمياء بكلية العلوم، جامعة بنغازي، ومستشار بإدارة النهر الصناعي، وعضو جمعية البيان للعلوم، ومستشار بمدرسة المتفوقين.
2 – المهندس توفيق بن عمران.
3 – المهندس مصطفى محمد الشريف الخبير المتخصص في المعادن.
4 – المهندس سليمان المسماري.
5 – المهندس عارف بدر الكاديكي.
6 – المهندس إدريس حسين الشعافي.
7 – المهندس أحمد أبو سنينة.
8 – المهندس خالد عبد المنعم الزياني.
وهؤلاء ضمن آلاف من السجناء الذين تجاوز مدة سجن بعضهم سنوات سجن مانديلا صديق القذافي، والذين تنتشر بينهم الأمراض المتعددة، وفي أسوأ أحوالهم من حيث التعذيب والإذلال اليومي، ولكي يتصور القارئ أوضاعهم فإن السجين يلقى في السجن بدون تـهمة ولا محاكمة ولا زيارة، ولا يعرف عنه أهله وذووه شيئاً حتى مكان اعتقاله، بل يزجر ويهان من يتجرأ ويسأل عنه، إذا لم يعتقل، وأكثر السـجناء من أبناء الصحوة الإسـلامية على اخـتلاف توجهاتـهم .
هوامش التقرير
1 – أعمال ندوة النمو الحضري عام 92م جامعة بنغازي.
2 – مقال الجريمة الكبرى إهدار المال و الماء ،محمد شعبان، مجلة الإنقاذ عدد 43 يوليو 1993.
3 – مقال قراءة في خطاب سبتمبر1992م ، سالم نوح، مجلة الانقاذ عدد42 نوفمبر 1992م.
4 – زار القذافي ذات مرة أحد مواقع المشروع في الصحراء فأمر بإحداث فتحة في الأنابيب ليتسنى للإبل الشرب من النهر إذا مرت من ذلك المكان، فتم له ما يريد، ولكن من يدفع الحساب!.
5 – هو محمد المنقوش والذي كان يتولى العديد من المناصب، وتولى فيما بعد أمانة اللجنة الشعبية العامة.
6 – يتركب الأنبوب من طبقات متعددة من الإسمنت المسلح والقطران والحديد غير قابل للصدأ. 7 – ليت شعري ماذا سيستفاد من هذه المصانع بعد فشل المشروع.
8 – لم يتم توزيع عائدات النفط على الشعب المسكين، بل تم جلب و توزيع ونشر الفقر وأمراض الإيدز والسل والملاريا وغيرها.
9 – لا تنس أنه القائد المسلم فضلاً عن كونه أمين الوحدة العربية ورائد القومية العربية!
10 – أفادت وكالة الأنباء الليبية بإطلاق سراح ألف سجين في ذكرى الانقلاب 1/9/2000م، مؤكدة أن الزنادقة لا يشملهم هذا العفو، ووصف الزنادقة استعمله القذافي ووسائل إعلامه للإشارة إلى الإسلاميين!، ألا لعنة الله على من تزندق! مصدر التقرير:
http://www.ye1.org/vb/showthread.php?t=4421
الخلاصة:
في خطاب الانقلاب السنوي سنة 1992م قال القذافي: إن مياه النهر الصناعي لا تكفي وأن الليبيين قي المستقبل سيموتون بالعطش، وأن الحل النهائي لهم هو الهجرة إلى البلاد التي بـها مصادر المياه مثل مصر وتشاد.
لتحليل هذا الاعتراف من القذافي على حقيقة المشروع، من خلال عرضه على العلوم الفنية والهندسية والهيدروجيولوجية على وجه الخصوص، ندرك أن القذافي يعلم تماماً هذه الحقيقة مسبقا، وان مياه النهر الصناعي لا تكفي وأن الليبيين قي المستقبل سيموتون من العطش، وقد أصر على تنفيذ هذا المشروع المدمر، بل وسجن كل من حاول التقليل من الفساد المحيط به أثناء التنفيذ كما رأينا سابقا. كيف ذلك؟
بالرجوع الى موقع المشروع الرسمي، يتبين لنا أن ليبيا من الدول الفقيرة في موارد المياه السطحية، وقلة الأمطار. أما المياه الجوفية فهي متوفرة في باطن الأرض نتيجة التغذية الطبيعية لتلك الخزانات على مدار ملايين السنين، أي أن المخزون الجوفي الكبير كان بحاجة إلى أمرين اثنين، تحقق أمطار غزيرة على الأرض الليبية، ومرور ملايين السنين. أما الأمطار الغزيرة فقط كانت مساحة الأراضي الليبية والمحيطة بها في الزمن الجيولوجي القديم واقعة بسبب الانزلاقات المتكررة للقشرة الأرضية على طبقة المانتل (الوشاح) اللدنة، كانت في مناطق رطبة جدا واستمرت كذلك على مدار سنين طويلة مما أدى إلى شحن مياه الأمطار طبيعيا في خزاناتها الأرضية بكميات كبيرة. وما قام به القذافي ما هو إلا استنزاف جائر وسريع جدا جدا لتلك المياه بلا جدوى اقتصادية ناجحة، لذا تراه قد أطلق على المشروع رصاصة الموت بنفسه، فهو يعلم أنه بهذا المشروع المقنّع (بتشديد النون) إنما يعمل على استنزاف هذا المخزون الكبير من المياه العذبة سنويا وبلا تعويض لقلة مياه الأمطار مما سيضطر الليبيين مستقبلاً إلى الهجرة من بلادهم كما قال للبحث عن شربة الماء.
فلم يقوم القذافي بتدمير ليبيا بهذا الشكل وهو يعلم؟ تذكر جيدا أن القذافي يهودي اشتراكي فاطمي. والعاقل يدرك المقصود.
9/4/2011