نشرت دورية “استشراف” ملخصاً عن الدراسة الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية بعنوان مخطط “إسرائيل 2020” عقب ربع قرن
قراءة في كتاب إسرائيل 2020، عن خطتها التفصيلية لمستقبل الدولة والمجتمع، حيث لخصتها في تسع صفحات هذه الدراسة، لكن من الجيد أيضاً تلخيص أهم وأبرز النقاط التي تهم القضية الفلسطينية وكذلك الفكر التنموي والنهضوي.
ففي حين بدأت كثير من الدول العربية بوضع خطط ورؤى مستقبلية مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030، ورؤية الأردن 2025، كانت إسرائيل قد وضعت من فترة سابقة مثل هذه الرؤى ليس فقط بما يتعلق باحتلال مزيد من اﻷراضي الفلسطينية والعربية، ولكن بشكل أيضاً فيما يتعلق بالتخطيط التنموي الذي أوصلها إلى مصاف الدول المتقدمة، وإنه لحري بنا كعرب أن نعمل على خلق نهضة أكبر إذا كنا حقاً معنيين بالتفوق عليها وتحرير اﻷرض العربية.
ما هي رؤية إسرائيل 2020؟
هي خطة مفصلة صدرت عن معهد إسرائيل للتكنولوجيا، وضعتها إسرائيل حوالي سنة 1995 كمخطط مستقبلي لتطوير الدولة والوصول بها إلى مستوى الدول الصناعية بحلول سنة 2020، حيث كانت خطة طموحة تستغرق حوالي ربع قرن، شارك في وضعها أكثر من 250 متخصص من مختلف المؤسسات والوزارات والجهات اﻷكاديمية، باﻹضافة إلى عدد من الخبراء اليهود حول العالم، ووصل حجمها إلى سبعة عشر مجلداً.
قام مركز دراسات الوحدة العربية بدراسة هذه الرؤية، مع التركيز على الاستيطان والمصادر الطبيعية والديمغرافيا البشرية، ويرى أنها تعتمد على سيناريو سلام عربي إسرائيلي، كما نشر المركز بعضاً من محتوى هذه الرؤية في أربع مجلدات كما يلي:
- الجزء الأول : الإطار السياسي للعام 2020.
الجزء الثاني : معضلات التخطيط في محيط يسوده السلام.
الجزء الثالث : التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط.
الجزء الرابع : إسرائيل في محيط يسوده السلام : انعكاسات تخطيطية أساسية.
تحتوي رؤية إسرائيل 2020 على ثلاثة محاور رئيسة:
- احتمالات استتباب اﻷمن أو استمرار الحروب.
- شروط وإمكانات الوصول إلى مستوى الدول الصناعية الثمانية.
- أفضل علاقة بين إسرائيل والشتات اليهودي، هل هي بالهجرة إليها أم بدعمها من الخارج.
وقد قام الخبراء بوضع أربعة احتمالات لكل حالة حسب ما يلي:
- بقاء الوضع على حاله.
- تحقق سلام شامل.
- التراجع والتدهور.
- الاحتمال اﻷرجح.
المشكلة الديمغرافية
على الرغم من تخطيط إسرائيل لزيادة عدد سكانها من 5 مليون سنة 1995 إلى 8 مليون سنة 2020 عبر الهجرات وقليل من التكاثر، إلا أنه في الواقع فإن العرب الفلسطينيين قد تساووا في العدد معهم في سنة 2020 رغم كل التهجير السابق، حيث يوجد مليونين داخل أراضي سنة 48 وستة ملايين في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما تحدثت الرؤية عن الترجيح بين فائدة استمرار هجرة اليهود من الشتات لإسرائيل بين بقائهم في بلادهم اﻷصلية وبين الاستفادة من قدراتهم ونفوذهم لدعم دولة إسرائيل.
إسرائيل والدول الثماني الصناعية
يُعتبر وصول إسرائيل إلى مستوى الدول الثمان الصناعية أحد اﻷهداف الرئيسة لسنة 2020، وذلك بالاستفادة من التطوير التكنولوجي لدعم الاقتصاد والقوة العسكرية، ولتحقيق قفزة نوعية فيه من أجل مضاعفة الدخل القومي السنوي، وهو اﻷمر الذي تحقق بالفعل.
وقد تمت بالمقارنة مع أربع مسارات للدول، كما يلي:
- الدول الهامشية صناعياً.
- مسار أوروبا الغربية.
- مسار الولايات المتحدة.
- مسار اليابان.
وقد وقع الاختيار على المسار اﻷوروبي لقربه الجغرافي من إسرائيل، مع بقاء المخاوف الديمغرافية عائقاً في سبيل الوصول إلى ذلك.
السلام والحرب
ويُعتبر هذا البند من أهم البنود، حيث يتحدث عن السلام كأمر مفترض أن يتحقق، ولا يتناقض ذلك مع رفض إسرائيل عملياً لعملية السلام، ﻷن السلام الذي يتحدثون عنه في المخطط هو أمن إسرائيل مع احتفاظها بمخططاتها الاستيطانية ورفض عودة اللاجئين وإعادة عن القدس، وهم مضطرون لإظهار رغبتهم بالسلام في الوثائق والخطابات الرسمية ليضمنوا بقاء الدعم الغربي وتدفق الاستثمارات الغربية، وليس ﻷنهم حقاً يريدون السلام، بدليل رفضهم كافة المبادرات والمفاوضات والمماطلة فيها.
بعد ربع قرن ما الذي تحقق؟
لقد تحقق العديد من جوانب المخطط سواء بارتفاع سكان إسرائيل، وزيادة دخلها القومي، وتحولها إلى دولة صناعية متقدمة، ولكن حصلت انتكاسات كثيرة في التوزيع الديمغرافي لصالح العرب، كما فشلت إسرائيل في فرض رؤيتها الفوقية للسلام وفي جذب استثمارات كبيرة بسبب تعنتها في عملية السلام الدولية، ولذلك يُعتقد أن خطة صفقة القرن قد تكون هي البديل المكمل. ولكن ماذا بقي من صفقة القرن بعد رحيل ترامب ومجيء الإدارة الأمريكية الجديدة؟
زاهر طلب
26/10/2021