حقيقة الاستغاثة الصوفية بالأولياء والأقطاب!

مجموعة من الصوفية وفيهم وليّ (قطب غوث) كما يزعمون.. ركبوا سفينة، فجاءها الموج من كل مكان وأيقنوا أنه أحيط بهم، فاستغاثوا قبل غرقها بهم جميعاً….
فهل استغاثوا بالله وحده أم بالقطب الغوث الذي هو معهم؟

▪فإن قيل استغاثوا بالقطب الغوث وهو هالك معهم، فهذه أشنع من حالة الكفار الذين قال الله تعالى فيهم في سورة (العنكبوت – 65):(فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ).

وقوله تعالى في سورة يونس ٢٢:
(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ).

▪وإن استغاثوا بالله وحدة وتركوا الاستغاثة بالقطب الغوث، فقد نقضوا اعتقادهم بأنفسم، إذ تركوا الاستغاثة بالقطب رغم انه معهم ويسمع كلامهم ولكنهم يدركون انه لا حيلة له ولا وسيلة لانقاذ نفسه هو وإنقاذهم.
فما بالهم لا يعتبرون بهذا؟!!!

ووالأغرب…
كيف بهم يستغيثون بالقطب الميّت الذي لا يسمع كلامهم ولا يدري ما فعلوا بعده.
(إنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب…. )الآية.

