شكلت الفترة الماضية في الأزمة السورية مرحلة مراوحة مملة وتردد غربي وعربي في الدعم المتقطع للجيش السوري الحر، وكان ذلك أيضا بسبب الاضطرار للاهتمام العالمي بالوحش الداعشي، غير أن انقلاب الحوثيين مؤخرا في اليمن بدأ بقلب كل الموازين لينتهي الأمر بتصرحات ديفيد بترايوس قائد الجيش الأمريكي في العراق سابقا، بأن الخطر الإيراني أكبر من الخطر الداعشي، وهو قائد عسكري له تصريحات متميزة من العيار الثقيل كل فترة.
نقطة انعطاف إيجابية للدول العربية:
شكلت حالة التردد الغربي إزاء المخطط الإيراني ضد المنطقة العربية والخليج، وإزاء المذبحة الأسدية المتواصلة ضد الشعب السوري نقطة انعطاف رئيسة في سياسة دول الخليج والعرب عموما في السنتين الأخيرتين، حيث اقتنعوا بالتأقلم على الاعتماد على أنفسهم سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وحتى عسكريا، وبخاصة السعودية والتي صارت مركز الثقل العربي بعد غياب مصر، ثم كانت مرحلة تسلم الملك سلمان وما قام به من تغييرات كبيرة وسريعة فيها مزيد من تفعيل الاعتماد على النفس والاتجاه إلى صيغة ممكنة من التعاون العربي المشترك ولو جزئيا في ظل التهديدات والتحديات الإقليمية المصيرية غير المسبوقة من إيران وداعش والتعنت الإسرائيلي والتراخي الأمريكي.
فوائد عاصفة الحزم ضد الحوثيين على الحالة السورية:
في ظل هذه المقدمة المختصرة، يمكن النظر بعين من الأمل والتفاؤل إلى الحالة السورية المأساوية، لأن حل مشكلتها يشكل أهمية قصوى واستراتيجية للدول العربية ودول الخليج، وقد بدأ القطار بالمحطة اليمنية لأنها كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، ولأنها أقرب خطرا عليهم، ولأنه من الأسهل لهم القضاء على النفوذ الإيراني الحوثي في مهده.
إننا الآن برأيي ندخل عصر عربي جديد، فقد شكل الربيع العربي لدول الخليج والدول الباقية على استقرارها حافزا لإطلاق صيغ من الإصلاحات برغم أنها بطيئة لأنها واقعية لكنها فعالة على المدى المتوسط والبعيد لأنها تراعي النواحي الإقليمية، والأهم أنها تتضمن وضع أطر إتحاد عربي على أسس جديدة غير تلك التي قامت عليها الجامعة العربية، وهي أسس أغلبها اقتصادية حديثة ولا تقوم على فكرة القومية التي لم تنجح في عالمنا العربي.
إنهم الآن يعملون لتحقيق نهضة اقتصادية وإصلاحية تقنع الشعوب العربية بما فيه الكفاية بالكفّ عن الربيع العربي، وهم مضطرون إلى ذلك بالنظر إلى أن هذه مصلحة مشتركة بين الأنظمة والشعوب، لأن بقاء الاستقرار يحفظ الاقتصاد ويحمي الدول من النتائج العكسية للثورات ومن خطر سقوطها فريسة في أحضان داعش من جهة أو المشروع الإيراني من جهة أخرى، غير أنه لم تعد يكفي الشعوب مجرد تخويفهم من ذلك، فقد صار لزاما العمل الحقيقي والتحرك، وفي طريقهم إلى هذا سيكون حتما عليهم حل الأزمة السورية وإنهاء معاناة الشعب السوري والقضاء على داعش.
ولهذا أنا أعتقد أننا على موعد جديد ومختلف لعاصفة حزم كبرى ليس فقط ضد الأسد الذي أحضر احتلالا إيرانيا رسميا إلى سوريا، بل حتى ضد المشروع الإيراني برمته، ولا أستبعد حتى أن يشتمل ذلك على عمل عسكري ضد إسرائيل في حدود تحرير المناطق الفلسطينية المعترف بها دوليا لإنهاء احتلالها منذ خمسين عاما، والذي دعا أوباما إسرائيل إلى ذلك بتصريح مفاجئ، لإقامة الدولة الفلسطينية التي بحجتها تسرح إيران والمقاومة المزيفة وتمرح على حساب الشعوب العربية.
زاهر طلب
كاتب ومفكر