حين يكرر القرآن الكريم انه بالتقوى يكمن سر النجاة في الدنيا والآخرة، وبها يكون النصر والعز والتمكين للامة؛ فهذا حق لا مرية فيه.
ولكننا نرى اليوم حالا لا يرضينا ولا تطمئن له قلوبنا فلماذا؟
هل لعدم وجود التقوى ابتداء، ام لقلة نسبة تحقيقها في الامة، ام لوجودها في الامة ولكن لقلة نوعيتها؟
يجب العلم بان التقوى كغيرها من المصطلحات كالايمان والاسلام والاحسان؛ منها الكامل ومنها الناقص ومنها الاكمل.
وعليه؛ فأيما امة امتلكت التقوى الكاملة، او التقوى الاكمل؛ فانها لا شك منصورة، مسددة، ناجية، هادية، مهدية، تتطلع لحسن مكانتها الامم وتتمنى منزلتها وحضارتها ورقيها وعدلها.
فمن لوازم التقوى الكاملة، او الاكمل؛ ان يجعل الله للامة، او علمائها ودعاتها وقادتها؛ فرقانا تفرق به بين الحق والباطل، خاصة في المواقف الملتبسة بين الخير والشر، فتفرق بين خير الخيرين، فتختار اعلاهما ان تعذر الجمع بينهما. وتفرق بين شر الشرين فتدفع الشر الاكبر بالاصغر، ان تعذر دفعهما جميعا.
وبمثل هذه التقوى الكاملة؛ تفرق الامة بين الاعداء، فتدفع العدو الاكبر بالعدو الاصغر ان تعذر دفعهما معا. وتفرق بين الاصدقاء فتتحالف مع الصديق الاكبر ان تعذر التحالف معهما جميعا.
قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) الانفال.
وقال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمً).
فاي شخص مسلم لم ير ان الشرق هو الاشد خطرا على هوية الامة وعقيدتها واموالها واعراضها وعلى الانفس والثمرات من جهة، ولم ير ان الغرب هو الاقل خطرا؛ فهو تقي ناقص التقوى حتى يقوم بمراجعات يحسن فيها فهم كلام الله ورسوله وفق مقاصد الشريعة والقواعد الكلية للفقه واصوله من جهة. ثم يقرأ الواقع قراءة دقيقة ليتعرف على درجات الاعداء ودرجات الاصدقاء.
ولأجل الوصول لرؤية سديدة للتفريق بين الاعداء والاصدقاء مستندة لمقاصد الشريعة واصولها وشواهد من الواقع؛ انصح بقراءة كتابي: (المنابر الاعلامية بين تجاهل الخطر الاشتراكي وظاهرة معاداة امريكا).
هذا والله اعلم.
عدنان الصوص