عدنان الصوص

فتوى فيمن يدعي أن ثم غوثا وأقطابا وأبدالا

فصل
▪ولفظ الغوث والقطب في حقّ البشر لم يَنْطِق به كتابٌ ولا سنة، ولا تكلَّم به أحدٌ من الصحابة والتابعين لهم بإحسان في هذاْ المعنى، بل غِياثُ المستغيثين على الإطلاق هو الله تعالى، كما قال: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (٣).
ولم يجعل الله أحدًا من الخلق غوثًا يُغِيث الخلقَ في كُلِّ ما يستغيثونه فيه، لا مَلَك ولا نبي ولا غيرهما. بل في الصحيحين (٤) أنّ النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “لا أُلْفِيَنَّ أحدَكم يأتي يومَ القيامةِ على رَقَبتِه بعيرٌ له رُغَاءٌ، فيقول: يا رسولَ الله أَغِثْني أَغِثْني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئًا. يا عباس عمِّ قد أَبلغتك”.
وهذا كقوله (٥): “يا فاطمةُ بنت محمد، لا أُغنِي عنكِ من الله شيئًا؛ يا عبّاسُ عمَّ رسول الله، لا أُغنِي عنكَ من الله شيئًا؛ يا صفيّهُ عمّةَ رسولِ الله، لا أُغنِي عنكِ من الله شيئًا، سلوني ما شِئتم”. وهذا من تأويل قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} (٦).
وقد يكون بعض الناس سببَا لشَرٍّ يَندفع في بعض الأمور، فيقال: فلانٌ يَستغيثُ بفلانِ، كما قال تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) (١). هذا كلفظ النصر والرزق والهُدى، فاللهُ هو الهادي النصير الرازق، وليس هذا النعتُ على الإطلاق لأحدِ إلاّ لله وحدَه، لا لملَكٍ مقرَّب ولا نبي مُرسَل. لكن من الخلق من يكون سببًا في رزقِ أو هُدَى أو نَصْرِ يَحصُل لغيرِه، وهو في ذلك سبب، لا يَستقِل بالحكم، بل لابُدَّ معَه من أسباب أُخَر، ولابُدَّ من مَوَانِعَ يَدفعُها اللهُ، وإلاّ لم يَحصُل المطلوب. وأما أَن يكون بشرٌ أو مَلَكٌ يُغِيث الخلقَ في كلِّ ما يستغيثونَ فيه بالله، فمن ادَّعَى هذا فهو أكفرُ من النصارى من بعض الوجوه، فإنّ أولئك قالوا: إنّ الله هو الذي يُغِيث، لكن زَعَموا أنِّه اتَّحدَ أو حَلَّ في المسيح، وهذا جَعلَ بعضَ المخلوقاتِ يَفعل ما يَفعله الخالق. ومن زعم أنَّ ثَمَّ غَوثًا يكون على يديه ما يُنزِله الله من هُدَى ونَصْرِ ورزقِ، فقد افْتَرى على الله، ليس ما ينزله الله في ذلك على عبادِه لشخص واحد.
☆ومن ضلال بعضِ هؤلاء أنهم يجعلون الغوثَ مقيمًا بمكةَ دائمًا.
فيقال لهم: مَن هذا الغوثُ الذي كانَ غِياثَ الخلقِ على عهد رسولِ الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وخُلَفائِه الراشدين، ولم يكن أحدٌ منهم مقيمًا بمكّةَ؟ ومن كان بمكَّةَ مَن هو أفضلُ من الرسولِ وخلفائِه؟ وهؤلاء من جنس قولِ الإفرنج في “الباب”، فإنهم يَدَّعون فيه نحوًا من ذلك.
▪وأما لفظ “القطب”، فما دارَ عليه أمرٌ من الأمور قيل: إنه قُطْبُه، كقطب الرَّحَا وقطب الفلك. فمن كانت له مرتبة من إمارةٍ أو علمٍ أو وقد يكون بعض الناس سببَا لشَرٍّ يَندفع في بعض الأمور، فيقال: فلانٌ يَستغيثُ بفلانِ، كما قال تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) (١). هذا كلفظ النصر والرزق والهُدى، فاللهُ هو الهادي النصير الرازق، وليس هذا النعتُ على الإطلاق لأحدِ إلاّ لله وحدَه، لا لملَكٍ مقرَّب ولا نبي مُرسَل. لكن من الخلق من يكون سببًا في رزقِ أو هُدَى أو نَصْرِ يَحصُل لغيرِه، وهو في ذلك سبب، لا يَستقِل بالحكم، بل لابُدَّ معَه من أسباب أُخَر، ولا بُدَّ من مَوَانِعَ يَدفعُها اللهُ، وإلاّ لم يَحصُل المطلوب.
☆وأما أَن يكون بشرٌ أو مَلَكٌ يُغِيث الخلقَ في كلِّ ما يستغيثونَ فيه بالله، فمن ادَّعَى هذا فهو أكفرُ من النصارى من بعض الوجوه، فإنّ أولئك قالوا: إنّ الله هو الذي يُغِيث، لكن زَعَموا أنِّه اتَّحدَ أو حَلَّ في المسيح، وهذا جَعلَ بعضَ المخلوقاتِ يَفعل ما يَفعله الخالق. ومن زعم أنَّ ثَمَّ غَوثًا يكون على يديه ما يُنزِله الله من هُدَى ونَصْرِ ورزقِ، فقد افْتَرى على الله، ليس ما ينزله الله في ذلك على عبادِه لشخص واحد.
ومن ضلال بعضِ هؤلاء أنهم يجعلون الغوثَ مقيمًا بمكةَ دائمًا.
فيقال لهم: مَن هذا الغوثُ الذي كانَ غِياثَ الخلقِ على عهد رسولِ الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وخُلَفائِه الراشدين، ولم يكن أحدٌ منهم مقيمًا بمكّةَ؟ ومن كان بمكَّةَ مَن هو أفضلُ من الرسولِ وخلفائِه؟ وهؤلاء من جنس قولِ الإفرنج في “الباب”، فإنهم يَدَّعون فيه نحوًا من ذلك.
▪وأما لفظ “القطب”، فما دارَ عليه أمرٌ من الأمور قيل: إنه قُطْبُه، كقطب الرَّحَا وقطب الفلك. فمن كانت له مرتبة من إمارةٍ أو علمٍ أو دينٍ فهو قُطبُ تلك الأمور التي دارت عليه، فالمَلِك قطبُ المُلْك، والوالي قُطب الوِلاية، ونحو ذلك. وقطبُ الدين الذي يُؤخذ عنه ولا يزاحِمه أحدٌ هو محمد – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن الصالحين مَن يُجرِي الله على يَدَيهِ من الخير ما يكون قطبَ أمته.
☆وأما أن يكون للوجودِ قطبٌ يدورُ عليه أمرُه، به يَنزِلُ المطَرُ مطلقًا، وبه يَحصُل الهُدى مطلقًا، وبه يَحصُل النّصرُ مطلقًا، فهذا لا يكون لمخلوقٍ البتةَ، ولكن قد يكون من المخلوقين من يَحصُل به ما يَحصُل من نَصْر ورزقٍ وهُدًى، كما قال النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “وهل تنصَرون وتُرْزَقون إلاّ بضعفائِكم، بدعائهم وإخلاصهم وصلاتهم؟ ” (١).
…. الخ.
——–
المكتبة الشاملة: كتاب جامع المسائل – ابن تيمية

حقيقة الاستغاثة الصوفية بالأولياء والأقطاب!
تمرير للأعلى