حقيقة الدعاية الروسية والصينية لتعدد الأقطاب الدولية

في العالم الماضي، تم الترويج بشكل متزايد لفكرة تعدد الأقطاب كحل للتغلب على النظام الأحادي القطبية والهيمنة الغربية. ومع ذلك يبدو أن هذه الفكرة تستخدم بشكل متزايد كغطاء لتبرير سلوك عدواني واستبدادي من قبل بعض الدول خاصة روسيا والصين. في هذا المقال، سنتحدث عن الدور الذي تلعبانه روسيا والصين في استغلال وتشويه فكرة تعدد الأقطاب، والتأثيرات السلبية لسلوكهما العدواني والاستبدادي على السلام والاستقرار الدولي وحقوق الإنسان. كما سنناقش الطرق التي يمكن للمجتمع الدولي من خلالها مواجهة هذه التحديات والدفاع عن قيم ومبادئ الإنسانية والتنمية والعدالة.

نتائج الاستبداد الروسي والصيني
في العقود الأخيرة، شهدنا العديد من الأمثلة على التصرفات الإجرامية والاستبدادية من قبل روسيا والصين. فروسيا قامت باحتلال الشيشان وإلغاء استقلالها ودمرت مدينة غروزني سنة 1999. كما قامت بالتدخل في سوريا بحجة المحافظة على الاستقرار وتحدي القطب الغربي الواحد سنة 2015. ولا ننسى قبل ذلك احتلال أوسيتيا في جورجيا سنة 2008، وغيرها من الأمثلة التي تظهر استخدام روسيا للقوة العسكرية لفرض إرادتها على الدول الأخرى. وبالنسبة للصين، فقد شهدنا تدخلها في شؤون هونغ كونغ وتايوان، واستخدامها للقوة والتهديدات لفرض سيطرتها على المناطق الإستراتيجية في بحر الصين الجنوبي. كل هذه الأمثلة تظهر أن روسيا والصين لا تهتمان بالسلام والاستقرار الدولي، بل يهتمان فقط بتعزيز مصالحهما الاستعمارية الخاصة ومحاولة فرض الهيمنة الشيوعية الجديدة على العالم.

الأضرار التي لحقت بالشعوب المتأثرة بالتدخلات الروسية والصينية
تلحق التدخلات الروسية والصينية أضرارًا جسيمة بالشعوب والدول التي تتعرض لها. فمن جهة، نجد عشرات الآلاف من الأرواح البريئة التي تُزهق بسبب العنف والحروب التي تشنها روسيا والصين ضد الشعوب والدول التي تريد السيطرة عليها. كما نجد تدميرًا واسعًا للكثير من المدن والقرى والبنية التحتية، وكذلك انهيارًا للعملات الوطنية والاقتصاد في معظم الدول التي خضعت للنفوذ الروسي والصيني. هذه الأضرار تؤثر سلبًا على حياة الناس وتعطل التنمية والازدهار في هذه الدول وفي العالم ككل، فأين فائدة تعدد الأقطاب في ذلك؟

عدم وجود أثر إيجابي للتدخلات الروسية والصينية على السلام العالمي
على الرغم من الادعاءات التي تقدمها روسيا والصين بأن تدخلاتهما تسهم في السلام العالمي، إلا أن الحقيقة تظهر عكس ذلك. فبدلاً من المساهمة في السلام الدولي، نجد أن التهديدات بحرب عالمية ونووية تتصاعد منهما كأحد أبرز التصرفات العدوانية لروسيا والصين. لذلك، يجب أن نتساءل عن ما نستفيد من صراعات الأقطاب الدولية المزعومة إذا كانت تؤدي إلى المزيد من العنف والتهديدات وعدم الاستقرار على المستوى العالمي؟

دور المجتمع الدولي في مواجهة تحديات فرض السيطرة الروسية والصينية
من الواضح أنه للأسف لا يوجد دور كبير وفعّال يمكن للمجتمع الدولي القيام به لمواجهة تحديات فرض السيطرة الروسية والصينية ممثلاً بمجلسي الأمن وجمعية الأمم المتحدة. ومع ذلك، يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب القيام بالكثير للتصدي لهذه التحديات. ومع أن ذلك قد يؤدي إلى المزيد من الحروب والصراعات، إلا أن السكوت على التمدد الروسي والصيني والسماح لهما بالسيطرة على الدول والشعوب وتدمير التنمية والحضارات البشرية ليس خيارًا مقبولًا في ظل ما نرى ورأينا من نتائج ذلك عبر أكثر من قرن. ويجب أن نعمل معًا لمواجهة هذه التحديات والدفاع عن القيم والمبادئ التي نؤمن بها والتي تشمل احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان والتعاون الدولي.

تعدد الأقطاب الحقيقي
أمام هذا المشهد العالمي والإقليمي وما يترافق معه من تهديدات وتغيرات، فإن تعدد الأقطاب الحقيقي يعني أن يعمل المجتمع الدولي معاً لحماية السلام العالمي وما يحمل من تهديدات مثل فيروس كورونا على الصحة العالمية والتهديدات الأمنية من روسيا والصين. يجب أن نعمل معاً لتوحيد المواقف ووضع خطط واستراتيجيات واضحة للتعامل مع هذه التحديات. ويجب أن نتذكر أن تعدد الأقطاب الحقيقي يعني العمل معاً لحماية السلام والاستقرار الدولي وحماية حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. ويجب أن نعي أيضًا أن تعدد الأقطاب الحقيقي يتطلب احترام القانون الدولي والتعاون الدولي والعمل على حل النزاعات بطرق سلمية.

في ختام المقال، يمكن القول أن فكرة تعدد الأقطاب كما يروج لها روسيا والصين هي مجرد ذريعة لتمرير مصالحهم وتحقيق أجنداتهم على حساب الشعوب والدول، ويجب ألا نقبل التغطية المزيفة التي يدعون إلى حماية الشعوب والدول!

زاهر طلب

 

حقيقة الدعاية الروسية والصينية لتعدد الأقطاب الدولية
تمرير للأعلى